يسقط الرئيس المنتخب!!

[abomeret]

يسقط الرئيس المنتخب!!

بقلم نيوتن - المصرى اليوم

فى مساء يوم ٢٨ يناير ٢٠١١ ارتجّت مصر بهتاف تاريخى (الجيش والشعب إيد واحدة). الجيش المقصود كان واضحاً صريحاً فوق دباباته ومدرعاته بين الناس. الذين يتحدثون باسم الشعب كانوا صنفين من الثائرين: الإخوان والشباب. دارت عجلة الزمن. التزم الإخوان الصمت تجاه الجيش. لا هم يساندونه علناً ولا هم يكشفون ما بينهم وبينه.. إن كان هناك ما بينهم وبينه. الشباب يكتبون الآن على الجدران ويهتفون فى الشوارع (يسقط حكم العسكر). فى استطلاعات الرأى يقول المصريون إنهم يؤيدون الجيش بنسبة ٨٠٪.

الإعلام، بكل تنويعاته، يعكس موقفاً واحداً. موقف من يطالبون بإسقاط حكم العسكر. الإخوان مختفون. الجيش لا منبر ولا شاشة له. إذا جاء شخص غريب إلى مصر الآن وتابع ما حوله سوف يعتقد أن الشعب كله يريد إسقاط حكم العسكر!!

الإخوان حصلوا على النسبة الأعلى من مقاعد مجلس الشعب. يتجهون لاكتساح فى مجلس الشورى. الناخبون يصوّتون لهم. السلطة التشريعية فى نصف قبضتهم. تنازعهم فيها معارضة قوية من تيارات مختلفة. من خارج المجلس تحاول قوى ثائرة أن تسحب البساط من تحت المقاعد التى صنعتها أصوات الناخبين. لا تقبل النتيجة التى أقرتها الملايين.

فريق واحد يطعن فى الجيش وفى الإخوان. العسكر يتلقون أغلب السهام. الإخوان يتقهقرون حيناً خطوتين إلى الوراء. لا يريدون مواجهة. يتقدمون فى أحيان أخرى (نصف خطوة) لعلهم يتمكنون من المزايدة على القوى التى تريد أن تسحب منهم قوة أصوات الناخبين. الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب، تحدث كثيراً مع أعضاء المجلس عن مفتعلى (الشو). منزعج هو من النواب الذين يزايدون عليه أمام الشاشات. أكثر من عضو إخوانى أبدوا تبرمهم لأنهم يُصنفون إعلامياً فى خانة (وريث الحزب الوطنى مقاعد وسلوكاً). يعنى هذا أن الإخوان فى موقف الدفاع حتى لو كانوا أغلبية. هناك أسباب أخرى لهذا الموقف الدفاعى.

المجتمع مرهون. المؤسسات مهتزة. سلطة واحدة قالت قبل يومين للجميع إياكم والاقتراب من استقلالى: القضاء. حالات الاختطاف التى انتشرت بين الأحياء تعكس أيضاً جريمة سياسية منتشرة اسمها: الاختطاف. اختطاف بلد. الجيش الذى دعم (٢٨ يناير) يتعرض للابتزاز. الأمن مهتز. مجلس الشعب متخبط. الإعلام طالب مع من طالب بانتخابات رئاسية مبكرة. المجلس الاستشارى مشى وراء الإعلام وقال (مبكرة). استجاب المشير وبكَّر موعد الانتخابات الرئاسية. رحب أحمد شفيق وسليم العوا بالتبكير، وقالا: ليكن. عمرو موسى فى الأصل يريدها اليوم قبل غدٍ.

من قال إن انتخاب الرئيس القادم سوف يؤدى إلى الاعتراف بصلاحياته الدستورية وشرعيته الانتخابية؟! من الذى يضمن فى هذا المناخ ألا يواجه هتافاً من اليوم التالى لقسم اليمين يطالب بإسقاطه؟!

من الصعب أن تتوقع من هو الرئيس القادم. الشعب أمامه اختيارات مختلفة ولو كانت محدودة. تحديداً اختياران أو ربما ثلاثة. مع بدء الانتخابات سوف تنقسم وسائل الإعلام بين هذا وذاك.. حتى لو ادعت الحياد. لا حياد فى هذه اللحظات الحاسمة من الزمن. الإخوان يتريثون. فى لحظة سوف يعلنون موقفاً. الجيش سوف يحافظ على صمته. سيختار الناس رئيساً فى نهاية الأمر. قبل أن يختاروا سوف يكتب البعض فى الشوارع يسقط هذا أو يسقط ذاك.

فيما بعد أداء اليمين الدستورية بساعات سوف يهتف فريق من الشعب: يسقط الرئيس. قد يدعو هذا الفريق إلى مليونية فى ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط الرئيس المنتخب. سوف يحضر مئات أو بضعة ألوف، وسوف تصف وسائل الإعلام هذا الحضور بأنه (مليونية)!! الملايين الحقيقية ذهبت إلى لجان الانتخاب وسوف تذهب.

كيف تبنى شرعية فى تلك الحالة؟ كيف سوف يستقر المجتمع؟ كيف ستعود إليه الدولة من حالة الغيام التى تختفى خلفها الآن؟ الأمر ليس له علاقة بالموقف من الجيش وحده.. أو الداخلية بمفردها.. أو مجلس الشعب خصوصاً.. أو القضاء تحديداً.. أو الرئيس القادم بعينه.. الأمر له علاقة بمستقبل مصر كلها. مربط الفرس فى الإعلام الذى يلتهم البلد بلا وعى وبلا ضمير!!!

newton_almasry@yahoo.com