انتهت فى ساعة مبكرة من صباح أمس عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض من مسرح حادث قطارى العياط، وسحبت أوناش كبيرة تابعة لهيئة السكة الحديد القطارين المتوقفين منذ مساء أمس الأول، وأزاحت 3 عربات من الزراعات المجاورة لتحطمها تماماً بفعل الحادث.
وعادت حركة القطارات إلى طبيعتها فى السابعة والربع من صباح أمس، بعد تعطل دام 12 ساعة كاملة انتقلت فيها قيادات حكومية إلى موقع الحادث، أبرزهم الوزيران محمد منصور وحاتم الجبلى وزيرا النقل والصحة، وعدد كبير من القيادات الأمنية بإشراف اللواءين أسامة المراسى وأحمد عبدالعال، وانتقل قرابة 90 سيارة إسعاف لم تتوقف عن العمل طوال ليلة أمس الأول، وحتى صباح أمس بينما وقف ضباط ومجندون بجوار القطارين ليتمكن رجال الإنقاذ والإسعاف من مباشرة عملهم.
وكشفت التحقيقات والأوراق الرسمية عن أن عدد ضحايا الحادث وصل إلى 18 بينهم 12 سيدة و6 رجال بينهم عامل التحويلة الذى ترك عمله فى برج المراقبة قبل وقوع الحادث بدقائق وتبين أن عدد المصابين 36 شخصاً بينهم 8 تلقوا العلاج وخرجوا من المستشفيات وأن النيابة العامة استمعت لأقوالهم جميعاً. ورصدت «المصرى اليوم» لحظات ما قبل وقوع الحادث وبعده من خلال لقاءات مع شهود عيان وعاملين بهيئة السكة الحديد والأهالى.
كانت الحياة هادئة فى العياط حتى السادسة والنصف من مساء أمس الأول.. حركة القطارات عادية.. هذه قطارات مكيفة وأخرى للدرجتين الثانية والثالثة قادمة إلى القاهرة والإسكندرية وأخرى فى طريقها إلى الصعيد.. القطار 152 أو القطار «الفيومى» مثلما يطلق عليه ركابه وأهل القرى لأنه يخرج من الجيزة ويمر على قرى ومراكز فى الجيزة وأكتوبر وبنى سويف والفيوم.. ها هو قادم فى طريقه اليومى من الجيزة للفيوم.. يتخطى المراكز والقرى الواحدة تلو الأخرى.. القطار يتحرك ببطء شديد وهدوء اعتاده جميع ركابه.
فى السادسة والنصف تخطى القطار قرية جرزا.. يشاهد سائقه «دابة» ضالة تقطع عليه شريط السكة الحديد فجأة، يفشل الرجل فى التفادى ويدهس الدابة لتستقر تحت عجلات الجرار ويتوقف تماماً، دقائق قليلة ودون مقدمات يظهر القطار 188 المتجه من القاهرة إلى أسيوط.. الإشارة كانت حمراء وعلى السائق أن يتوقف لكنه لم ينتبه أو يشاهدها أو تجاهلها.. ويصطدم بمؤخرة القطار المتوقف ويخترق الجرار العربتين الأخيرتين.
تنطلق الصرخات وتسيل الدماء على شريط السكة الحديد ويتوافد أهالى قرى العياط إلى القطارين ويقف الركاب فى ذهول من هول الصدمة.. لحظات ويبدأ الأهالى فى المساعدة وإخراج المصابين والجثث والأشلاء من القطار «152».
فى تمام السابعة تبدأ سيارات الإسعاف فى الوصول وتستقبل جثثاً وأشلاء ومصابين وتطير بهم إلى المستشفيات القريبة قبل أن يصدر قرار من النائب العام بنقل الجثث إلى مشرحة زينهم.. فى الثامنة تصل عربات الإسعاف إلى 80 سيارة تساعد فى نقل المصابين والجثث لكنها عاجزة عن عبور الترعة، وكان الأهالى وعمال الإسعاف ورجال الإنقاذ يحملون الأشلاء فى حقائب بلاستيك ويضعونها فى سيارات الإسعاف.
. تنطلق الصرخات: «لا إله إلا الله.. يا رب سلم»، عندما يتدلى نصف جسد سيدة من بين القطارين.. فى الساعات المتبقية من الليل تستمر عمليات رفع المخلفات وبقايا القطارين، وفى السابعة والربع صباحاً يظهر أول قطار متجه إلى الصعيد وآخر قادم من الصعيد للقاهرة ولسان حالهما يقول: «كان هنا حادث بشع قبل 12 ساعة.. ربنا يستر».