[SIZE="4"][SIZE="3"][FONT="Arial"]آثرت أن أعرض افتتاحية كتابي الذي ألفته مع مقدمة هذا الكتاب
الافتتاحية
" إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح وكتبت لها الحياة. "إذا كان الفساد لا يقتل فكيف يقتل النقد؟!
"هذا حديث سوف ينكره الكثيرون ، لأنهم يودون أن يسمعوا ما يحبون ، فالنفس تأنس لما تهواه ، وتتعشق لما استقرت عليه ، ويصعب عليها أن تستوعب غيره ، حتى لو تبينت أنه الحق ، أو توسمت أنه الحقيقة ، وأسوأ ما يحدث لقارئ هذا الحديث ، أن يبدأه ونفسه مسبقة بالعداء ، أو متوقعة للتجني ، وأسوأ منه موقف الرفض مع سبق الإصرار للتفكير واستعمال العقل . "إن هذا العمل هو باكورة أعمالي التي أتمنى من الله عز وجل أن تستمر كي استنهض المتخاذلين من مثقفينا أن يخرجوا من إحباطهم ، وأن يتوغلوا في مجتمعاتهم كي ينشروا الأفكار الحرة الطليقة ، بدلا من مواقف السلبية التي جعلتهم بعيدين كل البعد عن هذا المجتمع وأصبحوا في واد والجماهير في واد آخر متعللين بالعلل ، والأسباب الواهية ، بل إن الأعمال الحلقية الصغيرة في مجتمعا تهم الثقافية وتناحرهم بداخلها قد استهوتهم ، ووجدوا فيها الملاذ للتعبير عن ذ واتهم فقط ، متناسين أن أفكارهم لن تجد النور إلا باختبارها مع عقول الناس من خلال الاحتكاك المباشر معهم ولن يكون هناك لوم على من لم يفهموا بل على المثقفين يقع اللوم لكونهم هم القادرين على التفكير والفهم وتصحيح الأغلاط والمفاهيم التي تؤخر مشروعنا النهضوي الذي نحلم به .
وليس هذا العمل مقصودا منه الهجوم على الدين كما سيحاول البعض إثبات ذلك نيلا من كل الذين يحاولون أن يُعملوا عقلولهم في مناطق النهوض بهذه الأمة و كشف ونقد كل من يحاولون تأخير هذه النهضة ، بل هو عمل يقصد به توضيح المفهوم الحقيقي للدين والفرق بينه وبين الفكر الديني ، والدفاع عن الدين ضد من يحاول تشويهه من الغربيين مستغلين تصرفات ومقولات المتأسلمين المتشددين ، وكشف زيف من يتاجرون بالدين على أن الدين أصبح حكرا لهم وأن من يفكر بغير أدوات تفكيرهم فهو كافر وملحد وعلماني فهم يوزعون التهم الجاهزة على كل من يختلف مع فكرهم وعقائدهم السياسية أما الدين الإسلامي فهو دين تقدم واهتمَّ بالإنسان وترك له حرية التفكير والعقيدة وأعطاه الحق في إعمال ذهنه وفكره وأعطاه الحق في اختيار أنسب القوانين التي تتماشى مع ظروفه الحياتية ، وسنفرد فصلا حول تقدمية الإسلام مكتشفين بذلك زيف دعاة التأسلم السياسي وأن الدين نفسه ناله من الدعاية السيئة على أيديهم وناله من الضَّيْر الكثير بسبب بتصرفاتهم الغوغائية والغير محسوبة إلا من خلال مصالحهم ، وفكرت في كتابة هذا العمل المتواضع لأن ضميري الفكري والديني والسياسي جعلني أشعر أن زيفهم بلغ مداه ، وأن ضررهم على الإسلام والمسلمين أصبح لا يطاق ،ولابد للتصدي لهم حتى لو كلفني ذلك ما كلف المرحوم الدكتور فرج فودة أحد شهداء الفكر المتصدي لإرهابهم لمجرد أنه فضح فكرهم وعرَّاهم أمام الناس فهو ما كان يملك إلا قلما أما هم فيملكون لغة أخرى هي لغة العجزة : لغة السلاح الأعمى وأختم هذا المفتتح بهذا القول:
" ومن ثمّ فإننا نعتقد أن هذه الجماعات المنسوبة إلى الدين، الناطقة باسمه لو أنها استطاعت الوثوب على الحكم ووضعت السلاح في يدها لحكمَ البشرَ عهدٌ من الإرهاب يتضاءل إزاءه كل إرهاب يستنكره العالم اليوم، وهذا أمر يجب أن يعرفه أولو الرأي والمقدرة وأن يحسبوا له الحساب قبل فوات الأوان، ولن تجد أقسى قلباً ولا أفتك يداً من إنسان يثبُ على عنقك ومالك، يقتلك ويسلبك، معتقداً أنه يتقرب إلى الله بذلك، ويجاهد في سبيله، وينفذ أوامره وشرائعه!! وفي نهاية بحثي هذا سأحاول أن أقدم أسس مشروع للنهضة بفكر جديد يحمل الأصالة والتجديد متلاصقا مع دياناتنا وجغرافيتنا وتاريخنا الحضاري وواقعنا الاقتصادي والاجتماعي لأن غيبوبتنا قد طالت ولأن الوقت قد أزف لنقوم من ثباتنا ومرقدنا .
[