السلفية.. البديل الأسوأ للإخوان

[abomeret]

السلفية.. البديل الأسوأ للإخوان

بقلم نبيل شرف الدين ١٦/٩/٢٠٠٨
كأننا لا نتعلم من خطايانا السابقة، فنستجير من الرمضاء بالنار، ونتصور أن السلفية يمكن أن تكون «بديلاً مستأنساً» للحركات الإسلامية التي تمارس نشاطاً سياسياً كالإخوان المسلمين، وهذا بتقديري تصور خاطئ ومخادع، لأن مرجعية السلفيين أكثر تشدداً، وإحجامهم عن دخول معترك السياسة الآن، ليس إلا تكتيكاً مرحلياً في إطار خطة انتشار شعبي، تعقبها مرحلة «التمكين»، وفقاً لأدبياتهم، وحتماً سيفرز المنهج السلفي نماذج شرسة في تعصبها، بدأت بالفعل ملامحها تتجلي في خلايا «السلفيين الجهاديين»، الذين تورطوا في حوادث الأزهر ووسط القاهرة وسيناء.

وحين حارب السادات خصومه اليساريين والناصريين، مستخدماً سلاح الجماعات الإسلامية التي صنعها نظامه، وأطلقها من القمقم خصيصاً لهذا الغرض، لم يكن يتخيل أن يتوحش هؤلاء حتي يغتالوه، ويدفع المصريون ثمناً غالياً لهذه المغامرة من أرواح أبنائهم وأرزاقهم واستقرارهم.

وبعد مرور عشر سنوات علي مراجعات قادة «الجماعة الإسلامية» لمعتقداتهم الراديكالية، وإعلانهم التخلي عن العنف، قفز الإخوان علي الساحة في انتهازية تمثل تراثاً سياسياً لدي الجماعة منذ نشأتها، لهذا بحثت دوائر التفكير داخل النظام عن معالجة استراتيجية لهذا المدّ الإخواني، الذي يشكل بالفعل خطراً داهماً علي الأمن القومي لبلد متعدد الأديان والثقافات كالمجتمع المصري.

وتفتق ذهن البعض عن فكرة استخدام السلفيين كأداة لضرب الإخوان، استناداً لعدة اعتبارات، منها أن هذا التيار مؤهل للمزايدة علي الإخوان، لأن أنصاره يذهبون لأبعد مدي في التمسك بمظاهر التدين، ويعوّلون علي النقل والاتباع والامتثال لفتاوي مشايخ بعينهم يمكن تدجينهم، ربما استناداً للتجربة السعودية في هذا المضمار، ولهذا نجد لشيوخ الوهابية قبولاً واسعاً لدي التيار السلفي في مصر، الذي لا يكترث أنصاره بفتاوي علماء الأزهر، بل يسخرون منها ويسفهونها، ويحتكمون لآراء ابن عثيمين وابن باز والألباني وغيرهم، في أي مسألة تعنّ لهم.

وكما جري تهميش مدرسة التلاوة المصرية لصالح أصوات مقرئي السعودية، واستُبعدت الأزياء المصرية من الذوق العام لصالح النقاب والإسدال، فقد جاء المد السلفي يستكمل الحلقة الجهنمية لضرب الخصوصية الثقافية المصرية، وإخضاع المجتمع لسطوة الفكر الوهابي، الذي يظن معتنقوه أن للحق سبيلاً واحداً، وهو حكرٌ عليهم باعتبارهم «الفرقة الناجية»، ومن عداهم فهم مهرطقون ومبتدعون، لكنهم مع ذلك يرفضون التعرض للحكّام ومجرد الاشتغال بالسياسة،

ولعل هذا أكثر ما شجع دوائر صنع القرار علي دعم السلفيين، ظناً بأنهم سيقضون علي الإخوان، وهذا ليس مؤكداً، لكن المؤكد أن المدّ السلفي وتفاعله مع الحركات الجهادية الدولية، قد يفرز جيلاً «هجيناً» من الإرهابيين الجدد، يحملون «كوداً تنظيمياً» يتجاوز كل التوقعات.

وهنا تبرز دلالات القبض، بين الحين والآخر، علي مجموعات سلفية «جهادية»، بتهمة تبني أفكار تكفيرية، والتواصل مع خلايا خارجية توالي تنظيم «القاعدة»، وهو ما يؤكد أن إحكام السيطرة علي هذا التيار وَهمُ كبير، ولعل الأخطر من ذلك أن هذا «الجيل الهجين»، لا يمارس نشاطه الحركي من خلال تنظيمات هرمية تقليدية، بل يعمل في خلايا عنقودية يصعب رصدها أو توقع ردود فعلها، فضلاً عن استحالة احتوائها.

تبقي الإشارة إلي أن المقصود بالتيار السلفي، تلك المجموعات التي انتشرت أخيراً في مصر، وتتبني منهجاً سلفياً صارماً في المعتقدات الدينية، وتعوّل علي النقل واتباع السلف، وتلتزم بمظهر معين كإطلاق اللحي دون تهذيب واعتبار النقاب فريضة، وتسفيه ما عداه من الأزياء.

وتشهد كواليس هذه المجموعات خلافات شرسة بين عرابيها الذين صارت لهم منابر إعلامية خاصة، حول الأسلوب الأمثل لأنشطتهم، وهل يقتصر علي التربية أم يمتد للتعبئة وحشد الأنصار، لكنها تتفق علي عدم الانخراط في الأنشطة السياسية ـ في الوقت الراهن ـ ترقباً لتهيئة المناخ الملائم لتحقيق أهداف أخطر.

Nabil@elaph.com

http://www.almasry-alyoum.com/articl...ticleID=178710