|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
الأقباط والحجاب والمادة الثانية
أخذت المادة الثانية من الدستور جدلا أكثر مما تستحق، وبدا حينا وكأنه جدل في غير موضوع، ذلك أن طلب تعديل بعض مواد الدستور الذي تقدم به رئيس الجمهورية لم يكن مدرجا به تعديل هذه المادة، والواقع أن هناك مواد أخري يجب أن تثير قلقنا، لم يرد الحديث عن تعديلها، مثل المادة ٧٧، التي تتعلق بالمدة التي يتولي فيها الرئيس موقعه وضرورة تحديدها، وغيرها من المواد،. وأعرف أن هناك حساسية وقلقا لدي عدد من الزملاء تجاه المادة الثانية، تحديدا تجاه الجملة الأخيرة بها والتي تتحدث عن أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وهو قلق مبالغ فيه لأن هناك فارقاً بين مبادئ الشريعة وأحكام الشريعة، أو هكذا أتصور، ومع ذلك فلا يجب أن يفوتنا أن النصوص الدستورية والقانونية، أيا كان مصدرها ليست هي المعيار الأوحد في حياتنا السياسية والاجتماعية، ولنفتش في جميع الدساتير، فلن نجد فيها نصا يجيز التعذيب في الأقسام والمعتقلات ومع ذلك لم يتوقف التعذيب يوما منذ الدستور الأول في عهد الخديو إسماعيل وحتي يومنا هذا. وهناك دستور سنة ١٩٥٨، دستور الوحدة مع سوريا، والذي ظل يحكمنا حتي سنة ١٩٦٤، هذا الدستور خلا من أي نص علي أن يكون الإسلام دين الدولة، ومع ذلك فإن حقوق الأقباط لم تزد ولم يحصلوا علي امتياز خاص، وظلت أوضاعهم سنة ١٩٥٨ كما كانت قبلها بعام أو بعامين، ولم تعم الحرية ربوع البلاد، ولم يهنأ المثقفون. في ظل هذا الدستور، جرت أزمة رواية «أولاد حارتنا» سنة ١٩٥٩، ورغم أن الأهرام هي التي تولت نشرها وتولي الأستاذ هيكل بنفسه الدفاع عن الرواية أمام الرئيس عبدالناصر، لكن الرئيس طلب من ثلاثة من علماء الأزهر إعداد تقرير عن الرواية وكانت تقاريرهم علي النقيض من دفاع هيكل، والواضح أن الرئيس أخذ بتلك التقارير ولم تطبع الرواية في مصر، وفي ظل الدستور جرت أزمة كتاب د. مصطفي محمود «الله والإنسان»، ومن يقرأ هذا الكتاب يتبين مدي التعسف والتسلط في تلك الأزمة، كما وقعت واحدة من أزمات روايات إحسان عبدالقدوس، وفي ظل ذلك الدستور جرت أكبر موجة من اعتقال المثقفين والكتاب والمفكرين في سنة ١٩٥٩ وجري قتل د. شهدي عطية الشافعي تحت التعذيب وكسر لويس عوض ومحمود العالم وغيرهما الأحجار! كل هذا وغيره كثير في ظل دستور ليس فيه أي ذكر لدين الدولة ولا لمبادئ الشريعة وعلاقتها بالتشريع! وفي الجدل الذي دار مؤخرا حول المادة الثانية من الدستور هناك جزئية يجب أن نتوقف عندها، بقدر من الشجاعة، وهي الزج بالأقباط في كثير من القضايا دون مبرر فنثير مخاوف الأقباط ونزيد نفور المحافظين تجاههم، فإذا أردنا أن نعبر عن رفضنا ومخاوفنا من الدولة الدينية ومن مطالب الأصوليين والسلفيين صحنا بهم: حقوق الأقباط! وهنا يصبح وجود الأقباط ـ مجرد وجودهم ـ بنظر هؤلاء وكأنه العائق لتحقيق أحلامهم ومشاريعهم، ولكن لنطرح التساؤل بوضوح.. ولنفرض أنه لا يوجد في مجتمعنا غير المسلمين، فهل كنا سنقبل بقيام دولة دينية، وهل سنسلم مصيرنا للأصوليين والمتشددين؟ والإجابة القاطعة هي لا، فنحن نرفض المشروع الأصولي والسلفي لأنه لا يصلح لبناء مستقبل هذا البلد، وهو مشروع لا يجعلنا قادرين علي التواجد الحي والمؤثر في هذا العالم، وهو مشروع يقود بلادنا إلي الخراب والدمار، وما جري لأفغانستان علي أيدي طالبان كاف لأن نرفض كل تلك المشاريع بغض النظر عن الصياح بالأقباط، ولا ينفي ذلك أن للأقباط أوجاعاً خاصة عديدة، يجب معالجتها ومداواتها، لكن لا يجب أن نجعلهم وكأنهم «دروع بشرية» نواجه بها المتطرفين أمام العالم، ثم نجد من بعض التيارات الأصوليين من يحاول المزايدة بالأقباط! وعليهم وأتصور أن قداسة الأنبا شنودة كان أبعد نظرا وأكثر حنكة وذكاء حين نصح الأقباط أن يتجنبوا المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور، ومعني رسالته هو أن يطالب بتعديلها من يشاء ولكن دون الزج بالأقباط. الأمر لا يتعلق بجملة هنا وعبارة هناك وكما سبقت الإشارة في مطلع هذا المقال فإن رواية «أولاد حارتنا» منعت في ظل دستور ١٩٥٨ بينما نشرت خلال ديسمبر الماضي لأول مرة في مصر أي في ظل الدستور الحالي ومادته الثانية، المهم هو أن يوجد رأي عام سياسي قوي وفاعل وذلك هو الضمان الحقيقي وهو المعيار الأول. لقد ألغي إسماعيل صدقي دستور ١٩٢٣ واخترع دستورا جديدا سنة ١٩٣٠ بمساندة الملك فؤاد ورضا الإنجليز ولأنه كانت هناك حياة حزبية نشطة ـ تحديدا كان هناك «الوفد» وزعيمه «النحاس باشا» زعيم الأمة المصرية ـ أمكن إسقاط دستور صدقي بأكمله في ١٩٣٥ وإعادة دستور ١٩٢٣ ثانية حين تكون هناك قوي حية وفاعلة تسقط دستوراً بأكمله وليس مادة أو جملة في مادة من دستور «طويل.. عريض»!! ويتناسي كثيرون أن الدولة الآن في حالة صدام مع جماعة الإخوان وهو صدام محدود قياسا علي تجارب سابقة، والقاعدة أن الدولة حين تصطدم بهم تبالغ في مظاهر التدين للمزايدة عليهم ولذا فإن الدولة لن تقترب من المادة الثانية من الدستور، ومؤخرا كنت أجادل أحد كبار المسؤولين في المواد التي لم يقترب منها التعديل، وإذا به يقفز إلي المادة الثانية تلقائيا قائلا: «لقد رأينا ما جري لفاروق حسني حين اقترب من قضية الحجاب فهل جننا لنقترب من المادة الثانية»؟ وإذا كانت الدولة ضالعة في لعبة المزايدة بالدين وليست هناك قوي سياسية حية قادرة علي إحداث تغيير، والواقع لا يعبأ كثيرا بالنصوص، فإن كل الجدل حول المادة الثانية من الدستور خارج الموضوع وبتعبير الوضعيين المناطقة «قضية زائفة»! |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
خيارات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
مبارك يسمح للجيش الأمريكى بالتدريب سرا فى مصر !!!!!!!!! | godhelpcopts | المنتدى العام | 225 | 03-03-2007 05:51 AM |
أوضاع الأقباط قبل وبعد ثورة يوليو 1952 | Remon16 | المنتدى العام | 10 | 10-01-2007 02:59 PM |
المادة الثانية من الدستور وحقوق الأقباط | MAFYA | المنتدى العام | 15 | 28-11-2006 02:01 AM |
رسالة الي الكنيسة القبطية الارثوذكسية بمناسبة فوز مبارك في الانتخابات | fredy_kroger | المنتدى العام | 7 | 11-09-2005 06:25 AM |