البابا الاصل والبابا التيواني
البابا الأصل والبابا التايوانى
الباب شنودة حزين علي ماكسيموس ويتوقع له الهلاك
كتب : احمد الباشا
البابا شنوده انا حزين علي مكسموس ويتوقع له الهلاك
ما بين البابا «الأصلى» والبابا «التايوانى» وقع الأقباط فى حيرة شديدة طوال عام 2006 فى سابقة لم تحدث من قبل للكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى العصر الحديث.. المعارك الإعلامية أضافت للحيرة صخباً وضجيجا فى الشارع القبطى الذى لم يستوعب فكرة الانشقاق! وفى كل الأحوال.. الأمر يدعو للتوقف والاستبيان واستشراف موقف الكنيسة القبطية التى أصبحت على المحك بعد أن طفت على السطح إشكالياتها بشكل لافت للأنظار، وهو ما استتبعته أزمات متتالية منها مؤتمر العلمانيين الذى انتقد إدارة الكنيسة بشكل غير مسبوق. وهو ما يشير إلى خطأ ما فى السياسة الكنسية يجب مواجهته بشجاعة قبل أن يستفحل. وفى هذه المواجهة بين «البابا شنودة» و«ماكسيموس» لا يزال كل فريق يعتقد أنه يقف على ناصية الحقيقة، لذا طرحنا وجهتى النظر ونترك التعليق للشعب القبطى!!
مهما حاولت الكنيسة الأرثوذكسية التهوين من أزمة الانشقاق عن الكنيسة الأم.. والتقليل من شأن المنشق «ماكس ميشيل» ووصفه بالمهرطق الباحث عن السلطة.. واعتبار ما حدث مجرد ندبة فى وجه المؤسسة الدينية العتيقة.. إلا أن واقع الأمر يؤكد أن الجرح غائر ولم تفلح معه جرعات التسكين التى أطلقتها القيادة الدينية، بل زادت من أوجاع الكنيسة عام 2006، وعمل التصعيد المتبادل من الطرفين على تأجيل حسم الصراع إلى جولة أخرى فى العام الجديد!! الأنبا «ماكسيموس»- كما يحب أن يطلق على نفسه - فرض ذاته إعلاميا وفى الأوساط القبطية من خلال أجندة إصلاحية للكنيسة الأرثوذكسية يضغط بها على وجيعة الشعب القبطى، وأنه فى المقابل لديه سبل تحقيق هذه الإصلاحات!! من جانبها استوعبت القيادة الكنسية القبطية الضربة الموجعة وقامت بالرد فى اتجاه آخر.. بدلا من تفنيد انتقادات «ماكسيموس» المتوائمة مع آراء العلمانيين الأقباط والمعارضين لإسلوب إدارة الكنيسة.. أخذت فى حشد كل القوى لإثبات عدم شرعية المدعو «ماكس ميشيل» من الأساس، بل زادت عندما أعلنت خروجه من الملة الأرثوذكسية وأنه «مهرطق» مهووس بالسلطة!! بادئ ذى بدء، يجب التأكيد على أن أى رد فعل من جانب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هو رد فعل البابا شنودة شخصيا حتى لو ظهر فى الصورة أعضاء المجمع المقدس أو رجال الأكليروس أو العلمانيون.. وهذا يأتى فى إطار توزيع الأدوار لرأب الصدع الكنسى، وإن كل التصريحات وردود الأفعال تتم بمباركة البابا شنودة وعلمه شخصيا!! يحسب للبابا شنودة ذكاؤه السياسى فى إدارة الأزمة حين ربط كل التصريحات الصادرة عن شخصه، للتأكيد على كونه «البابا» الشرعى، وإن ما حدث مجرد تمرد أحمق من أحد رعاياه.. وبدا هذا واضحا فى أول تصريح صادر عنه عقب عودته من رحلة العلاج قائلا: «ميشيل لا يحمل أى شرعية سواء من الداخل أو الخارج، وأنه مجرد شخص مهووس بالسلطة ولا يقف أحد خلفه أو يدعمه سوى النرجسية والرغبة فى أن يكون بطريركا بأى طريقة! وقلل «شنودة» من أهمية «ماكسيموس»، وأكد أنه لم يناقش هذا الأمر مع أى من قيادات الدولة، وأن الأمر أصغر كثيرا مما تصوره وسائل الإعلام. أضاف «شنودة» قائلا : «أشعر بالإشفاق على هذا الشخص الذى فقد نفسه وآخرته، وكان أحد أبنائى فى الكلية الإكليرية، ولكنه ضل طريقه بعدما تبنى أفكارا ومعتقدات غريبة عن الكنيسة الأرثوذكسية».
ظل البابا شنودة فى برجه العاجى رافضا التنازل ولو درجات للتفاهم مع «ماكسيموس» إلا من خلال شروط خاصة، وهى أن يتخلى عن كل أوهامه ويخلع عن نفسه الرتبة الكهنوتية، ورداء البطريرك، ويعود إلى اسمه الأصلى «ماكس ميشيل» ويتوب بين يدى البابا باعتباره ابنا بارا حتى يمكن لقداسة البابا أن يجلس معه والتفاوض بشأن أموره!! وشدد «شنودة» على أنه لا توجد كنيسة أرثوذكسية واحدة فى العالم تعترف بهذه الكنيسة سواء فى الطوائف الأرثوذكسية الغربية أو فى الطوائف الأرثوذكسية الشرقية، مشيرا إلى أن مجموعة من الخارجين عن الكنائس الأرثوذكسية فى العالم كونوا مجمعا مقدسا، هو الذى منح المدعو ميشيل رتبة الأسقف ومن بعدها رتبة رئيس الأساقفة بدون أى مراسم دينية. حاول البابا شنودة التهوين من شأن الانتقادات التى كالها «ماكسيموس» إليه وقال إنه لا يعبأ بهذه الاتهامات، ولم يفندها، وأكد أن سيرة الكنيسة القبطية عبر التاريخ تعرضت لمضايقات وحروب كثيرة وشكك البابا فى تعداد أتباع «ماكس»، والذى قال إنهم تجاوزوا الألف مشيرا إلى أنهم عدد محدود جدا من المعزولين من الكنيسة بسبب أخطاء ارتكبوها!! فى إطار الحرب الإعلامية أقدم «ماكسيموس» على إصدار بيان يعلن فيه تقديره واحترامه للبابا شنودة، واعتذر فيه عن جميع الذين أساءوا إليه باسمه، وأكد فيه إصراره على وحدة الكنيسة المصرية وتناغمها، وأعلن جاهزيته لكل أشكال التفاهم والتعايش.. وهو ما اعتبره البعض اعتذارا ضمنيا من قبل «ماكسيموس»!! وفى المقابل رفض البابا شنودة هذه الصيغة وكرر شروطه للجلوس مع «المنشق» ورد عليه فى رسالته التى نشرتها مجلة الكرازة الصادرة عن المقر البابوى، قائلا : «أنا حزين عليك يا ابنى، لا تفرح بضم المشلوحين والخارجين عن طاعة الكنيسة، ولا تفرح لأنك تفتح طريق الزواج بطريق مخالفة لتعاليم الكتاب المقدس، فهذا سوف يوصلك إلى الهلاك، نتمنى من الله أن يردك إلى صوابك، وأن يكون لك هدف آخر غير التطاول على الكنيسة الأم وقياداتها، وأبلغك قرارا قد يؤلمك، ولكنه ضرورى لخلاص نفسك، نحن لا نعترف بك، ولا برسامتك، ولا باسمك الجديد، ونحذرك من ممارسة أى عمل كهنوتى أنت غير مخول به، كما نحذر الشعب من التعامل معك ونعتبر أى طقوس دينية تمارسها باطلة!!
انتهى البابا شنودة فى رسالته : «أنا حزين عليك يا ابنى، حزين على انفصالك عن الكنيسة الأم وحزين على فقدانك الأبدية، وحزين على ادعائك الكهنوت وهو الادعاء الذى سيهلك نفسك فى اليوم الأخير»!! لم يكتف البابا شنودة بما سبق، بل أصدر بيانا كنسيا تناقلته وكالات الأنباء يدعو إلى عدم الاعتراف بالأنبا «ماكسيموس»، واعتبر تنصيبه بطريركا أمرا باطلا، واعتبرت الكنيسة القبطية أن دعوة «ماكسيموس» إلى زواج الأساقفة هو أمر مخالف للعقيدة الأرثوذكسية.. وذكرت الكنيسة أن «ماكس ميشيل» تخرج فى الكلية الإكليرية فى منتصف السبعينيات وواجه مشاكل عديدة فى عمله الدينى ثم تطاول على القيادات الكنسية حتى تم إبعاده فأسس جمعية دينية، وادعى أنه بطريرك لكنيسة أرثوذكسية مستقلة نصبته عليها قيادات دولية فى الولايات المتحدة!! معاول الهدم زادت فى سبيل تحطيم صنم «ماكسيموس» وانتقلت إلى أعضاء المجلس الملى العام الذين وصفوه بـ «الهرطقة» و«الدجل» فى حين تولى عدد من الأساقفة- كما سبق أن أشرنا إلى آلية توزيع الأدوار- انتقاد ماكسيموس بمباركة البابا شنودة وصبت كلها فى اتهامات له أولها كما جاء على لسان الأنبا «مرقس».. المتحدث باسم الكنيسة.. عدم شرعية رسامة «ماكسيموس» ومن قام برسامته، وأنه لا يجوز رسمه أسقفا، لأنه متزوج وهو ما يخالف قرارات مجمع «نيقية» المنعقد فى سنة 325 م والتى التزمت بها جميع الكنائس الرسولية، فضلا عن ارتداء رجاله لملابس مطابقة لملابسنا وارتدائه هو لملابس مماثلة لملابس البابا شنودة، حيث إنه لا يوجد رئيس كهنة فى العالم يرتدى نفس ملابس بابا الإسكندرية.. وهذه النقطة التى استندت إليها الكنيسة فى المطالبة بتسجيل الزى الكهنوتى فى وزارة الداخلية. رغم اعتماد الخطاب الإعلامى على وصف «ماكس ميشيل» بالمنشق..إلا أن الغريب فى الأمر هو رفض الكنيسة القبطية هذا الوصف، فحسب بيان لها أكدت أنه لم يكن أسقفا وانشق، ولكنه طرد من الكنيسة فى عهد الأنبا «يؤانس» المتنيح- أسقف الغربية سنة 1976، واعتبرته مطرودا لا منشقا!!
]
|