التكفير حتى الهجرة

[abomeret]

التكفير حتى الهجرة

بقلم نيوتن - المصرى اليوم

وفرت من قفشات يوم الجمعة التى حكيت لكم عنها بالأمس واحدة أردت أن أكتب لكم عنها اليوم، القفشة مست شغاف قلبى وسيطرت على عقلى، وهى تقول - نقلاً عن أحد جيرانى: كان فى مصر جماعة اسمها (التكفير والهجرة).. بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، المصريون سينضمون إلى جماعة (التفكير فى الهجرة).

حين سمعتها قلت فى نفسى، الله يجازيك يا مُنال - بضم الميم - حفيدى الذى تعرفونه، كنت أعيش هانئاً أستمتع بتقاعدى فى سان فرانسيسكو، جرجرنى وراءه هو وأخواه أكثم وميسرة، أظننى حكيت لكم أن ابنى الوحيد جاءه منصب مهم فى شركة اتصالات مصرية، ولأنى لا أطيق فراق أحفادى فقد جئت عائداً معهم إلى القاهرة. بعد أن غادرنى جيرانى إلى بيوتهم طرحت على نفسى سؤالاً عاصفاً: هل علىّ أن أعود إلى الولايات المتحدة؟

مسألة ابنى وأحفادى مقدور عليها، يمكننى أن أقنعه بالعودة، أنا لا أتدخل فى عمل ابنى ومسار حياته، لكن يمكننى ببعض الخبث أن أجعل إحدى الشركات الأمريكية تطرح عليه عرضاً لا يمكن له أن يرفضه.. دون أن يدرى أننى وراءه. وضعت بعض الأخشاب فى المدفأة، جلست فوق كرسى أخصصه لساعات الاسترخاء واتخاذ القرارات، خلعت حذائى، مددت ساقى، فكرت فى الأمر: هل يجب أن يدفعنى فوز التيار الدينى للعودة إلى الولايات المتحدة؟ هل سيكون فى البلد مناخ تكفير يحفز غيرى على الهجرة؟

كان يمكن أن تقلق من أغلبية الإخوان فى أى زمن آخر، لا أعتقد أن بضع عشرات من أعضاء مجلس الشعب يمكنهم أن يسجنوا شعباً فى أيديولوجياتهم، مصر تطورت، قرار شعبها الذى انتخب التيار الدينى يمكن أن يتغير، نقابة الأطباء سيطر عليها الإخوان.. فهل أمكنهم أن يغيروا قسم أبقراط، نقابة المهندسين سيطروا عليها كذلك.. فهل توهموا أنهم سيبدلون قوانين فيثاغورث!

الاقتصاد منهار، أى قانون يمكن أن يؤثر فيه، حتى لو كان شعبوياً سيهدم السقف فوق رؤوسهم، النساء تقدمن الصفوف، أى اقتراب من قوانين الأحوال الشخصية بحيث تنتقص من حقوق السيدات سيقلب البلد، الأوضاع العمالية مرتبكة، أى تعامل مع الملف بطريقة انقلابية قد يؤدى إلى توقف الأعمال أو انفجار العمال، الحريات أصبحت مطلباً لا غنى عنه، أى مساس بها سيؤدى إلى نار داخلية وهجمة عالمية، استقرار مصر مرتبط بمعاهدة السلام..

فتح أى نقاش حولها يستوجب تدخل الجيش. لسعت حرارة المدفأة قدمى، فانتبهت من تفكيرى العميق، وقمت مبتعداً قليلاً، شربت كوب ماء مثلج، خرجت إلى الشرفة، أحسست بهواء منعش دفق مزيداً من الدماء فى شرايين تفكيرى، قلت: أى قانون يحتاج إلى تصديق الرئيس، المجلس العسكرى الآن، لا أعتقد أن على التيار الدينى أن يصطدم بالمجلس العسكرى أو يثير حفيظته، على الأقل خلال الأشهر السبعة التالية.

وجدت خلاصة تفكير مهمة: إذا أرادت غالبية الشعب أن تضمن عدم تهور الإخوان لابد أن يكون الرئيس القادم من لون مختلف تماماً، إذا أراد الإخوان احتكار مصر فسوف يسعون إلى منصب الرئيس. فى هذه اللحظة اتخذت قراراً بالانتظار فى مصر إلى يوم أول يوليو ٢٠١٢، المشهد لم يكتمل بعد، عدت إلى مقعد الاسترخاء ومددت ساقى مجدداً فى وجه نار المدفأة.

newton_almasry@yahoo.com