|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#16
|
||||
|
||||
حدد عمر بن الخطاب أنواع الملابس وطريقة ركوب أهل الذمة فاشترط عليهم لبس الزنار? ونهاهم عن التشبيه بالمسلمين في ثيابهم وسروجهم ونعالهم? وأمرهم أن يجعلوا في أوساطهم زنارات وأن تكون قلانسهم مضربة? وأمر عمر بمنع نساء أهل الذمة من ركوب الرحائل. فكتب إلى عدى بن ارطأة عامله على العراق: مروا من كان على غير الإسلام أن يضعوا العمائم ويلبسوا الأكيسة . تحدث أبو يوسف عن لباس أهل الذمة وزيهم فقال: لا يترك أحد منهم يتشبه بالمسلمين في لباسه ولا في مركبه ولا في هيئته . واعتمد أبو يوسف في تفسير ذلك على قول عمر بن الخطاب: حتى يعرف زيهم من زي المسلمين ! ولاية الذمي على المسلم: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين. ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم اللهُ نفسَه وإلى الله المصير (آل عمران 28). يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بِطانةً من دونكم لا يأتونكم خَبالاً. ودّوا ما عنِتُّم. قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر. قد بيّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون. ها أنتم أولاءِ تحبونهم ولا يحبونكم (آل عمران 118 ? 119). يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين. أتريدون أن تجعلوا للَّه عليكم سلطاناً مبيناً (النساء 144). يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق .. (الممتحنة 1). ويقول صاحب صبح الأعشى حديثاً ضعيفاً: إن اليهود وال***** أهل غدرة وخيانة . هذه الآيات وأمثالها تحذر المسلمين من مصادقة الكافرين وتصفهم بأنهم قوم لا يوثق بهم. وهناك أحاديث عديدة تقول إن اليهود والمسيحيين يتحايلون على الإسلام والمسلمين? مما جعل الفقهاء يتفقون على أنه لا يجوز للذميين أن يتقلدوا وظائف عالية في جهاز الحكم? لأن طاعتهم للحكم الإسلامي موضع شك. وإن مكانة الذمي المنحطة أيضاً لا تتلاءم مع ما للدوائر الحكومية من خطورة وأهمية بالنسبة للمسلمين. وعليه فلا يجوز أن يصير الذمي قاضياً ولا كاتباً ولا مترجماً. يوجد أيضاً فقهاء أمثال الماوردي الذين ذهبوا إلى جواز توليتهم في السلطة مثل الوزارات ولكن شريطة أن تنحصر واجباتهم على مرجع التنفيذ وليس الحكم والقضاء? فالذي يتولى التنفيذ يجوز أن يكون ذمياً أو عبداً? دون أن يحسم فيما يتعلق بالواجبات الشرعية مثل جمع الزكاة. أما ما يتصل بالقضاء فلا يصح تقليد غير المسلم القضاء على المسلمين. وعللوا ذلك بأن القضاء من باب الولاية? بل هو أعظم الولايات. وغير المسلم ليس له أهلية لأدنى الولايات وهي الشهادة على المسلمين. فبالأوْلى لا يكون له أهلية لأعلاها. وبهذا صرح الفقهاء من مختلف المذاهب كالحنفية والشافعية والشيعة الإمامية والزيدية والظاهرية. اختلف الفقهاء في جواز تولية غير المسلم القضاء على غير المسلمين. ويمكن إجمال أقوالهم على النحو التالي: صرحت الشافعية بعدم جواز تقليد غير المسلم القضاء على غير المسلمين (المحلى ج 9 ص 363 مغنى المحتاج ج 4 ص 375). وهو مذهب المالكية والحنابلة والشيعة الأمامية أيضاً? لأنهم قالوا بعدم جواز شهادة غير المسلم على المسلم. قال الأحناف يجوز تقليد الكافر القضاء? وإن لم يصح قضاؤه على المسلم حال كفره. وقالوا أيضاً يجوز أن يُولَّى الذمي القضاء على أهل الذمة? وكونه قاضياً خاصاً بهم لا يقدح في ولايته? ولا يضر كما لا يضر تخصيص القاضي المسلم بجماعة معينة من المسلمين (شرح العناية ج 5 ص 499).
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#17
|
||||
|
||||
الخدمة العسكرية:
الخدمة العسكرية أو الجندية هي خدمة من ينتمي إلى الديانة التي تشكل أسس الدولة الإسلامية? فهي على هذا الأساس واجب المسلمين? وعليهم يترتب الدفاع عن الدولة. فبالدرجة الأولى إنها واجبهم وحقهم. أما الذمي فلا يشترك لا في الخدمة العسكرية ولا في واجب الدفاع عن البلاد إلا من خلال ما يدفعه من ضرائب مثل الجزية والخراج. لقد ذهب الإمام مالك وأحمد بن حنبل إلى أن واجب الدفاع عن الإسلام بقوة السلاح يقتصر على المسلمين دون غيرهم. والشافعي يرى اشتراك أهل الذمة في الخدمة العسكرية جائزاً إن كانوا ممن يكنّون للإسلام ميْلاً بالغاً? أو إن كان بجيش المسلمين وَهَن فاحتاج إليهم. إلا أنه لا يجوز استخدام الذميين في قتال العصاة المسلمين كيلا يظهروا على المسلمين. أما أبو حنيفة فلا يرى أي مانع في توظيفهم وإدماجهم في جيش المسلمين كاملاً وإرسالهم في قتال الأعداء? سواء كانوا مسلمين أو غيرهم. اتفق الفقهاء على أنه لا ينبغي للذميين الاشتراك في الغنيمة? حتى وإن كانوا ممن قاموا بواجب الجهاد في جيش المسلمين! أما الدوائر الحكومية الأخرى فشأنها شأن الوزارات والسلطات العليا. يجوز استخدام الموظفين الذميين? ما عدا الجيش وجهاز الاستخبارات. لأنها وظيفة تتطلب إصدار قرارات وتعيين أحكام لا يجوز للذمي أن يتولاها. أما الوظائف التي تتوقف على التنفيذ والإجراء? فللذمي أن يتقلدها مهما كان علوها! فيما يتعلق بالشرطة هناك أراء مختلفة? ويرى أغلب الكتّاب المعاصرين توظيف الذمي في جهاز الشرطة جائزاً? ولكنهم يشترطون على المسؤولين المسلمين ألا يخوّلوهم ما من شأنه الحسم في قضايا المسلمين. فلا يجوز لهم أن يعالجوا قضايا تهم المسلمين والذميين في آن واحد? كما لا يجوز مثلاً استخدام رجال أمن ذميين لتفريق مظاهرة قام بها المسلمون? ولا في حل صراع وقع بين المسلمين وال*****. هذا ما يقول به البعض من الشافعية والمالكية والحنبلية. التسامح في الإسلام إن تعامل الشريعة مع الكافرين الحربيين خارج الدولة? والذميين ضمن الحكم الإسلامي? يمكن أن يوصف بتسامح نسبي? وعدم تسامح نسبي! إن أوَّل ما يجب علينا القول هو عدم المساواة بين المسلمين وأهل الذمة? ليس لأهل الذمة نفس حقوق المسلمين? ولا الواجبات نفسها التي على المسلمين القيام بها. ليس أهل الذمة والمسلمون متساوين أمام القانون أيضاً. إن الذمي بالرغم من أنه ليس بعديم الحقوق والحرية? إلا أنه يعيش في دولة دستورها الشريعة الإسلامية مواطناً من الطبقة الثانية. من الممكن أن نتحدث عن مساواة نسبية للذمي فيما يتعلق بالمعاملات? وحرية الدين? إذ تطلب الشريعة الإسلامية العدل لغير المسلمين. ولكن العدل هذا لا يعني بتاتاً المساواة? لأن المبدأ الذي يطبع الواقع المعاش بطابعه هو أن الإسلام يسيطِر ولا يُسيطَر عليه! فعلى الإسلام إظهار عزته? والمسلم يجب ان يعترف له بالأولوية والأفضلية مما يؤدي بطبيعة الحال إلى أن هذا المزج من التسامح والاحتقار ليس بمقرر فقط في النص نفسه? بل أظهر نفسَه مراراً في التاريخ. والواقع لا يقدم للأسف ما يناقض التاريخ? أعني تاريخ ال***** واليهود. والأصل في ذلك هو استبداد الإسلام بالحق المطلق? وادعاؤه أنه جاء بعد اليهودية والنصرانية? أي الطور النهائي للدين الحق! إن البشر - يهوداً و***** - مشركون وملحدون? مدعوون إليه. وامتناع الأفراد عن قبوله واعتناقه لا يُعذَر! هذا من جهة. ومن جهة أخرى يرى الإسلام نفسه أهلاً للسيطرة الكاملة على الإنسان الفرد والمجتمع قاطبة دون غيره. فهو وحدة لا يجوز تفريقها (أي وحدة الدين والدولة) كما يقول المسلمون الأصوليون. عندما تختلط المصالح الدينية من جهة والاجتماعية والسياسية من جهة أخرى? تملي الدولة على الدين اتباع وجهة تخدم مصالحه. ولكن بإمكاننا أن نرى أن الدين أيضاً قد يوافق على إجراءات الدولة? بل اعتداءتها على الأجانب وأتباع الأديان الأخرى. فالدولة التي تتظاهر وكأنها تمثل مصالح الدين وتدافع عنها? قد تكلف نفسها في الوقت نفسه بمطاردة ومعاقبة أي انحراف عن جادة هذا الدين كتهديد اجتماعي وسياسي لكيانها.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#18
|
||||
|
||||
- مصادر الشريعة
إن الفقه الإسلامي مؤسس على أربعة أعمدة? توجد بجانبها مقاييس أخرى نراها فيما بعد. إن أهم مصدر للتشريع الإسلامي هو القرآن الذي يطبع المراجع الثلاثة الباقية بطابعه. هذه المراجع أو المصادر الثلاثة هي حسب الأهمية: 1- السنّة. 2- الإجماع: اتفاق أكثرية العلماء الموثوق بهم في عهد معين. 3- القياس: استنباط الحكم بالاعتماد على ما صدر في قضية شبيهه. أولاً الكتاب: إن القرآن عند الفقهاء والمتكلمين كتاب أُوحي به وأملي من قِبلالله? ويجيب عن كل سؤال سواء كان يتعلق بأمور العقيدة أو الحياة اليومية للمسلم. ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين (النمل 89). ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يُحشَرون (الأنعام 38). إن الفقهاء يفسرون معنى القرآن ب كلام الله الذي أُنزل على محمد بن عبد الله ونُقل إلينا من الرواة الثقاة بالتواتر دون تحريف ولا تصحيف? ويبدأ بالفاتحة وينتهي بسورة الناس. يروى أن الحكمة في عدم نزول القرآن دفعة واحدة كون الرسول أميناً. وقال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة. كذلك لنثبت به فؤادك وتقول عائشة: إن أول ما نزل من القرآن على الجنة والنار. وبعد أن ثبَّت الله أفئدة المؤمنين فصل الله الحرام من الحلال. ولو حرم الله الخمر بادئ بدء لما امتنع الناس عن شربها . إن لأغلب الآيات ما يُسمَّى بسبب النزول (أسباب النزول). أي أن تلك الآيات نزلت بمناسبة حادث حدث أو سؤال وُجّه. وهناك أعمال عديدة بشأن هذا الموضوع تحت عنوان أسباب النزول . القرآن يتكون من 114 سورة مرتَّبة حسب طول السور? وعدد آياتها 6200 آية. إنالمدة التي تلقى محمد خلالها الوحي من الله استغرقت عشرين سنة. بما أن السور تعالج عادة مواضيع لها علاقة وثيقة بأحداث زمنية معينة? قسمت آي القرآن إلى آيات مكية وآيات مدنية. إن القسم الأول كما يُفهم من عنوانه: يحتوي على ما نزل أثناء وجود محمد في مكة. وأمّا القسم الثاني فنعني به الآيات التي تلقاها محمد بعد الهجرة إلى المدينة. إن نسبة الآيات المدنية التي تعالج قضايا فقهية 80 % من بين مجموع الآيات الفقهية. (حوالي 500 آية). إن مبدأ هاماً يجب الانتباه إليه في فهم القرآن وتطبيق آياته وهو النسخ. يقول الفقهاء بالإجماع إن القرآن ينسخ بعضه بعضاً أي يلغي حكمه. هذا الحقل في الفقه الإسلامي لا يخلو من الإشكالات والتناقضات. أما المشكلة الأساسية فهي تعيين الآيات المنسوخة. 2- السنّة إن السنة في اللغة الطريق الذي يجب اتباعه أو نمط حياة أو معاملة. أما في المصطلح فهي ما أُثر عن النبي من قول وفعل وإقرار? أو هي فعله وقوله وتقريره. والأخذ بالسنّة يمكن أن يُقال له بوجه من الوجوه: التقليد المحمدي. فقط أقلية ضئيلة في الأمة الإسلامية تجرأت على رفض السنة كمرجع ديني. إنّ ما يميز القرآن (المرجع الأول للشريعة) من المرجع الثاني (السنة) هو أن السنّة لا يجوز أن تُراجع في الفقه ما دام القرآن يحوي الحكم. إن السنة القولية (أقوال محمد المروية إلينا) تتفاوت درجة صحتها حسب كيفية الرواية والرواة. لأن أغلبها رُويت عن محمد شفوياً ولم تقيَّد إلاّ في الجيل الثالث بعد محمد. عدد الصحابة الذين أكثروا من نقل أقوال النبي سبعة? وهم يُدعون المكثارون أهمهم أبو هريرة الذي روى عن محمد مما يقارب 5400 حديثاً. وللسنة في المسائل الفقهية أهمية كبرى لأن القرآن لا يمكنه حل المشكلات الفقهية لاختصاره الشديد? فتلعب السنة دور المتمم له. 3- القياس إن القياس (شأنه شأن الاجتهاد) استنباط حكم في مسألة فقهية بشرح وتأويل المصادر. ويُقصد بالقياس في الفقه تطبيق حكم لمسألة سابقة على مسألة حديثة لها علة شبيهة بالأولى? أو هو نقل حكم الأصل إلى الفرع. أما مراجعة القياس فتتم فقط إذا عجز الفقهاء عن حل المسألة بواسطة النص (أي القرآن والسنة) لأن المبدأ الفقهي يمنع أي تأمل نظري إن كان القرآن أو الحديث قد قضى بالحكم. لهذا السبب نرى أن مجال التطبيق للقياس لا يحيط بالقانون الجنائي أو كتاب الحد? لأن الحدود تحتاج إلى دليل قطعي بينما القياس يعتبر دليلاً ظنياً. بدأ المسلمون بعد وفاة محمد بحملة الفتوحات فاختلطوا بثقافات أجنبية? ما وسع آفاق التفكير لدى العرب. إن المسائل التي طرأت من جراء هذا التحول التاريخي جعلت وجود مبدأ جديد ضرورياً: الاجتهاد? وهو مصدر مشروع ما دام يخدم مصلحة الدين ولم يبتعد عن أهداف الشرع الشريف. أما في اللغة فهو بذل الجهد. أما في المصطلح فهو أن يبذل الفقيه الذي توفرت لديه الشروط اللازمة جهداً من أجل استنباط حكم شرعي عن مبادئ القرآن الأساسية? مما يعني أن هذا المرجع المشروع للفقه مؤسس على العقل ويعكس رأي الفقيه نفسه. إن معظم المسلمين يذهبون اليوم إلى أن باب الاجتهاد منذ القرن الثالث عشر أو الرابع عشر مسدود لعدم وجود فقهاء قادرين على ذلك.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#19
|
||||
|
||||
4- الاجماع:
الإجماع في الفقه هو اتفاق الفقهاء على شرعية حكم معين في زمن واحد. يجوز أن يتم الإجماع قولاً أو تقريراً (الإجماع السكوتي). إن سكوت الفقهاء الآخرين على إجماع معروف في كل مكان يُعتبر قبولاً واعترافاً بالقضاء. أول ما أجمع عليه فقهاء الأمة هو خلافة أبي بكر! حاول الفقهاء الإتيان بحجج من الحديث تعليلاً لِجواز استعماله في القضايا الفقهية? منها: لا تجتمع أمتي على ضلالة (ابن ماجه) فما رأى المسلمون حسناً فهو حسن عند الله (مسند أحمد بن حنبل). إلى الآن درسنا المصادر الأربعة الأصلية التي تُدعى في المصطلح الأدلة الأصلية . ما عدا المراجع الأربعة هذه توجد الأدلة الفرعية التي يصل عددها عند بعض الفقهاء إلى 17 . أهم تلك المراجع الفرعية العُرف والعادة في البلدان المفتوحة. إنها جعلت الشريعة طوال التاريخ ذات مرونة? وساهمت في نفس الوقت في ترخيص وتثبيت عناصر محلية للبلدان المفتوحة ضمن الشريعة الإسلامية. إن تلك العادات والأعراف لا تتوافق أحياناً والشرع الإسلامي بغنىً عن الذكر. يقول الأحناف إن ما يحله العرف حلال في الشرع! يرى الفقهاء أنه من واجب العلماء النظر في العادات الطارئة والأعراف الجديدة واتخاذ موقف منها حسب المكان والعقلية! حتى الآن تناولنا مصادر الشريعة? ولكن كما يتضح من المرجع الثالث والرابع أن الشريعة قائمة فقهية (قانونية) لها تقليد عريق. إنها دُعيت في عهدها الأول علم الكتاب مما يدل على أن المسلمين لم يعتمدوا في المسائل الفقهية إلا على القرآن. ومن هنا فإن كلمة الفقه لم تكن تعني حينذاك سوى فهم أو فقه الكتاب. فالفقه إذاً علم الإسلام . ومن أجل ذلك يجب على طالب كلية الشريعة أن يدرس الفقه دراسة وافية. أما في المصطح فالفقه هو معرفة الأحكام العملية المقررة في الشرع بأصولها (أو بأدلتها). والعلم الذي يعالج طريقة استنباط الأحكام من الأصول الأصلية والفرعية يسمى أصول الفقه. يقول الباحثون المسلمون إن الفقه مرَّ بخمس مراحل في تاريخه: 1- عهد الوحي: اعتمد التشريع في هذا العهد على الكتاب والسنّة. 2- عهد الصحابة: بدأ المسلمون يعتبرون اجماع وأداء الصحابة مصادر للشريعة. تم جمع القرآن وحاول البعض تحرير أقوال النبي. 3- عهد التابعين: لوحظت الخلافات الأولى بين المسلمين وتأثيرات قوية لعادات البلدان المفتوحة على الشريعة مما أدى إلى ظهور الاجتهاد كمرجع تشريعي? وازدهار أحاديث موضوعة.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#20
|
||||
|
||||
كلمة
منذ ان حملنا نحن المسيحيين العرب صليبنا ورحلنا إلى بلاد الفرنجة . هربا من اضطهاد وظلم وعنف المحمديين . وسعيا وراء الحرية والأمن والامان، التي حرمتنا منها شريعة الإسلام. كنا ولا زلنا من أوائل الذين دقوا ناقوس الخطر . محذرين من خطر انتشار الإسلام في أوطاننا الجديدة التي رحلنا إليها . لكن ومع شديد أسفي كانت صيحاتنا التحذيرية تذهب هباء الريح . معرفتنا بالإسلام وبخطورة تعاليمه وقساوة أحكامه . كانت تدفعنا دفعا لإطلاق مثل تلك الصرخات التحذيرية . التي كانت تواجه من قبل الكثيرين اما بالا مبالاة والاستهزاء . واما باتهامنا بالعنصرية. اما ألان وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001. فان الأمر اصبح مختلف تماما، والاهتمام بمعرفة الإسلام اصبح اكبر واكثر . الامر الذي شجعني على إصدار هذا الكتاب ليكون بمثابة خطوة أولى على طريق معرفة حقيقة الإسلام . وبهذا يكون إسهامي المتواضع ضد الإرهاب الذي أنا أحد ضحاياه . الشيخ المقدسي
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#21
|
||||
|
||||
النفاق ، الإرهاب ، العنصرية . ثلاثة آفات (صفات) ذميمة وخطيرة
قام عليها وانتشر من خلالها الإسلام. النفاق في الإسلام وسيلة . والإرهاب لغة حوار . والعنصرية نمط عيش. من المؤكد ان الذين لا يعرفون حقيقة الإسلام ، ولا حقيقة علومه الشرعية المختلفة . سيتهمونني بالافتراء والتهجم على الإسلام . لهؤلاء جميعا أقول : ليس هدفي التقبيح والتجريح في الإسلام . ولا الطعن والتشكيك في رموزه الدينية . بل هدفي هو إظهار الإسلام وكما هو في حقيقته وجوهره . دون زيادة ولا نقصان . الذين لم يذوقوا مرارة الإسلام لا يعرفون الإسلام . الإسلام مر المذاق . مرارة الإسلام لا يعادلها الا مرارة الموت . الموت والإسلام لهما نفس الطعم ونفس المذاق . لم تحمل البشرية بجميع ويلاتها ونكباتها حملا اثقل من الإسلام . انه حمل البشرية الأثقل . انها الحقيقة . حقيقة أعلنها الإسلام بنفسه عن نفسه بشكل واضح وصريح. وذلك من خلال قرانه وعلى لسان نبيه . ولكي لا يتهمني أحد قليلي المعرفة بالافتراء والتهجم على الإسلام . دعوني أبين وأبرهن لكم حقيقة دعواي . معتمد لذلك على القران وعلى السنة والسيرة النبوية وعلى آراء واقوال اكبر واشهر علماء المسلمين قديما وحديثا. فلأصحاب الفضيلة في هذا الخصوص المقام الأول بعد القران والسنة. فعليهم اعتمدنا واليهم رجعنا وبهم استعنا. الشيخ المقدسي موقف القرآن والسنة من الكذب لقد سبق لي وان نوهت بأنني سأعتمد ببحثي هذا على القران والسنة. لهذا دعوني ابين لكم موقف القران والسنة من النفاق والكذب . اعلم هداك الله وحماك من شر المنافقين ان القران أباح للمسلمين الكذب والنفاق . خصوصا إذا كان في ذلك مصلحة ونصرة للإسلام وللمسلمين. وقد جاءت الرخصة القرآنية بالكذب والنفاق في اكثر من سورة منها : سورة النحل: ( مَنْ كَفَرَ باللهِ مِنْ بَعْدِ إيمانِهِ إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلبُهُ مُطْمَئنٌ بالاِيمانِ ) سورة النحل 106. لقد اجمع علماء الإسلام ان هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر حين أعطى الكافرين ما أرادوا بلسانه مكرها . قال ابن عباس: أخذه المشركون (عمار بن ياسر) وأخذوا أباه وأمه سمية وصهيب وبلال وخباب وسالم فعذبوهم, وربطت سمية بين بعيرين , وقيل لها إنك أسلمت من أجل الرجال; فقتلت وقتل زوجها ياسر, وهما أول قتيلين في الإسلام. وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها, فشكا ذلك إلى رسول الله, فقال له رسول الله : (كيف تجد قلبك)؟ قال: مطمئن بالإيمان. فقال رسول الله: (فإن عادوا فعد). راجع تفسير آية سورة النحل للطبري . وبالجملة ، فان جميع ما وقفت عليه من كتب التفسير وغيرها متفق على نزول الآية بشأن عمار بن ياسر وأصحابه الذين وافقوا المشركين على ما أرادوا. راجع: تفسير الواحدي 1 : 466مطبوع بهامش تفسير النووي ، والمبسوط للسرخسي 24 : 25 . والكشاف للزمخشري 2 : 449 ـ 550، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الاَندلسي 10 : 234 ـ 235 وأحكام القرآن لابن العربي 2 : 1177 ـ 1182 (وفيه كلام طويل عن التقية) . قالوا : " لما سمح الله عز وجل بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الإكراه, فإذا وقع الإكراه لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم; وبه جاء الأثر المشهور عن النبي: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) متفق عليه . راجع تفسير الطبري في شرحه لآية النحل 106. أجمع علماء المسلمين على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل, أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان. وقد ذكر الزمخشري بتفسيره: روى ان أناس من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من اكره، وأجرى كلمة الكفر على لسانه ، وهو معتقد للأيمان. منهم عمار بن ياسر ، وأبواه، ياسر، وسمية، وصهيب، وبلال، وخباب، عذبوا00 فأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً . راجع: الكشاف عن حقائق التنزيل 2/432. اذن لقد أباح القران للمسلمين الكذب والنفاق في حالة وقوع الإكراه على المسلم ! ودليلنا قوله : (مَنْ كَفَرَ باللهِ مِنْ بَعْدِ إيمانِهِ إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلبُهُ مُطْمَئنٌ بالاِيمانِ) النحل 106. ونحن إذ نتعرض هنا للأدلة القرآنية الدالة على مشروعية الكذب والنفاق في الإسلام، نود التذكير بأن الدليل الواحد المعتبر الدال على صحة قضية يكفي لاثباتها ، فكيف لو توفّرت مع إثباتها أدلة قرآنية كثيرة ، لم يُختَلَف في تفسيرها ؛ لاَنّها محكمة (أي واضحة المعنى والحكم) يُنبىء ظاهرها عن حقيقتها ولا مجال للتأويل فيها ؟ .
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#22
|
||||
|
||||
الآية الثانية هي آية التقية بحسب المصطلح الإسلامي . ستكون هذه الآية مدار بحثنا لأنها الأهم لكونها القاعدة الأساسية والشرعية الذي ينطلق منها المسلمون في تعاملهم مع غير المسلمين ، وهذه الآية هي: (لا يَتَّخِذِ المُؤمِنُونَ الكافِرينَ أوليَاءَ مِنْ دُونِ المُؤمِنينَ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شيءٍ إلاَّ أنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ... ) آل عمران : 28 . أنها آية التقية . لقد أخرج الطبري في تفسير هذه الآية ، من عدة طرق ، عن ابن عباس، والحسن البصري ، والسدي ، وعكرمة مولى ابن عباس ، ومجاهد ابن جبر ، والضحاك بن مزاحم جواز التقية في ارتكاب المعصية عند الإكراه عليها كاتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين في حالة كون المتقي في سلطان الكافرين ويخافهم على نفسه ، وكذلك جواز التلفظ بما هو لله معصية بشرط أن يكون القلب مطمئناً بالايمان، فهنا لا أثم عليه. تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) 6: 313 ـ 317 . هذا مع اعتراف سائر المسلمين بأن الآية لم تنسخ فهي على حكمها منذ نزولها وإلى يوم القيامة ، ولهذا كان الحسن البصري يقول : (إنَّ التقية جائزة إلى يوم القيامة) . حكاه الفقيه السرخسي الحنفي ، وقال معقباً : (وبه نأخذ ، والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر خلافه). المبسوط للسرخسي 24 : 45 من كتاب الإكراه. قبل ان استكمل استعراضي لاقوال مفسري القران في شرحهم لآية (التقية) سورة آل عمران 28. دعوني ابين لكم المعنى اللغوي والشرعي للتقية (النفاق الشرعي). وبعض الحالات التي أجيز فيها للمسلم استعمال التقية . تعريف التقية (النفاق الشرعي) التقية في اللغة : الحيطة والحذر من الضرر والتوقي منه.راجع : تاج العروس 10 : 396 . قال ابن منظور في لسان العرب : ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك . لسان العرب. راجع ايضا : المصباح المنير للفيومي 2: 669 ، وأساس البلاغة ، الزمخشري 686. وفي الاصطلاح : فقد عرفها جمع من علماء المسلمين بألفاظ متقاربة وعرفها الشيخ الأنصاري بـ (الحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق) . تصحيح الاعتقاد الشيخ المفيد: 66 . التقية الشيخ الأنصاري : 37 . وقال السرخسي الحنفي : (والتقية : أن يقي نفسه من العقوبة ، وإن كان يضمر خلافه) المبسوط للسرخسي 24 : 45 . وبهذا النحو عرّفها آخرون. راجع تعريف التقية عند ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بشرح صحيح البخاري 12 : 136 . وعز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي في قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1 : 107 . والآلوسي في روح المعاني 3 : 121 . والمراغي في تفسيره 3 : 137 . ومحمد رشيد رضا في تفسير المنار 3 : 280 وغيرهم . والتقية هي: ان تقول أو تفعل غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك والتقية اسم مصدر من تقى يتقي، أو من اتقى يتقي. والتقية هي : التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول او فعل مخالف للحق. راجع: التقية في إطارها الفقهي ص 17. قال الرازي في تفسيره لآية سورة ال عمران 28 :{الا ان تتقوا منهم تقاة}اعلم ان للتقية أحكاما كثيرة نذكر منها : ان التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار ، يخاف منهم على نفسه، وماله فيداريهم باللسان ، بان لا يظهر العداوة باللسان بل يجوز أيضا ان يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة، ولكن بشرط ان يضمر خلافه وان يعرض في كل ما يقول ، فإن للتقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب .راجع تفسير الرازي 8/13 . وقال الزمخشري في تفسيره لآية سورة ال عمران 28{ الا ان تتقوا منهم تقاة} : رخص لهم في موالاتهم إذا أخافوهم، والمراد بتلك المولاة محالفة ، ومعاشرة ظاهرة والقلب مطمئن بالعداوة، والبغضاء، وانتظار زوال المانع من قصر العصا، وإظهار الطرية. راجع تفسير الكشاف 1/422 وتفسير غريب القران للنيسابوري بهامش تفسير الطبري 1/277. وقال النسفي في تفسيره لآية{ ان تتقوا منهم تقاة} الا ان تخافون جهتهم أمرا يحب اتقاؤه . اي ان يكون للكافر عليك سلطان فتخافه على نفسك ، ومالك فحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة، وإبطان المعاداة. راجع تفسير النسفي بهامش تفسير الخازن 1/27. وقد ذهبت طائفة من علماء المسلمين إلى أن الرخصة إنما جاءت في القول, وأما في الفعل فلا رخصة فيه. واحتج من قصر الرخصة على القول بقول ابن مسعود: ما من كلام يدرأ عني سوطين من ذي سلطان إلا كنت متكلما به. فقصر الرخصة على القول ولم يذكر الفعل. قال ابو العالية: التقية باللسان، وليس بالعمل. عن الحسن قال : سمعت أبا معاذ قال : ان التقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو لله معصية فتكلم مخافة على نفسه{ وقلبه مطمئن بالأيمان} فلا آثم عليه. راجع: جامع البيان 3/153. وقالت طائفة: الإكراه في الفعل والقول سواء. روي ذلك عن عمر بن الخطاب. أصل الإكراه في اللغةً : مأخوذ من الفعل (كَرَهَ) ، والاسم : (الكَرهُ)
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#23
|
||||
|
||||
ويراد به كل ما أكرهك غيرك عليه ، بمعنى : أقهرك عليه، وأما (الكُرْه) فهو المشقة ، يُقال : قمت على كُرْهٍ ، أي: على مشقة . راجع : لسان العرب لابن منظور 12 : 80 .
وأمّا في الاصطلاح : فقد عرّفه التفتازاني بأنه : (حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ) . التلويح على التوضيح لسعد الدين التفتازاني 2 : 196 طبعة مصر . كما عرّفه عبد العزيز البخاري الحنفي بقوله ، هو : (حمل الغير على أمرٍ يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل على إيقاعه ، ويصير الغير خائفاً به) كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري 4/1503. وعند السرخسي الحنفي ، هو : (اسم لفعل يفعله المرء بغيره ، فينتفي به رضاه ، أو يفسد به اختياره) . المبسوط ، للسرخسي 24 : 38 من كتاب الإكراه. إذن الإكراه هو (حمل الغير على ما يكرهه) . روى ابن القاسم عن مالك أن من أكره على شرب الخمر وترك الصلاة أو الإفطار في رمضان, أن الإثم عنه مرفوع. وقال إسماعيل حقي في تفسيره روح البيان 5/84 في تفسيره لآية {الا من اكره } اجبر على ذلك التلفظ بأمر يخاف على نفسه، أو على عضوا من أعضائه لان الكفر اعتقاد، والإكراه على القول دون الاعتقاد، والمعنى لكن المكره على الكفر باللسان { وقلبه مطمئن بالأيمان} لم تتغير عقيدته. وفيه دليل على ان الأيمان المنجي المعتبر عند الله هو التصديق بالقلب . راجع المصدر المذكور. والتقية: هي أيضا الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد للغير. راجع: فتح الباري 12/ 136؟ . راجع: تفسير آيات الأحكام للصابوني 1/40. قال المراغي في تفسيره لآية ال عمران 28 : التقية هي: ان تقول أو تفعل غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك والتقية اسم مصدر من تقى يتقي، أو من اتقى يتقي. راجع : روح البيان 5/ 136-137. الموالاة) (أضواء البيان) 2/ 111. قال ابن حجر (التقيــة: الحــذر من إظهــار ما في النفــس من معتقــد وغيــره للغـير) (فتح الباري) 12/ 314. وقال ابن القيم (ومعلــوم أن التقــاة ليســت بمــوالاة ولكـن لما نهاهــم اللـه عن مـوالاة الكفار اقتضى ذلك معاداتهم والبراءة منهم ومجاهرتهم بالعدوان في كل حال، إلا إذا خافوا من شرهم فأباح لهم التقية، وليست التقية بموالاة) (بدائع الفوائد) لابن القيم، 3/ 69. وقال الشيــخ عبد اللطيــف بن عبد الرحمــن آل الشــيخ :(ومسألــة ظهــار العــداوة غيـر مسألـة وجود العداوة، (فالأول) يعذر به مع الخوف والعجز لقوله تعالى «إلا أن تتقوا منهم تقاة»، (والثاني) لابد منه لأنه يدخل في الكفر بالطاغوت، وبينه وبين حبِّ الله ورسوله تلازم كُليِّ لا ينفك عن المؤمن) (الرسائل المفيدة) للشيخ عبد اللطيف، جمع سليمان بن سحمان صـ 284. يريد الشيخ أن وجود معاداة الكفار في قلب المؤمن (المسلم) وإظهار هذه المعاداة للكفار واجبان، والواجب الأول ــ وهو وجود العداوة ــ لابد منه في كل حال، أما الآخر ــ وهو إظهار العداوة ــ فيجوز تركه عند الخوف منهم للآية المذكورة. فعُلِمَ بذلك أن التقية تجيز إخفاء معاداة الكفار، وهو نفس كلام ابن القيم، وهو يرجع إلى ما ذكره ابن حجر من أن التقية الحذر من إظهار ما في النفس، وهو هنا معاداة الكفار، فالتقية إخفاء معاداة الكفار. وقيل أيضا : إن المؤمن إذا كان قائما بين الكفار فله أن يداريهم باللسان إذا كان خائفاً على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان. والتقية لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم) (تفسير القرطبي) 4/ 57. وقال ابن كثير (وقوله تعالى «إلا أن تتقــوا منهــم تقــاة» أي مــن خـاف في بعـض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا باطنه ونيته، كما قال البخاري عن أبي الدرداء أنه قال «إنا لنُكْشِرُ في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم». وقال البخاري: قال الحسن: التقية إلى يوم القيامة.) (تفسير ابن كثير) 1/357. ولقد اختلف المسلمون في مقدار الضرر (الإكراه) الذي يبيح للمسلم العمل بالتقية فقالوا: ان القتل وتلاف الأعضاء والضرب الشديد والحبس الطويل مبيح للعمل بالتقية . لكنهم اختلفوا في الضرب اليسير والحبس كيوم او يومين . راجع : فتح الباري 12/262. لم تقف رخصة النفاق الشرعي (التقية) عند حد السماح للمسلم ان يكفر بالله وقلبه مطمئن بالايمان ، عند الإكراه . بل شملت التقية حالات غير الكفر بالله مثال على ذلك : تجويزهم السجود إلى الصنم في ما لو أُكره المسلم عليه . راجع الجامع لاَحكام القرآن للقرطبي 10 : 180 . وتفسير ابن جزي ال***ي المالكي: 366 دار الكتاب العربي ، بيروت.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#24
|
||||
|
||||
جواز ترك الصلاة تقية :
اتفق المالكية والحنفية والشافعية على جواز ترك الصلاة المفروضة في ما لو أُكره المسلم على تركها . راجع : الجامع لاَحكام القرآن للقرطبي المالكي 10 : 180 وما بعدها . والمبسوط للسرخسي الحنفي 24 : 4. والاَشباه والنظائر للسيوطي الشافعي 207-208. و للموضوع بقية عن سب رسول الاسلام
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#25
|
||||
|
||||
سب الرسول اعظم من الردة . قاله ابن تيمية في كتابه : الصارم المسلول في شاتم الرسول : أن سب رسول الله مع كونه من جنس الكفر والحراب أعظم من مجرد الردة عن الإسلام . راجع المصدر السابق . " لان من آذى الرسول فقد آذى الله لان حق الله وحق رسوله متلازمان وفي هذا وغيره بيان لتلازم الحقين ، وأن جهة حرمة الله تعالى ورسوله جهة واحدة ، فمن آذى الرسول فقد آذى الله ، ومن أطاعه فقد أطاع الله ، لأن الأمة لا يصلون ما بينهم و بين ربهم إلا بواسطة الرسول ، ليس لأحد منهم طريق غيره ، ولا سبب سواه ، وقد أقامه الله مقام نفسه في أمره ونهيه وإخباره وبيانه ، فلا يجوز أن يفرق بين الله و رسوله في شيء من هذه الأمور . الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص 40-41. وقد اختلفوا في حكم من كذب على الرسول على قولان : أحدهما : الأخذ بظاهره في قتل من تعمد الكذب على رسول الله ومن هؤلاء من قال : يكفر بذلك ، قاله جماعة منهم أبو محمد الجويني ، حتى قال ابن عقيل عن شيخه أبي الفضل الهمداني مبتدعة الإسلام والكذابون والواضعون للحديث أشد من الملحدين، قصدوا إفساد الدين من خارج ، وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل ، فهم كأهل بلد سعوا في فساد أحواله ، والملحدون كالمحاصرين من خارج ، فالدخلاء يفتحون الحصن ، فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له . الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص 169-175. ووجه هذا القول أن الكذب عليه كذب على الله ، ولهذا قال : [ إن كذباً علي ليس ككذب على أحدكم ] فإن ما أمر به الرسول فقد أمر الله به يجب اتباعه كوجوب اتباع أمر الله ، وما أخبر به وجبتصديقه كما يجب تصديق ما أخبر الله به . ومن كذبه في خبره أو امتنع من التزام أمره ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه أو أخبر عن الله خبراً كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوها من المتنبئين فإنه كافر حلال الدم ، فكذلك من تعمد الكذب على رسوله. عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي بلغه أن رجل قال لقوم : إن النبي أمرني ان أحكم فيكم برأيي و في أموالكم كذا وكذا وكان خطب امرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه ، ثم ذهب حتى نزل على المرأة ، فبعث القوم إلى رسول الله ، فقال : كذب عدو الله ثم أرسل رجلاً فقال : إن وجدته حيا فاقتله ، وإن أنت وجدته ميتاً فحرقه بالنار ، فانطلق فوجدوه قد لدغ فمات فحرقه بالنار ، فعند ذلك قال رسول الله: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار . وقد روى أبو بكر بن مردويه من حديث الوازع عن أبي سلمة عن أسامة قال قال رسول الله : من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار وذلك أنه بعث رجلاً فكذب عليه ، فوجد ميتاً قد انشق بطنه ولم تقبله الأرض . وروى أن رجلاً كذب عليه ، فبعث علياً و الزبير إليه ليقتلاه . راجع : الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص 169-175.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#26
|
||||
|
||||
من يرفض حكم الرسول يقتل
عن ابن عباس أن منافقاً خاصم يهودياً فدعاه اليهودي إلى النبي ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف . ثم إنهما احتكما إلى رسول الله. فحكم لليهودي فلم يرض المنافق وقال : نتحاكم إلى عمر . فقال اليهودي لعمر : قضى لي رسول الله فلم يرض بقضائه وخاصم إليك . فقال عمر للمنافق : أكذلك ؟ فقال : نعم . قال : ألزما مكانكما حتى أخرج إليكما . فدخل وأخذ بسيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد وقال : هكذا أقضى لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله . فنزلت . وقال جبريل : إن عمر فرق بين الحق والباطل فسمى الفاروق . الدر المنثور / ج: 2 ص : 179 . والصارم لابن تيمية 48. الأعمى الذي قتل اليهودية روى الشعبي عن علي أن اليهودية كانت تشتم النبي وتقع فيه ، فخنقها رجل حتى ماتت ، فأظل رسول الله دمها . هكذا رواه أبو داود في سننه وابن بطة في سننه . وهو من جملة ما استدل به الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله ، وقال : ثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال : [ كان رجل من المسلمين ـ أعني أعمى ـ يأوي إلى امرأة يهودية ، فكانت تطعمه وتحسن إليه ، فكانت لا تزال تشتم النبي وتؤذيه ، فلما كان ليلة من الليالي خنقها فماتت ، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي ، فنشد الناس في أمرها، فقام الأعمى فذكر أمرها للنبي فأطل . الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص61 . عن الشعبي قال : كان رجل أعمى من المسلمين يأوي إلى امرأة يهودية ،فكانت تطعمه وتحسن اليه ، فكانت لا تزال تشتم النبي وتؤذيه ، فلما كان ليلية من البالي خنقها فماتت ، فلما اصبح ذكر ذلك للنبي ، فنشد الناس في أمرها ، فقام الأعمى فذكر أمرها ، فأطل البني دمها . (أطل دمها : أهدره. راجع : والصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه.ص 66. وفي رواية أخرى : عن ابن عباس، أن أعمى كانت له أم ولد، تشتم النبي ، وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فال تنزجر، قال:فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح ذُكر ذلك لرسول الله ، فجمع الناس فقال:"أنشد الله رجلاً فعل ما فعل، لي عليه حق، إلا قام" فقام الأعمى يتخطى الناس، وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي فقال: يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة، فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبي " ألا اشهدوا أن دمها هدر". أخرجه النسائي وأبو داود 3665. قال ابن تيمية في الصارم، ص62: وهذا الحديث نص في جواز قتلها لأجل شتم النبي ، ودليل على قتل الرجل الذمي، وقتل المسلم والمسلمة إذا سبا بطريق الأولى . وعن أبي بكر الصديق أنه كتب إلى المهاجر بن أبي ربيعة في المرأة التي غنت بهجاء النبي :" لولا ما سبقتني فيها لأمرتك بقتلها، لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر". اصارم المسلول في شتم الرسول 418. وعن مجاهد: أُتي عمر برجل سبَّ النبي، فقتله. ثم قال عمر:" من سب الله أو سب أحداً من الأنبياء فاقتلوه".
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#27
|
||||
|
||||
العصماء بنت مروان
قصة العصماء بنت مروان ، ما روى عن ابن عباس قال : هجت امرأة من خطمة النبي ، فقال من لي بها ؟ فقال رجل من قومها : أنا يا رسول الله ، فنهض فقتلها ، فأخبر النبي فقال لا ينتطح فيها عنزان . وقد ذكر بعض أصحاب المغازي وغيرهم قصتها مبسوطة. قال الواقدى : حدثنى عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه أن عصماء بنت مروان من نبى أمية بن زيد كانت تحت يزيد بن زيد بن حصن الخطمى، وكانت تؤذى النبى ، وتعيب الإسلام ، وتحرض على النبي…. قال عمير بن عدى الخطمى حين بلغه قولها وتحريضها : اللهم إن لك على نذرا لئن رددت رسول الله إلى المدينة لأقتلنها، ورسول الله ببدر، فلما رجع رسول الله من بدر جاء عمير بن عدى في جوف الليل حتى دخل عليها فى بيتها وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه فى صدرها، فحسها بيده ، فوجد الصبي ترضعه ، فنحاه عنها، ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها ، ثم خرج حتى صلى الصبح مع النبي ، فلما انصرف النبي نظر إلى عمير فقال: أقتلت بنت مروان ؟ قال: نعم ، بأبى أنت يا رسول الله ، وخشى عمير أن يكون افتات على رسول الله بقتلها ، فقال : هل على فى ذلك شئ يارسول الله؟ قال: لاينتطح فيها عنزان ؛ فإن أول ما سمعت هذه الكلمة من رسول الله ، قال عمير: فالتفت النبي إلى من حوله فقال: (إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا إلى عمير بن عدى)، فقال عمر بن الخطاب : انظروا إلى هذا الأعمى الذي تسرى فى طاعة الله ، فقال: لاتقل الأعمى ، ولكنه البصير. ( راجع الصارم المسلول فى شاتم الرسول لشيخ الإسلام إبن تيمية ص 95 - 96 . ) عن النبى أنه أهدر عام الفتح دماء نسوة ؛ لأجل أنهن كن يؤذينه بألسنتهن ، منهن القنيتان لابن خطل اللتان كانتا تغنيان مهجاته ، ومولاة لبنى عبد المطلب كانت تؤذيه ، وبينا بيانا واضحا أنهن لمن يقتلن لأجل حراب ولاقتال، وإنما قتلن لمجرد السب. راجع الصارم المسلول فى شاتم الرسول لشيخ الإسلام إبن تيمية ص 404) وروى أن رجلا كان يسب النبى فقال: (( من يكفينى عدوى ؟ )) فقال خالد: أنا ، فبعثه النبى إليه، فقتله. راجع الصارم المسلول فى شاتم الرسول لشيخ الإسلام إبن تيمية ص 148 ).
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#28
|
||||
|
||||
المهجر اب ابي امة
ذكر سيف بن عمر التميمي في كتاب الردة و الفتوح عن شيوخه ، قال : ورفع إلى المهاجر ـ يعني المهاجر بن أبي أمية، وكان أميراً على اليمامة نواحيها ـ امرأتان مغنيتان غنت إحداهما بشتم النبي ، فقطع يدها ، ونزع ثنيتيها ، وغنت الأخرى بهجاء المسلمين ، فقطع يدها ، ونزع ثنيتها ، فكتب إليه أبو بكر : بلغني الذي سرت به في المرأة التي تغنت وزمزمت بشتم النبي ، فلولا ما قد سبقتني لأمرتك بقتلها ، لن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود ، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر . وكتب إليه أبو بكر في التي تغنت بهجاء المسلمين : أما بعد فإنه بلغني أنك قطعت يد امرأة في أن تغنت بهجاء المسلمين ونزعت ثنيتيها ، فإن كانت ممن تدعي الإسلام فأدب وتقدمه دون المثلة. الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص 41.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#29
|
||||
|
||||
ابو عفك اليهودي
قصة أبي عفك اليهودي ، ذكرها أهل المغازي والسير قال الواقدي حدثنا سعيد بن محمد عن عمارة بن غزية ، وحدثناه أبو مصعب إسماعيل بن مصعب بن إسماعيل بن زيد بن ثابت عن أشياخه ، قالا : إن شيخاً من بني عمرو بن عوف يقال له أبو عفك ـ وكان شيخاً كبيراً قد بلغ عشرين ومائة سنة حين قدم النبي ، كان يحرض على عداوة النبي ، ولم يدخل في الإسلام ، فلما خرج رسول الله إلى بدر ظفره الله بما ظفره ، فحسده وبغى ، فقال ، وذكر قصيدة تتضمن هجو النبي وذم من اتبعه ، قال سالم بن عمير : علي نذر أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه ، فأمهل ، فطلب له غرة حتى كانت ليلة صائفة ، فنام أبو عفك بالفناء في الصيف في بني عمرو بن عوف ، فأقبل سالم بن عمير ، فوضع السيف على كبده حتى خش في الفراش. الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيميه ص 105-106 .
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
#30
|
||||
|
||||
قتل اليهودي ابن ابي حقيق
وممن ذكر أنه قتل لأجل أذى النبي أبو رافع بن أبي الحقيق اليهودي، وقصته معروفة مستفيضة عند العلماء ، فنذكر منها موضع الدلالة . عن البراء بن عازب قال بعث رسول الله إلى أبي رافع اليهودي رجالاً من الأنصار، وأمر عليهم عبد الله بن عتيك ، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله يعين عليه ، وكان في حصن له بأرض الحجاز ، فلما دنوا منه ـ وقد غربت الشمس وراح الناس لسرحهم ـ قال عبد الله لأصحابه : أجلسوا مكانكم فإني منطلق و متلطف للبواب لعلي أن أدخل ، فأقبل حتى دنا من الباب ، ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته وقد دخل الناس ، فهتف به البواب يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فآدخل فإني أريد أن أغلق الباب ، قال : فدخلت فكمنت ، فلما دخل الناس أغلق الباب ، ثم علق الأغاليق على وتد ، قال : فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب ، وكان أبو رافع يسمر عنده ، وكان في علية له ، فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه ، فجعلت كلما فتحت باباً أغلقت علي من داخل قلت : إن القوم إن نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله ، فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت ، قلت : أبا رافع ، قال من هذا ؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف و أنا دهش ، فما أغنيت شيئاً ، وصاح فخرجت من البيت ، فأمكث غير بعيد ثم رجعت إليه فقلت : ما هذا الصوت يا أبا رافع ؟ فقال : لأمك الويل ، إن رجلاً في البيت ضربني قبل بالسيف ، قال : فأضربه ضربة بالسيف أثخنته ، ولم أقتله ، ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره ، فعرفت أني قتلته ، فجعلت أفتح الأبواب باباً باباً ، حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي وأنا أرى أن قد انتهيت إلى الأرض ، فوقعت في ليلة مقمرة ، فانكسرت ساقي ، فعصبتها بعمامة ، ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت : لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتله ، فلما صاح الديك قام الناعي على السور . فقال : أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز ، فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء ، قد قتل الله أبا رافع ، فانتهيت إلى النبي فحدثته ، فقال :أبسط رجلك ، فبسطت رجلي فمسحها ، فكأنها لم أشتكها قط ، رواه البخاري في صحيحه . 4039. ورَوَى عنه أيضاً قال: ”بعث رسول الله رهطاً إلى أبي رافع، فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا وهو نائم فقتله“) 4038. وقد احتال ابن عتيك بشتى الحيل حتى قتله، فاحتال حتى دخل الحصن ثم أغلق أبواب بيوت اليهود من خارجها، ثم سار إلي أبي رافع لا يدخل بابا إلا أغلقه من داخله، وغَيَّر صَوْتَه حتى لا يُعرف. قال ابن حجر: ”وفي هذا الحديث من الفوائد: جواز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة وأصر، وقَتْل من أعان على رسول الله بيده أو ماله أو لسانه وجواز التجسس على أهل الحرب وتَطَلُّب غرتهم، والأخذ بالشدة في محاربة المشركين، وجواز إبهام القول للمصلحة، وتعرض القليل من المسلمين للكثير من المشركين“) فتح الباري 7/345. وأخرجه البخاري في كتاب الجهاد "باب قتل النائم المشرك". وفي هذه المسألة يقول الشيخ عبد الرحمن الدوسري ، عند ذكره لمراتب العبودية في تفسيره لقول الله تعالى: )إياك نعبد وإياك نستعين( قال: ”ثم إن إعداد القوة حسب المستطاع من واجبات الدين ولوازم إقامته، فالعابد الصحيح لله لا يَعْتَوِرُه التسويف في هذا فضلا عن تركه أو التساهل فيه، وأيضاً فالعابد لله المصمم على الجهاد في ذاته يكون منفذا للغيلة في أئمة الكفر من دعاة الإلحاد والإباحية وكل طاعن في وحي الله أو مسخر قلمه أو دعايتَه ضد الدين الحنيف لأن هذا مؤذٍ لله ورسوله ، لا يجوز للمسلمين في بقاع الأرض من خصوص وعموم أن يدعوه على قيد الحياة، لأنه أضرُّ من ابن أبي الحُقَيقْ وغيره ممن ندب رسول الله إلى اغتيالهم فتَرْكُ اغتيال ورثتهم في هذا الزمان تعطيل لوصية المصطفى وإخلال فظيع بعبودية الله وسماح صارخ شنيع للمعاول الهدامة في دين الله، ولا يُفَسَّر صدوره إلا من عدم الغيرة لدين الله والغضب لوجهه الكريم، وذلك نقصٌُ عظيم في حب الله ورسوله وتعظيمهما، لا يصدر من محقق لعبودية الله بمعناها الصحيح المطلوب“) من صفوة الآثار والمفاهيم من تفسير القران العظيم 1/268. طبعة دار الأرقم 1404هـ عن ابو هريرة قال: بعثنا رسول الله في بعث فقال: ان وجدتم فلاناً وفلاناً فاحرقوهما بالنار. صحيح البخاري 3016. قال شيخ الإسلام ( ابن تيمية ) في الصارم المسلول في شاتم الرسول : أمر الله قتال …الطاعنين في الدين ، وضمن لنا – إن فعلنا ذلك – إن يعذبهم بأيدينا ويخزيهم وينصرنا عليهم ، ويشفي صدور المؤمنين الذين تأذوا من نقضهم وطعنهم وان يذهب غيظ قلوبهم ، .. هذا دليل على أن شفاء الصدور من ألم النكث والطعن وذهاب الغيظ الحاصل في صدور المؤمنين من ذلك امر مقصود للشارع مطلوب الحصول . راجع المصدر المذكور سابقا ص 19-20.
__________________
جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيما في عيني نفسه ( أم 26 : 4 ) |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|