إعادة إنتاج الطغاة
إعادة إنتاج الطغاة (٤)
بقلم جلال عامر - المصرى اليوم
الأسماك الأبيض والأسود مثلنا للأكل، لكن الأسماك الملونة مثلهم للزينة، لذلك فإن التدين المزيف يؤدى إلى التخلف الحقيقى، وأول مرة ترى فيها من يخلط لك الأرض بالسماء هى آخر مرة ترى فيها «محفظتك»، فالنشل فى السياسة مثل النشل فى الأتوبيس.. هو يعطيك جوال أرز ليأخذ منك فيما بعد حقلك.. ومجتمعنا هو أفضل مصنع لإنتاج الطغاة.. فى المدرسة، «الناظر» هو الديكتاتور الأعظم، وفى البيت، «الأب» هو الطاغية، وإذا مات الناظر يبقى المدير، وإذا مات الأب يبقى الكبير، فليس بيننا وبين الحاكم «عقد اجتماعى»، بل هو دائماً «عقد إذعان»، لأن من يتربى على «السمع والطاعة» تكبر أذناه وتتضخم ذراعه وتتحول إلى الذراع السياسى لكن يتعطل «مخه»..
وتأمل حضرتك الفرحة والشماتة التى أظهرها التيار المستغل للدين تجاه «البرادعى» لتعرف موقفهم الحقيقى من الحرية، فالشىء يُعرف بضده. وقال أحد قادتهم «لن نهتف له بالروح والدم ليعود»، مخالفاً بذلك وصية مؤسس الجماعة التى قالها يوم إعلانها «وهذا مثبت تاريخياً» فقد أوصى وقال «لا تضحك» بديلاً عن الوصية التى تقول «لا تكذب»..
فليس العيب فى الجماعة التى تسمع ولكن العيب فى المجتمع الذى يسمح.. والسماء أصفى من ماء الغدير والأرض مليئة بماء البرك، لكنها الانتهازية اللعينة.. وتأمل حضرتك تحالفاتهم التى بدأت مع الملوك لضرب حزب الأغلبية وانتهت مع اللواءات ليصبحوا هم حزب الأغلبية.. وليس عيباً أن تضع «الجماعة» حزباً يعشق «رأس المال»، لكن العيب أن تعشق فصل «الرأس» عن «المال».. وحبيتك بالصيف أحببتنى بالسيف.. انتهى فيلم الحب وبدأ فيلم الرعب.. وظهور البوليس بكثافة يؤكد أننا فى نهاية الفيلم.. لكن لماذا بعد كل قيصر يموت يأتى قيصر جديد؟!..
طبعاً بسبب «الناظر» و«الأب»، وكل من يضع «طوبة» فى مصنع الطغاة.. تشهد مصر حركة عمران مبانى مخالف للقانون وحركة عمران سياسى مخالف للضمير، مما يجعل الثوار فى السجون والبلطجية يمرحون.. ويقول «سقراط» إن (الجهل هو أبوالشرور)، فهل عرفت الآن عنوان المصنع الذى يعيد إنتاج الطغاة؟.. الديكتاتور قبل أن يجلس فى القصر يتربع أولاً فى عقولنا وقلوبنا ونفوسنا داخل البيت وداخل المدرسة، لذلك تظل الأسماك الأبيض والأسود للأكل، لكن الأسماك الملونة للزينة.. فإلى اللقاء مع طاغية جديد.
galal_amer@hotmail.com
__________________
(( افتحي يا كنيسه زراعك لكل متنصر جذبه المسيح اليه .. احتضنيه و اعترفي به فهو ابن لك و انت ام له ))
((فأنت الصدر الحنون له في محيط المخاطر و الكراهيه و الظلم و الارهاب الذي يتربص به ))
|