مقتطفات مهمة من فتاوى فقهاء الكراهية والغم
سيد القمني
«فتاوى مهمة لفقهاء الأمة» هو عنوان كتاب يوزع في مصر مجانا، وينصح غلافه بأن يعطيه القارئ لغيره طلبا للثواب. وهو مجموعة فتاوى للشيخين: عبد العزيز بن باز ومحمد العثيمين، معرفة بالكتاب بأنها فتاوى في صلب عقيدة المسلمين دونها الكفر، ومن لا يؤمن بها فقد خرج وارتد عن دين المسلمين. وتبدأ الفتاوى بتعريف التوحيد الإسلامي كأساس اعتقادي أول بتأكيد أسماء وصفات الله كما وردت بالقرآن وبأنها حقيقة لا مجاز، فلابد من الإيمان بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا المجاز «ص 10» وإذا «سمى الله نفسه بالسميع فعلينا أن نؤمن بالسميع اسما من أسماء الله سبحانه وتعالى، وبالسمع صفة من صفاته وبأنه يسمع/ ص 11» وعندما يقول تعالى «بل يداه مبسوطتان» فهو يثبت لنفسه يدين موصوفتين بالبسط وهو العطاء الواسع، فيجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى يدين اثنتين مبسوطتين بالعطاء والنعم/ ص 12، وأثبت لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع/ ص 13». وهكذا تقرر وزارة الإسلام لدولة عربية مذهبها دينا لكل المسلمين ورأيها عقيدة، من خالفها كفر وارتد، لأن إثبات الصفات والأسماء دون مجاز وتأويل لا يقول به سوى أهل السنة وأيضا الأشاعرة مع بعض الاجتهاد، لكن هذا الاجتهاد الأشعري السني القح وحتى النخاع تنكره عليهم السنة الحنبلية الوهابية وتضعهم ضمن بقية الفرق الإسلامية التي رأت في الأسماء والصفات مساحة للتفلسف الراقي والوصول العقلي إلى معنى الكمال الإلهي المنزه عن النقص وعن الجسد وعن الشبيه كما عند المعتزلة، أو مساحة للحب والذوبان في ذات الله وصفاته كما عند الصوفية، وهو الرأي المقرر بكتاب التوحيد المقرر على ثاني ثانوي بتلك الدولة ص 37، إذ يقول:"وإن الفرق المخالفة من جهمية ومعتزلة وأشاعرة وصوفية قلدوا من قبلهم من أئمة الضلال فضلوا وانحرفوا وهي فرق ضالة منها الأشاعرة والماتريدية".
أما الفلاسفة وعلماء الكلام الذين درسوا قرآنهم من باب العقل فهم مبتدعون، إذ يقول كتاب التوحيد المقرر هناك على طلبة أول ثانوي ص 15، 16، «ما من بدعة إلا ويقيض الله لها من يردها ويكشف عوارها وينصر السنة، عمر بدرته المشهورة.. وعلى بحرقهم في النار، وهشام بن عبد الملك الذي قتل غيلان الدمشقي، وخالد القسري الذي ضحى بالجعد بن درهم «صبيحة عيد الأضحى». ثم المتصوفة الذين اعتقدوا في الوصول بالحب الإلهي إلى درجات راقية تتطهر فيها النفس من مطالب الدنيا وجسدها، وكذلك من اعتقدوا في التصوف وأقاموا الأضرحة والمزارات لشيوخهم، ودانوا بالمحبة لكل الناس وأبرزهم مكانا محيى الدين بن عربي الذي أعلن أنه يدين بدين الحب لمن يطوف بالكعبة أو يضرب جرس الكنيسة أو حتى من يعبد الأوثان؛ لأنهم جميعا خلق الله وليس لأحد منا القرار بشأنهم، فالأمر معلق بمشيئة الله. يقول هنا كتاب التوحيد ثالث ثانوي: «بنوا الأضرحة على القبور.. والله أباح دماء هؤلاء ومالهم وأهلهم لأهل التوحيد وأن يتخذوهم عبيدا لهم». وترى وزارة التعليم هناك أن نهب هؤلاء وسبيهم واستعبادهم شريعة إسلامية وعقيدة مؤكدة، وأن هؤلاء كثيرون بما يفي بحاجات المسلم الوهابي الموحد من سبايا وأموال، و«عباد القبور في كثير من الأمصار/ كتاب التوحيد 3 ث من ص 10: 18»، مع ما لا يخفي من استخدام الكتاب لمصطلح الأمصار جمع مصر وما ينصرف الذهن معه إلى مصر الوطن وعباد القبور فيها كما يزعمون، ومن ثم لا يأمن أحدنا من فتح جديد مع الدعوة التجديدية الوهابية لبلادنا ليذبحونا وينهبوا أموالنا ويركبوا نساءنا ويستعبدوا أولادنا ؟! خاصة بعد تبنى كل حركات الإسلام السياسي في بلادنا للوهابية دينا بديلا عن الإسلام، وهكذا الرباط واضح سافر بين فتاوى المفتين ومناهج المعلمين على المستوى الرسمي والموقف موقف حقائق مدونة تنشر وتوزع بين المسلمين وتدرس في مدارسهم وليست اتهامات أمريكية باطلة. ونعود للفتاوى المهمة لعموم الأمة نتابع ديننا الجديد الذي قرره على المسلمين هؤلاء السادة، في تجديدهم البديع للمذهب الحنبلي، وإن سألنا مشايخ الفتوى عن حديث الفرقة الناجية أكدوا فورا لأنهم هم الفرقة الناجية وحدهم، وهى التي تتميز كما يقول بن عثيمين في المجموع الثمين 2/54. «وفى العبادات تجد هذه الفرقة متميزة بتمسكها التام وتطبيقها لما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تجد عندهم ابتداعا في دين الله»، لكن الطريف حقا ما أعطته هذه الفرقة الناجية لنفسها من حقوق حيث يقول ابن عثيمين أنه في مجال «الأخلاق والمعاملات فلا يخرج الإخلال بهما من هذه الفرقة، وإن كان ينقص مرتبته»؟! وهكذا فالمسلم حسب هذا التجديد مأمور بالطاعة التامة للأوامر والنواهي فيما يخص الاعتقاد على الطريقة الوهابية، أن ترى لله يدا وعينا وأذنا وأنه على كرسي يحمله ثمانية، وأن يتمسك بالحديث النبوي وسنة رسوله كما وردت في أكثر كتب الحديث اتساعا للموضوعات والملفقات من أحاديث «مسند ابن حنبل» فعليه أن يأكل بيمينه ويدخل بيمينه ويردد دوما أدعية وتشكرات وحمدا ويبسمل ويحوقل مع كل حركة وسكنة، ويطلق اللحية ويقصر الجلباب، فمثلا يشرح لنا الدكتور محمد وهدان بجريدة المساء آداب شرب ماء زمزم، فعليه أولا أن يتجه نحو القبلة، ثم عليه أن يذكر الله مع أول شربة، ثم عليه أن يتنفس ثلاثا بين كل شربة وشربة، وعقب كل نفس عليه أن يسمى الله، ثم لابد أن يتضلع من شرب الماء أي يملأ به أضلاعه، وبعد الشراب عليه أن يحمد الله، ثم يدعو بما يحفظ - 31/1/2003. ومن ثم تصبح حياة المسلم محكومة بالأدعية وإبراز العبادة لله طوال الوقت وإثبات النبوة لنبيه طوال الوقت، لكن ما ليس مهما عند الفرقة الناجية أن يكون المسلم عنده أخلاق أو حسن معاملة صادقة، فهذا مما لا يخرج المسلم من هذه الفرقة، بتأكيدهم لحديث نبوي لا تعرف كيف جاء ومن أتى به؟! يقول فيما يزعمون: «لا يدخل ابن آدم الجنة بعمله». أفلا يفسر لنا هذا مستوى الأخلاق في بلاد المسلمين بعد انتشار التجديد الوهابي؟! ألا يفسر لنا هذا سر ظلام الروح البشرية التي تقبل الإمساك بالسكين وذبح البشر كالنعاج والهتاف «الله أكبر» لفعل مثل هذا الفعل ليلطخوا النداء الكريم بدم بريء؟! ألا يفسر هذا أهازيج شارعنا وعرس فرحنا الشامت بنصر الله والفتح يوم ضربت القاعدة في أمريكا المدنيين الذين لا يدرون عنا أو عن بلادنا شيئا. ألا يفسر لنا هذا سر الفساد المنتشر على كل المستويات وارتشاء كل الضمائر، فنحيا المدنية بروح جاهلية ونرتدي الحجاب على البنطلون الاسترتش ونقود المرسيدس بأسلوب قيادة العربة الكارو، ونصلي ونصوم فرضا وسنة ونخسر الميزان ونسرق أراضي الدولة أو نهرب بأموال المودعين في الاستثمار الإسلامي ونستورد اللحوم الفاسدة ونكفر بعضنا بعضا، ولا نقدم للدنيا سوى العداء والكراهية والقتل؟! ألا يعني أن تمسك الناس بدينهم «على هذه الطريقة» هو ما وصل بالشارع الإسلامي إلى ما هو عليه الآن؟!
|