|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
|
#1
|
||||
|
||||
البابا شنودة الثالث بقلم مصطفى الفقى
البابا شنودة الثالث
بقلم مصطفى الفقى ١٥/١١/٢٠٠٧ إذا كان تاريخ الكنيسة القبطية يتحدث عن البابا «كيرلس الرابع» باعتباره «أب الإصلاح»، فإن تاريخ الكنيسة القبطية سوف يتحدث قطعًا عن البابا «شنودة الثالث» باعتباره «أب الهوية الوطنية الحديثة للأقباط». وفي ظني أن ذلك الحبر الجليل قد دخل بوابة التاريخ من الزاوية الوطنية وليس فقط الزاوية الدينية. فالرجل مُسيس حتي النخاع وهو ضابط سابق بالقوات المسلحة، وصحفي وشاعر عرف جوانب الحياة المصرية قبل أن يدخل سلك الرهبنة ويعلو فيه حتي أصبح أسقف التعليم والمشرف علي «مدارس الأحد»، في ظل قداسة البابا الناسك العابد الزاهد «كيرلس السادس» الذي رحل عن عالمنا بعد رحيل الرئيس «عبد الناصر» بشهور قليلة فاقترنت رئاسة الرئيس «السادات» للدولة المصرية برئاسة البابا «شنودة الثالث» للكنيسة القبطية، بعد انتهاء عصر «عبد الناصر - كيرلس» الذي اتسم بالهدوء الكنسي حيث تراجعت الأحداث الطائفية، إذ إن عصر «عبد الناصر» رغم ضعف المؤسسات الديمقراطية فيه وأحادية التنظيم الشعبي وظهور فلسفة الاستفتاءات الموسمية بديلاً للانتخابات العامة فإن توجهاته الوطنية العلمانية قد اكتسحت أمامها رواسب التعصب الديني والمخاوف الطائفية. ويرجع الفضل إلي البابا «شنودة الثالث» في دفع الأقباط إلي الساحة القومية بشكل غير مسبوق حتي إن الجماهير العربية تلقبه «بطريرك العرب» بمساندته القوية للقضية الفلسطينية، لذلك كان الرئيس الراحل «ياسر عرفات» حريصًا علي زيارة البابا كلما سنحت له الفرصة أثناء وجوده بالقاهرة، ويكفي أن نتذكر أن قراره بمنع زيارة الأقباط للقدس إلا مع إخوانهم المسلمين بعد التسوية العادلة للقضية الفلسطينية إنما هو قرار - مهما اختلفت الآراء في تقييمه - يصب في خانة التوجه القومي لبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ولقد ربطتني بقداسته علاقة قوية بدأت منذ عملي السابق في المؤسسة السيادية الأولي حيث كنت مبعوثًا إلي قداسته في كثير من المناسبات والأزمات، وامتدت مهمتي تلك في ظروف تالية لخروجي من تلك المؤسسة بحكم قربي من الكنيسة القبطية نتيجة تخصصي الدراسي في شؤونها من جامعة «لندن» منذ قرابة أربعين عامًا، وأتذكر أنني أوفدت ذات مرة إلي قداسة البابا طالبًا تزكيته لمن يري من الشخصيات القبطية للتعيين في «مجلس الشوري» - وكان ذلك في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي - ففوجئت به يملي علي أسماء لبعض المسلمين يتقدمهم الراحل الدكتور «فرج علي فودة» قائلاً ليس يعنيني من هو المعين بدينه ولكن ما يهمني هو إيمانه بالوحدة الوطنية ونبذه التطرف ودعوته للمحبة والتسامح. وفي مرة أخري حدثني قداسته عن شؤون الأقباط في وعي وطني كامل، بل إنني حضرته مرة وهو يسجل شرائط لإرسالها إلي أقباط المهجر يدعوهم فيها إلي الاعتدال والتوقف عن مهاجمة وطنهم وضرورة فهم ظروفه وعدم الانسياق وراء الشائعات الكاذبة والمعلومات المغلوطة. ولقد وصلت محبة هذا الرجل العظيم لدرجة أنه حكي لي تفاصيل خلافه مع الرئيس الراحل «السادات» دون مرارة أو حقد، فمثله لا يعرف مشاعر البغضاء، بل تفضل وشرح لي أيضًا أسباب خلافه مع الأنبا «متي المسكين» في موضوعية واحترام، ويكفي أن أقول هنا إنه قد بلغ من احترام دولة مثل المملكة العربية السعودية له درجة إلحاح الأمير «سلمان بن عبد العزيز» علي أن يكون البابا «شنودة الثالث» موجودًا في حفل افتتاح معرض «الرياض اليوم» الذي أقيم في «القاهرة» منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، رغم القطيعة الدبلوماسية بين «القاهرة» والعواصم العربية. وأشهد أن «الرئيس مبارك» رحب يومها بتلك الدعوة واستجاب للمطلب السعودي لكي يكون البابا «شنودة» في مقدمة الحاضرين بعد فترة وجيزة من عودته من منفاه الاختياري في خلوته الروحية بالدير في أعقاب أزمته الشهيرة مع الرئيس الراحل «أنور السادات»، الذي كان هو الآخر خريج مدارس الأقباط بشهادته في أكثر من مناسبة. كما أن علاقة «البابا شنودة» بالدولة الشقيقة «الجماهيرية الليبية» قد انتقلت مائة وثمانين درجة من التحفظ والفتور إلي درجة منح البابا جائزة «القذافي» منذ سنوات قليلة وذلك بفضل حكمته وحصافته وذكائه السياسي وتوهجه الفكري. ويملك «البابا شنودة» روحًا ساخرة فقد كنت أحدثه ذات مرة عن دول الجوار فقال لي «إن هناك الجار وهناك أيضًا من استجار!» وهو يستخدم تعبيرًا آخر يقول لقد تحدثت مع شخص ما «فماً لأذن» تدليلاً علي المباشرة والوضوح، وهو صاحب الدعابة الشهيرة حول تنظيم «التكفير والهجرة» عندما اعتبر ذلك دافعًا لغيرهم في «التفكير في الهجرة». أما عن وطنيته الأصيلة فتكفيه عبارته الشهيرة «إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه ولكنها وطن يعيش فينا». أما عن ثقافته الإسلامية فهي مصدر دهشتي فقد كان ينادي سكرتيره أثناء جلوسنا ويطلب منه أحد كتب التراث ليستخرج من صفحاته إشارة إلي آيات قرآنية بعينها أو وقائع محددة جرت في التاريخ الإسلامي، وأنا أظن مخلصًا أن «البابا شنودة» قد حمي مصر من كثير من الأزمات الطائفية وكبح جماح الانفعالات الدينية، ولقد تعاملت معه خلال كل أزمات الكنيسة ووجدته حزينًا ولكن في هدوء، متأثرًا ولكن في إطار الوطنية المصرية، لذلك لم يكن غريبًا أن امتدت شعبيته بين الأقباط والمسلمين علي حد سواء، ويكفي أن يتذكر بعض الأقباط الذين يصفونه بالتشدد والصرامة، وأنه هو ذلك البابا الذي تشكلت في عهده الطويل الشخصية القبطية المعاصرة في العالم، فقد جلس علي الكرسي البابوي وللأقباط بضع كنائس في الخارج والآن يتجاوز عددها العشرات في الدولة الأجنبية الواحدة، بل إن دول الخليج العربي الإسلامي استقبلت الكنيسة القبطية في عهده كما لم يحدث من قبل، وهو البابا الذي التقي به رؤساء الدول في كل مكان حل به ولقد شهدت بعيني وأنا أستقبله في مطار «فيينا» كيف كان «رئيس جمهورية المجر» ينتظره علي الحدود النمساوية المجرية لأن البابا المصري كان هو ضيف الشرف في الاحتفال بألفية أقدم دير في الدولة المجرية، ولا عجب فمصر هي التي اكتشفت الرهبنة وعرفت التوحيد واحتضنت ديانات السماء، فتحية لقداسة «البابا شنودة» المواطن المصري «نظير جيد» قدر ما قدم لأمته ووطنه وطائفته من أعمال جليلة سوف تبقي دائمًا في ضمير التاريخ المعاصر للكنيسة القبطية المصرية. http://www.almasry-alyoum.com/articl...rticleID=83028 |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
من يخلف البابا؟ | abomeret | المنتدى العام | 11 | 15-11-2007 06:06 AM |
البابا شنودة يحذر الكهنة والوعاظ من التطرف العقائدي | abomeret | المنتدى العام | 4 | 03-10-2007 11:25 PM |
أنباء عن توتر العلاقة بين البابا شنودة والأنبا بيشوي بسبب منصب «النائب البابوي» | abomeret | المنتدى العام | 5 | 08-09-2007 02:00 PM |
معهد لورنس الأمريكي قد قام بتكريم البابا شنودة أمس الأول أثناء زيارته ولاية ميتشجن | AleXawy | المنتدى العام | 1 | 28-08-2007 02:31 PM |