|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
كثرة الطغيان وقلة العرفان (في المسألة الدينية)
يحدث في العالم العربي الآن: كثرة الطغيان وقلة العرفان (في المسألة الدينية)
الخميس 03 يوليو 2003 15:25 د. شاكر النابلسي إن العالم الإسلامي إذا أريد له أن يخفف من حدة الصراع المزعوم بينه وبين الغرب، عليه أن يسلك طرقاً كثيرة، ومنها طريق إلغاء كافة تفاسير القرآن التي تستعمل هذه الأيام لأغراض سياسية شيطانية واعمال ارهابية مجنونة، والقيام بحملة علمية ولغوية وتفكيكية واستقصائية، حسب المنهاج العلمية الحديثة، لتنخيل الأحاديث الدينية الموضوعة في العهدين الأموي والعباسي، وخاصة فيما يتعلق بالأحاديث النبوية السياسية التي تتعلق بعلاقة الحاكم بالمحكوم، وعلاقة المسلمين بالآخرين من أصحاب الديانات والملل الأخرى. إلغاء تفاسير القرآن فمن المعروف أن الشيخ محمد الغزالي، كان الوحيد من بين شيوخ عصره ممن قام في كتابه (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث) - الذي أثار ضجة كبيرة في العالم الإسلامي - بتنخيل عدد لا بأس به من الأحاديث. والأهم من هذا أنه بيّن لنا كيف نميّز بين الحديث النبوي الصحيح والحديث النبوي الموضوع والمدسوس. ولكن ما فعله الشيخ الغزالي لم يكن كافياً، في ظل هذا الاستخدام العشوائي القسري للقرآن والحديث. ومن هنا تكررت الدعوات الدينية وغير الدينية التي نادت بإلغاء كل تفاسير القرآن السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمّت في ظل ظروف وحقب سياسية وعقائدية واجتماعية معينة، وتحت ضغط السلطة السياسية، حتى لا تُستعمل هذه التفاسير لأغراض غير دينية خالصة تتعلق بالصلة بين المسلم وربه، دون وسيط أو وساطة من أحد. وهذا ما دفع الخليفة عمر بن الخطاب الذي كان أول من اعترض على تفسير القرآن بما يحلو لمصالح الفقهاء وأهواء المفسرين. وقال قولته الشهيرة بأن لا نُحمِّل هذا الدين أكثر مما يحتمل. لا أمر إلهياً أو نبوياً بتفسير القرآن لا يوجد في القرآن ذاته أمر إلهي يطلب من الفقهاء أن يفسروا القرآن، لأن القرآن جاء بلسان عربي فصيح ومبين، ليس بحاجة إلى وساطة الفقهاء والمفسرين لكي يفسروه. فهو مفسر بذاته لقوله تعالى في (سورة الفرقان، الآية 23): (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا) وكلمة "تفسير" هنا، هي الكلمة الوحيدة الواردة في القرآن كله. كما أنه لا يوجد حديث نبوي يحضُّ على تفسير القرآن، ووضع المجلدات الضخمة لتفسيره كما فعل المفسرون في الماضي والحاضر، ومنهم سيّد قطب الذي فسّر القرآن في السجن، في عشرة أجزاء (في ظلال القرآن)، وكان شبح جلاده – عبد الناصر – في مخيلته، وحمّل القرآن بما لا يحتمل، لأغراض سياسية واضحة، ظهرت نتائجها من خلال الجماعات الإسلاموية المتعصبة والمتعطشة للدم، ذات العُصاب الارهاب، التي عاثت في الأرض فساداً ودماراً، وما زالت حتى الآن. إن ما نجده في الكتاب والسُنَّة هو ضرورة أن نجتهد في التبصر (التفكير) بآيات الله، وليس قراءة تفاسير المفسرين. ولا نقوم بتفسير القرآن تفاسير مغايرة مجاراة لكل عصر وهوى سياسي، وكما يتفق مع مصالح المفسرين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمنتفعين من الحكام والسلاطين بهذه التفاسير، وهو ما كان، وما زال يُسمّى بفتواى الفقهاء والأشياخ التي أصبحت كصكوك الغفران والكفران في القرون الوسطى، والذين يؤكدون مسألةً اليوم وينسخونها أو يتراجعون عنها غداً، وفي كل فتوى يأتون بالآيات التي يلوون عنقها ومعناها ليّاً قسرياً، لكي تتناسب مع كل فتوى ومناسبة على أساس أن القرآن "حمّال أوجه". فرغم أن الجهاد في الإسلام قد فُرض أساساً لثلاثة أسباب: نشر الإسلام، وحمايته، ومحاربة المرتدين عنه. إلا أن كافة آيات الجهاد الآن تُستخدم استخداماً سياسياً سيئاً في ارهاب الآخرين، وليس بدعوتهم إلى الإسلام. فلم نسمع من فئة اسلاموية واحدة أنهم يحاربون الآخرين ويرهبونهم لكي يجبرونهم على الدخول في الإسلام، ما عدا فئة من المعتوهين الأصوليين في لندن، تجاهد من أجل رفع راية الإسلام على قصر باكنجهام، فيما لو علمنا أن "لا إكراه في الدين" كما قال القرآن. إلا أن الدين فُرض بالقوة، وبحدِّ السيف في مناسبات تاريخية كثيرة كما نعلم. وتلك كانت حجة عمر بن الخطاب في معارضته لأبي بكر في قيامه بحروب الردة في صدر الإسلام، مما يوحي لنا بأن "الإسلام السياسي" منذ فجر الإسلام، ومنذ البداية قد فرّق تفريقاً كبيراً وشاسعاً بين النصوص والتطبيقات، وما زال هذا التفريق وهذا التضاد بين النصوص والتطبيقات قائماً حتى الآن. ولعل هذا التفريق ناتج بالدرجة الأولى من أن القرآن جاء بسوره وآياته الحربية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والقصاصية، ومواقفه من الآخرين ومن أعداء الإسلام لمناسبات تاريخية قديمة خاصة ومحصورة، انقضت، وانقضت معها الغاية والهدف من هذه الآيات. ولا مجال لتطبيق هذه الآيات الآن لاختلاف الظرف والحتم التاريخي الذي أصبح بحاجة إلى آيات جديدة، فيما لو أردنا أن يكون القرآن لكل زمان ومكان، وفيما لو أن الوحي ما زال مستمراً إلى الآن. وهو ما كان قائماً في حياة الرسول الذي دَرَجَ القرآن في تلك الفترة على المجيء بآيات، ثم بنسخها مراعاة للحال، وتغير الظروف، أو استدراكاً لخطأ ما، أو لعدم احتمال المسلمين تنفيذ أمر ما. فبعد أن أمر القرآن مثلاً أن يواجه كل مسلم عشرة من الكفار، تراجع عن هذا الأمر، في ظل عدم توازن القوى، وبعد أن شكا المسلمون ضعفهم وعدم قدرتهم على تنفيذ ذلك، وخففه القرآن إلى مواجهة كل مسلم لاثنين من الكفار، وقال تعالى في (سورة الانفال، الآية 66): (الآن خفف الله عنكم، وعلم أن فيكم ضعفاً، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين). ورغم ذلك فإن هذه المائة الصابرة، لم تغلب مائتين في كثير من المناسبات والمواقع، حين كانت موازين القوى تختل. يتبع |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|