هل يريدونها شقة مفروشة؟!

[abomeret]

هل يريدونها شقة مفروشة؟!

بقلم محمد أمين - المصرى اليوم

لا كنا نهول، ولا كنا نبالغ، ولا كنا «نسود» الدنيا، حين قلنا إن البرلمان المقبل لن يعبر عن جميع طوائف الشعب.. فقط كنا نرصد الواقع، وكنا ندق ناقوس الخطر.. مصر ينبغى أن تبقى للجميع.. هكذا كانت أهداف الثورة، وهكذا كانت أسمى أمانينا.. والآن، خرج اللواء مختار الملا ليقول الكلام نفسه: البرلمان المقبل لا يمثل المصريين جميعاً، فانسحب الإخوان من «الاستشارى» وبدأ الصدام!

كانت هناك تقديرات تشير إلى أن الصدام بين «العسكرى» و«الإخوان» قادم لا محالة.. لكن لا أحد تصور أنه يمكن أن يكون بهذه السرعة.. فقد بدأت مبكراً معركة الدستور الجديد بين التيار الإسلامى، من جانب، والمجلس العسكرى، من جانب آخر.. لا لشىء إلا لأن «العسكرى» طالب بضرورة الاتفاق على «ضوابط» الجمعية التأسيسية، قبل أن يختارها البرلمان الجديد!

وأريد أن أسجل هنا أولاً، أن تصريحات اللواء الملا اعتراف بفشل خارطة الطريق، التى أصر عليها المجلس العسكرى.. كما أنها اعتراف بالهزيمة.. واعتراف بأن العسكريين انخدعوا فى ولاء الإخوان، وانخدعوا فى الهدنة بين الجانبين.. فلا ولاء ولا هدنة، إلا لمصلحة خاصة.. الإخوان يريدونها أن تصب فى رصيدهم، وأن تكون لهم اليد العليا.. وهنا فقط يكون الغزل السياسى!

صدَّق «العسكرى» ما ردده بعض رموز الإخوان، والمرشد العام شخصياً، حين قالوا لو كانت بينهم وبين «العسكرى» شعرة لأرخوها.. وصدَّق «العسكرى» أنهم معه فى أى اتفاق.. وثبت أنهم فى أى اتفاق يحافظ على تفوقهم.. وأنtهم فى أى اتفاق يكبر كومهم.. وغير هذا، لا اتفاق ولا ولاء.. فكان قرار الانسحاب واضحاً، بحجة أن «الاستشارى» يسحب سلطة البرلمان!

معنى هذا أن الإخوان يتهيأون من الآن لتشكيل الحكومة.. ومعنى هذا أنهم يريدون السيطرة على البرلمان والحكومة وتأسيس الدستور.. فهم مع «المجلس الاستشارى»، حين يكون رأى المجلس الاستشارى استشارياً، أما إذا ثبت أنه سيتدخل فى إعداد الجمعية التأسيسية للدستور فلا.. والعنوان الكبير هو أن ما يحدث ينتقص من دور المؤسسة التشريعية!

فهل كان الإخوان يريدون أن يلعبوا وحدهم؟.. وهل كانوا يريدون أن ينفردوا بالبرلمان والحكومة والدستور؟.. ماذا كانوا يريدون؟.. هل يصح أن يصنع الدستور، تيار واحد ووحيد؟.. هل يصح أن تضع الدستور جماعة؟.. هل أصبحت مصر شقة مفروشة؟.. هل تدارك «العسكرى» خطأه بالمجلس الاستشارى؟.. هل أفاق مؤخراً على أن هناك «جماعات معينة» تريد الانفراد بتحديد المستقبل السياسى للبلاد؟!

الصدام كان متوقعاً، لكنه لم يكن فى الحسبان بهذه السرعة.. والغريب أن يحدث كل ذلك بعد المرحلة الأولى فقط من الانتخابات.. كأن الانتخابات انتهت، وكأن الإخوان قد حسموا أغلبية البرلمان.. وكأن «الاستشارى» ينبغى أن يكون مجرد صنم، لا يضر ولا ينفع.. وهى إساءة كبرى للأعضاء الموجودين فيه.. ومع كل التحفظات على المجلس الاستشارى، لكنه يجب أن يدير مع البرلمان والحكومة و«العسكرى»!

لا أظن أن «الاستشارى» قد ينتزع سلطة البرلمان أو الحكومة.. ولا أظن أنه سوف يبقى كياناً ثابتاً، خاصة عندما يتم استكمال المؤسسات الدستورية.. هذا هو المنطق.. لكن الإخوان بدأوا يشعرون بنوع من الاستعلاء فى الخطاب.. فمن يدرى ربما يكون ذلك له أثره، فى المرحلتين الثانية والثالثة.. فنصحح أخطاء الانتخابات، ونصحح خطأ خارطة الطريق، من جهة، وخطأ المجلس العسكرى من جهة أخرى!