باى باى سياحة

[abomeret]

باى باى سياحة

بقلم مفيد فوزى - المصرى اليوم

لا أميل للنعيق الصارخ ولا للتغريد الكاذب، إنما أتبنى منهج التبصير والتدبير دون ادعاء باستئثار الحكمة، ولا أستغيث بتيار عاقل قلبه ع البلد يشكل جبهة إنقاذ للسياحة، أهم موارد مصر بعد قناة السويس، ولا ألطم الخدود لما آلت إليه سياحتنا «حماها الله»، إنما لابد من مواجهة الواقع الذى ينتظر مصر.. السياحة وهى تخفى وجهها الصبوح بالنقاب، وخذ عندك الحقائق: إن كل سفارة فى مصر ترسل تقريراً كاملاً عن الأوضاع لعواصمها تحذر فيه من السفر لمصر travel warning، ولهذا ألغيت الحجوزات السياحية لمصر، واتجهت لبدائل منها قبرص ولبنان وتركيا، أى أن مصر ليست على خريطة السياحة العالمية، التى تعدها الشركات فى الخارج، والعبارة الموصوف بها الوضع فى مصر هى «منطقة توتر أمنى واجتماعى»!

هذا ما توصل إليه المؤتمر السنوى المنعقد فى لندن «world travel mar»، وغياب الأمن هو السبب فى إخراج مصر من السوق، والسياحة الحقة عندنا هى القاهرة والصعيد وكلاهما ضائع بين المليونيات المتكررة قرب المتحف المصرى وقطع الطرق فى الأقصر وأسوان، أما سياحة البحر الأحمر «شرم الشيخ والغردقة» فهى محسوسة نسبياً ويطلق عليها سياحة رخيصة «cheap tourism»، وبإلقاء نظرة على فنادق مصر المزروعة على طول الوادى، سنكتشف أنها «مضلمة» حين يأتى المساء، إن سائق الحنطور فى الأقصر الذى أعطى صوته للمرشح السلفى غير مدرك يا ولدى للمصير الذى ينتظر المواسم القادمة، وهو نفس السائق الذى يسترزق من ركوب السائحات بالشورت فى الحنطور (!)

وعندما كنت منذ أسابيع قليلة فى رحلة خاطفة لألمانيا كنت ألمس انزعاج الألمان من السفر لمصر بعد مذبحة ماسبيرو، واعتداءات البلطجية على الناس فى الطرق السريعة، وتصاعد التيارات الإسلامية كان السؤال الموجه إلىّ: هل ستصبح مصر «إيران» أخرى؟

ولم يكن غريباً أن سلسلة محال شهيرة تشترى كباريهات شارع الهرم لتغير نشاطها المحرم وتحولها إلى محال لبيع الملابس والأدوات المنزلية، وإنهاء نشاطها المخالف للشريعة الإسلامية من بيع الخمور، وإقامة الحفلات الراقصة، ويقال إن سلسلة المحال الشهيرة قد وجدت استجابة كبيرة من أصحاب الملاهى الليلية الذين تلقوا عروضاً سخية للبيع!!

والأهم من ذلك عزم ممثلى التيارات الإسلامية على منع إصدار أى تراخيص جديدة لملهى ليلى فور تمكنهم من الوصول للبرلمان! يقول لى فندقى بارز تعليقاً على الخبر: «باى باى للسياحة العربية»!

بالمناسبة فى مصر أكثر من عشرة آلاف مرشد سياحى ومرشدة، ٥٠٪ منهن محجبات وواحدة منتقبة حصلت فى زمن جرانة، وزير السياحة السابق، على ترخيص إرشاد ومزاولة المهنة، ولم تنجح من اليوم الأول حيث رفض جروب من السياح رفقتها.

الشىء المثير للدهشة، وإن كان المدهش أن أندهش أن السياحة النشطة الآن هى سفر المصريين إلى الخارج، وربما كان هذا شغل شركات السياحة.

إننى أعلم علم اليقين المتاعب التى سيواجهها أقباط مصر من غياب الدولة المدنية، وربما عزم البعض على الهجرة، وإن كنت أرفضها كمتهرب من الوضع، وأتذكر الإشارات الواضحة يوم قطع أذن قبطى فى «قنا» ثم التصالح معه (!)

فقد كان هذا موقفاً سلفياً، وأتذكر قطع السكة الحديد بجذوع الأشجار بين القاهرة والصعيد، اعتراضاً على تعيين المحافظ المصرى القبطى عماد شحاتة، وكان هذا أيضاً اعتراضاً سلفياً، ورغم هذه البدايات، فأنا أقفز فوق «الأمخاخ المنتقبة» للتبصير والتدبير فى أمور أخرى هى هموم مصر ومصدر مواردها، يحتوينى الأسى وأنا أشهد وطناً «يتصحر خضاره»، وتتصلب شرايينه ويتقاتل البسطاء فيه من أجل أنبوبة بوتاجاز. فى الوقت نفسه يدعو أوباما وزوجته ميشيل، السياسيين الأمريكيين ونجوم هوليوود للاحتفال بالنجمة الأمريكية «ميريل ستريب»، التى تسلمت جائزة مركز كنيدى للفنون. دون دعوة أحد من حزب «النور» المصرى وإلا قلبها ضلمة.