|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
|
#1
|
|||
|
|||
السيستم شابك في بعضه
«السيستم شابك في بعضه»! مأمون فندي اكتب من مصر المحروسة، واسجل بعض ملاحظاتي كزائر حول مجموعة من الظواهر في واحدة من اكبر الدول العربية، ظواهر ظاهرها خفيف، وباطنها خطر على الدولة والمجتمع، اكتب عن مدرسة «لما نشوف» كمفهوم حاكم لسلوك من هم في المعارضة ومن هم في الحزب الوطني، اكتب عن «متدين ع الهواء»، وعن التبرع بالاعضاء ـ ليس اعضاء البشر، وانما اعضاء الحزب في البرلمان، عن احزاب مريضة، وعن الشارع الذي يتمدد إلى في الجامع، وعن «السيستم System، اللي شابك في بعضه»، وعن اللغة الجديدة التي يتحدثها الشباب التي تبدو كلغة ثانية غير العربية التي يتحدثها الكبار. على الهواء قالت مذيعة مصرية «أنا ست متدينة» كبداية لحديثها، لافتة نظري الى موضوع «التدين ع الهواء» الذي يسيطر على المجتمع المصري اليوم، فهذا ناشط اسلامي يدخل استديوهات القناة اياها لابسا الجاكيت من فوق على قميص راق، مطلق للحية وحاف للشارب، كل ذلك حتى الوسط، اما اسفل الجاكيت فبنطلون جينز من «لي فايز» وحذاء للمشي من «مافيستو» انتاج شركات {الكفرة}، لتراه بعد ذلك يحتسي الشراب، وليس اي شراب، في فندق من فنادق القاهرة من فئة 5 نجوم, وبصحبة المذيعة «المتدينة على الهوا»، والجميع اخوان، مسلمين، او غير مسلمين، ليس مهما. المهم هو ان حياة الناس على الهواء غير حياتهم على الارض، وكما قال الحكيم عدوية «حبة فوق وحبة تحت»، هذا سلوك المصريين اليوم بين الشاشة والواقع حالة انفصام تام. «لما نشوف» هكذا كان رد واحد من اعضاء الوطني الحاكم عندما سألته عن استراتيجيتهم للتعامل مع الاخوان في البرلمان. اي ان الحزب الحاكم في مصر منتظر رؤية ما يقوم به الاخوان في البرلمان حتى يشكل ردا، معنى ذلك غياب استراتيجية واضحة لموضوع: مصر الى اين في تلك المرحلة الانتقالية من التحول الديمقراطي? وسيطرة مدرسة رد الفعل على سلوك القائمين على النظام الذي بدا بعضهم مفاجأ بما حدث، رغم انه مخطط له مسبقا، ولكن يبدو ان السحر بدا ينقلب على الساحر. مدرسة «لما نشوف» ايضا تسيطر على الساحة المصرية في موضوع ايمن نور، رئيس حزب الغد والمتهم في قضية تزوير، حيث يحاول البعض التعامل مع القضية بعد الحكم، خصوصا فيما يتعلق بردة الفعل الأميركية. البعض يحاول استخلاص الدروس المستفادة من موضوع سعد الدين ابراهيم وردة فعل الأميركان تجاه سجنه، الأميركان ايضا يحاولون استخلاص الدروس المستفادة من قضية سعد الدين ابراهيم لتصعيد الوضع في حالة ايمن نور دونما ارتكاب نفس الاخطاء. رغم ان سعد الدين ليس ايمن ولا القضية هي القضية الا ان الأميركان سيبالغون فيها تحاشيا لاخطائهم مع سعد، وسيبالغ المصريون فيها ايضا حتى لا يوجه لهم نقد من الصحافة العالمية. اذن ستبالغ كل الاطراف في الحديث عن القضية، ونتحدث على كل شيء وأي شيء ما عدا الجانب القانوني للقضية، سنجد انفسنا نتحدث عن الرجل الذي جاء الثاني في انتخابات الرئاسة المصرية، رغم ان الفارق بين الاول، الرئيس مبارك وبين ايمن نور كان ملايين من الاصوات، سيتحدث الاوروبيون والأميركان عن كل شيء واي شيء سياسي ويتجنبون كل ما هو قانوني، سيحاول المصريون اما تخفيف الحكم او محاولة اثبات سيادة القانون المصري بردة فعل غير منطقية. المهم في الموضوع ان القانون سيغيب وستسيطر السياسة. ولما سألت مسؤولا عن استراتيجيته للتعامل مع هذه القضية القابلة للانفجار في اي وقت، كان رده واضحا: «لما نشوف»!. تحدثت مع احد اعضاء احزاب المعارضة التي لم تحصل على اي مقعد في الانتخابات البرلمانية، وسألته عن تقييمه للحزب الوطني، قال: الحزب الوطني غير ديمقراطي، وهو حزب لا تحدث به اي انتخابات داخلية، حزب تسيطر عليه قيادات شاخت. قلت اليست تلك هي الاعراض التي تظهر على حزبكم الموقر ايضا، لو تخيلنا الحزب كفرد وجئنا بطبيب يشخص لنا حالته، دونما معرفة هوية هذا الحزب ـ سيرى الطبيب اعراضا لمرض واضح، وهو الشيخوخة، وضمور في الاعضاء، وغياب القاعدة الشعبية، هذه الاعراض بعينها هي مرض الحزب الوطني، ولكن الدكتور سيفاجأ بعد التشخيص ان المريض الذي امامه ليس الحزب الوطني، وانما هو حزب من احزاب المعارضة، تبدو عليه كل اعراض الوطني ويعاني من نفس المرض. ربما يحول الدكتور حزبكم العظيم الى غرفة العمليات، وربما يموت الحزب في عملية الاصلاح، وبما ان اعضاءه ضامرة، فلن يصلح حتى للتبرع بالاعضاء، المستقلون وحدهم في الانتخابات المصرية هم من كانت لديهم الصحة والعافية التي ساعدتهم على التبرع بالاعضاء للوطني طبعا، لذا دبت فيه الحياة مرة اخرى. تعاني احزاب المعارضة في مصر من نفس اعراض امراض الحزب الوطني ومع ذلك تصر على انها معارضة. في مطار الاقصر واثناء عودتي من دبي تحدثت الى ضابط الجوازات، الذي طلب مني الوقوف في صف الانتظار حتى يبت في امري، قلت له لقد كنت هنا منذ يومين وذهبت الى دبي وكنت هنا من قبل ذلك باسبوع وذهبت الى الرياض، ودخلت وخرجت من مطار القاهرة ولم يطلب مني الانتظار، لماذا هنا؟!، قال: «المسألة مش في ايدي الموضوع عند الجماعة التانيين..} وجلست افكر من هم {التانيين} ربما أمن الدولة، وربما المباحث العامة، او المخابرات العامة، لا ادري ولم يجب الضابط بأي اجابة مفهومة او مفيدة، فقط قال: «هي مسألة تلفونات}. انتظرت لمدة ساعة، وحاولت ان اشرح له كيف يحدث هذا في مطار الاقصر بينما لا يحدث الشيء نفسه في مطار القاهرة.. أليست هناك سجلات واحدة في كل مطارات البلد؟! قال: طبعا يا دكتور «السيستم The System شابك في بعضه». وجلست انتظر الرد من «السيستم اللي شابك في بعضه» لأكثر من ساعتين، ثم عاد وقال {معلش يا بيه دي اجراءات بنعملها للناس المهمة اللي زيك} يحدث في الاقصر ولا يحدث في القاهرة، يحدث في المطار الصغير ولا يحدث في المطار الكبير: ترى هل فعلا، ان «السيستم شابك في بعضه»؟! «لما نشوف». ذهبت لصلاة الجمعة في احد مساجد القاهرة المحروسة، ووجدت الناس يصلون خارج المسجد، ربما كان المصلون من خارج المسجد اكثر عددا من الذين يصلون في داخله، وتأملت المنظر وخطر لي سؤال بدا يلح عليّ: ترى هل المسجد يتمدد إلى الشارع، ام ان الشارع هو الذي يتمدد إلى المسجد؟! تذكرت مقولات الشيخ كشك عن السيدة أم كلثوم، عندما قال: «ان سيدة في السبعين، ما زالت تقول «خدني في حنانك خدني»، لغة الشيخ كشك كانت اقرب الى لغة الشارع، خصوصا عندما قال في شأن الفنان عبد الحليم حافظ: «الحمد لله الذي حبانا برجل يتنفس تحت الماء». واذا ما تأملت لغة خطيب المسجد اليوم في مصر لوجدت سيطرة واضحة للغة الشارع ولغة السياسة على خطبة الجمعة، وجدت ان المسجد تشورع وليس كما تبدو الصورة التي توحي بطغيان المقدس على الدنيوي. الشارع هو الذي يخر في الجامع وليس الجامع. تحدثت مع صحافي صديق عن احوال مصر المحروسة، وحدثني عن الحرية الصحافية التي تعيشها مصر الآن، حدثني ايضا عن صحيفتين عرفتا بالنقد اللاذع للرئيس مبارك ونظامه، ولما سألته عن رئيس تحرير الصحيفة التي تنتقد الرئيس قال لي: انه فلان، ثم سألته عن الصحيفة الاخرى التي تنتقد الرئيس، فقال لي ان رئيس تحريرها هو نفس رئيس تحرير الصحيفة الاولى.. استغربت من امور النقد ومن الناقد، فمبارك يحكم دولة واحدة، اما «فلان» فهو رئيس تحرير صحيفتين. هنا يفقد النقد معناه، فكيف لك ان تنتقد ممارسات انت غارق «لشوشتك» فيها، ليس لدي تفسير لذلك سوى ان «السيستم شابك في بعضه». «لما نشوف». بعد التدين ع الهوا، والتبرع «بالاعضاء»، ومدرسة «لما نشوف»، ورئيس تحرير الصحيفتين الذي له اكثر من برنامج تلفزيوني، يبقى سؤال مصر اليوم: هل حقا «السيستم شابك في بعضه؟!» ممكن!! |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|