ما بين مينا ومعتز

[abomeret]

ما بين مينا ومعتز

بقلم كريمة كمال - المصرى اليوم

ما الذى يدفعوننا إليه حقا؟ ما الذى يعنيه أن تخرج نتائج التحقيقات فى مذبحة ماسبيرو لتؤكد أن المتهم الأول بالتحريض هو الشهيد «مينا دانيال»؟! هل الجريمة التى يتم التحقيق فيها الآن هى التظاهر؟ أم أنها المذبحة التى قتلت ودهست الأقباط؟ ومن المسؤول عنها؟ هل الجرم هو التظاهر؟ أم أن الجرم هو قتل ودهس المتظاهرين بمدرعات الجيش؟! هل نتساءل بعد ذلك عن إقرار العدالة فى مذبحة ماسبيرو؟

وهل يستقيم أن يكون المتهم بالجرم هو القاضى والحكم؟ وهل يمكن أن يخرج علينا أحد ليقول إن العدالة الداخلية تجب العدالة الخارجية؟ بل هل يمكن أن نعيد ترديد ما صكه نظام مبارك عن الاستقواء بالخارج فى محاولة لوقف الضغط على السلطة التى تدير البلاد الآن من أجل أن تخرج لتعلن مسؤوليتها الكاملة عن هذه المذبحة، وإلا فإن الأمر المؤكد هو أن هذه الجريمة مرشحة للتكرار، وأن عدم إقرار العدالة فيها يغرى كل التيارات المتطرفة بمزيد من العنف ضد الأقباط، وهو عنف دائم ومستمر فى الفترة الأخيرة، والبيان الذى يوزع فى قنا ضد الأقباط أكبر دليل على ذلك، ما جرى فى ماسبيرو جعل الأمر يبدو وكأن التيارات المتشددة والجيش إيد واحدة. هل يحاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة تدارك ما فعله فى ماسبيرو؟

وهل استقبال المشير لقداسة البابا وزيارة التعزية للبابا من المجلس هى وسيلة هذا التدارك؟ أم المقصود أن يحدث هذا من ناحية، بينما فى الناحية الأخرى يصدر قرار النيابة العسكرية بتوجيه التهمة إلى الشهداء؟! هل يمكن أن يتصور المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه بهذا يضع حداً للمذبحة؟! مع كل تقديرنا لقداسة البابا شنودة، فالبابا يتحدث باسم الكنيسة، وليس باسم الأقباط، فلسنا طائفة يتحدث رئيسها الدينى، نحن مواطنون مصريون لنا حقوق على الدولة التى تدير وطننا.

مرة أخرى ما الذى يدفعوننا إليه؟ ما الذى يفعلونه بنا سوى العودة لمربع واحد مرة أخرى، لنظام مبارك؟ وإلا فما هذا الذى يفعلونه فى قضية مقتل الشاب «معتز»، ضحية الشيخ زايد؟ ليس ما فعله هؤلاء الضباط من هذا التصرف الأهوج تجاه مواطنين عزل بينما هم مسلحون، هل يمكن أن يتصور عاقل فى هذا البلد أن يدار التعامل مع هذه الجريمة البشعة بمثل هذه الطريقة التى كانت تتم بنفس السيناريو فى عهد مبارك؟ الفارق الوحيد أنه بدلاً من أن يخرج علينا اللواء نبيل لوقا بباوى ليدافع عن الشرطة ويبيع لنا قصة ملفقة لا تدخل على عقل طفل، يخرج علينا خبير استرتيجى ليفعل نفس الشىء،

بل ليستخدم نفس الحجة، وهى أن الضحية كان يتعاطى المخدرات، تماماً كما حدث فى قضية خالد سعيد، والخبير يؤكد أن الضباط كان يجب أن يتصدوا للضحية وصديقيه، فلا يمكن أن يتركوا «ليعيثوا فى الأرض فساداً»، على حد تعبيره، هذا فى الوقت الذى كان فيه أهل الضحية ومحاموه، بل شاهد عيان لكل ما جرى، يظهرون على شاشة التليفزيون ليفضحوا حقيقة ما جرى، بما فى ذلك محاولة الضباط تلفيق الواقعة بنزع اللوحات المعدنية وإلقائها بعيداً للادعاء بالاشتباه فى أن السيارة مسروقة، ومحاولة دفع الأطباء فى المستشفى للادعاء بأنه قد وصل إليها وهو حى، فى نفس الوقت الذى تقع فيه هذه الواقعة تنهمر علينا حملة الشرطة لتغيير صورة الشرطة لدى الناس.

حيا اللواء إسماعيل عتمان أداء الإعلام الرسمى فى ماسبيرو، وهنأ قائد الشرطة العسكرية جنوده بعد المعركة، وقتل ضابط الشرطة «معتز»، وخرج الخبير ليلفق لنا الحقيقة.. هل تغير شىء؟! الأمن والإعلام للسيطرة، فهل بات هذا ممكنا؟

karimakamal@almasry-alyoum.com