دعاء أول جمعة من السنة

الجمعة 02 يناير 2004 23:24


عام سعيس


سعد بن طفلة العجمي:

ليس في عنوان هذه المقالة غلطة مطبعية، فهي كلمة مسكوكة من كلمتي سعيد وتعيس، أي أنها كلمة هجين، ولعلها أصلح تعبير عن واقع الحال الذي عاشه عالمنا في العام المنصرم ،2003 وبالذات عالمنا العربي والإسلامي· فالسعادة نسبية، والتعاسة نسبية أيضا·
فقد ولى عام 2003 بسعادة لا تضاهيها ولا تجاريها سعادة لدى العراقيين والكويتيين والإيرانيين وربما المنطقة برمتها، تمثلت في القضاء على نظام صدام حسين وإلقاء القبض عليه، وهو الحدث الذي شكل تعاسة ما بعدها تعاسة لكل من راهن على صدام وبطولاته الصوتية، وانتصاراته الوهمية·
وقد ذهب العام الماضي والقضية الفلسطينية تعاني من التعساء والقهر، وتستمر تعاسة الشعب الفلسطيني باستمرار الاحتلال واستمرار السيد ياسر عرفات ممسكا بكل الأوراق السياسية والنقدية، ولكن الحالة الفلسطينية المزرية مصدر السعادة للمتطرفين الصهاينة، ولمن يريد أن يثبت بأن تنظيره وعنفه وتطرفه له ما يبرره، ليبقى الإنسان الفلسطيني هو الضحية في هذه المعادلة السعيسة·
ولا تزال منابع التطرف تصدر لنا الإرهابي تلو الآخر· فهم ضربوا المقدسات في الأحياء المدنية الآمنة في الرياض، وحاولوا الاعتداء على الأماكن المقدسة في مكة، وضربوا النجف وكربلاء المقدستين، وهاجموا مؤسسات الإغاثة الإنسانية العاملة في العراق، وضربوا الصليب الأحمر الدولي في بغداد، وروعوا اسطنبول بانفجارات دموية مروعة، وكانت سعادتهم لا توصف وهم يشاهدون الأبرياء قتلى وجرحى دون ذنب اقترفوه، وتعاسة المشهد تمثلت في معاناة الأبرياء وذويهم· فكم من طفل تشوه وجهه البريء الجميل، وكم من أم ثكلت أبناءها، وكم امرأة ترملت وانزوت تجابه الدهر وصروف الزمان بمفردها دون شريك حياتها، وذلك ثمن دفعوه كي يسعد الإرهاب ويجدد أهله أملهم في مواصلة القتل والدمار·
وقبيل نهاية العام الماضي بأيام، ضرب زلزال مدمر مدينة بام الإيرانية التاريخية، وتسبب في مقتل عشرات الآلاف وتشريد مئات الآلاف، وكان المنظر قمة المأساة ومنتهى التعاسة، ولكنها اختلطت بعد ذلك بجانب السعاسه، وهي الهبات الإنسانية التي تدفقت على إيران من كل حدب وصوب، مذكرة بضرورة التلاحم الإنساني وقت الفجائع والكوارث الطبيعية المهلكة· وكانت دول الخليج العربية سباقة بتقديم أربعمائة مليون دولار على شكل مساعدات عاجلة، وحوت المساعدات في طياتها رسالة للجانب الإيراني بتلاحم البشر على ضفتي الخليج، وسارعت الولايات المتحدة -الخصم اللدود لإيران الثورة- بتقديم المساعدات الإنسانية حاملة رسالة من نوع آخر، لم يفت على الرئيس الإيراني المعتدل -محمد خاتمي- تقديم الشكر لأميركا على مبادرتها الإنسانية·
ولقد حفل عام 2003 بتغيرات ليبية مفاجئة تمثلت باستعدادها لفتح منشآتها الحربية للتفتيش الدولي، والتخلي عن برامجها التسليحية التي أرهقت الاقتصاد الليبي دون فائدة سوى التعاسة للإنسان الليبي·
ولى عام 2003 ومعدلات التنمية في العالم العربي في أدنى مستوياتها، والأمية ضاربة أطنابها، والفقر والقمع منتشران كالجراد، ولا تلوح في الأفق القريب بوادر انجلاء ليل التخلف والتراجع الذي أرخى سدوله على العقول، وهيمن على القدرات، وشتت الجهود، وبعثر الأحلام·
قد لا أكون متفائلا بهذا الانطباع، وأتمنى أن تكون قراءتي للعام القادم-الحالي في غير محلها، وأرجو الله القدير، أن تنجلي التعاسة، وتسود السعادة، اللهم آمين·

الاتحاد الإماراتية


المفتى يعيد دعاء السيد سعد بن طفلة العجمي ويقول :
اللهم إجعل معدلات التنمية في العالم العربي في أدنى مستوياتها، والأمية ضاربة أطنابها، والفقر والقمع منتشران كالجراد، ولا تلوح في الأفق القريب بوادر انجلاء ليل التخلف والتراجع الذي أرخى سدوله على العقول، وهيمن على القدرات، وشتت الجهود، وبعثر الأحلام·
اللهم آمين· ثم آمين ثم أمين أنت السامع المجيب