ليس عبدٍ أعظم من سيده،إن كانوا قد إضطهدوني فسيضطهدونكم- بقلم| الحمامة الحسنة

[الحمامة الحسنة]

ليس عبدٍ أعظم من سيده،
إن كانوا قد إضطهدوني فسيضطهدونكم

بقلم| الحمامة الحسنة

تعصب أعمى واضح بعد الثورة ما يمارسه بعض المتعصبين ضد أبناء مصر الأقباط ، فأصبحت الحياة اليومية الآن لاتخلو من الإضطهادات المستمرة وإن إختلف حجم وشكل ونوع هذا الإضطهاد ولكنه في إزدياد يومي خطير ، والجميع يلمس هذا الإضطهاد في كافة أشكاله الجسدية والمعنوية والأدبية،ووصل الأمر بالمتعصبين إلى إهانة رجال الدين المسيحي في الأماكن العامة التي يتواجدون فيها، وكأن الكاهن ليس من حقه التواجد في الأماكن العامة لأنه منبوذ بزيه وحمله الصليب في عنقه، فما حدث مع القمص بولس عويضة من إهانة مقصودة من إدارة فندق جراند حياة هو إهانة للأقباط وللكنيسة القبطية كلها عندما دعى لحفل إفطار المرحومة (وحدة وطنية) عندما أجبره رجل الأمن الصفيق والمتعصب بأن يخلع ملابسه على مرأى من العامة، لإشتباهه في وجود متفجرات عبارة عن حزام ناسف بملابس الكاهن ، حاول الكاهن أن يقنعه أنه رجل دين وأنه أحد أبطال" ميدان التحرير وأنه عضو باتحاد شباب الثورة، وإستحالة يكون يُخبيِّء متفجرات في ملابسه ولكن الموظف المتعنت صفيق الوجه صمم على موقفه وعلى عدم دخوله.

والغريب أن الفضائيات تناولت هذه اللقطات كنوع من البرامج الترفيهية كأنها تذيع برنامج للتسلية الكوميدية للأخوة المسلمين لتسليتهم وللإستخفاف وللتخفيف عن صيامهم بمشاهدة القس الذي أُجبر على خلع ملابسه. ففي مداخلة تليفزيونية للدكتور صادق رضوان صاحب دعوة الإفطار لبرنامج الحياة اليوم عندما سأله المذيع: : هل تم الحوار من إدارة الفندق بأن تعتذر بشكل مناسب وعلني؟ رد الدكتور صادق في إجابة قصيرة لخص فيها الموقف بكل أبعاده والذي لايخرج عن كونه موقف إستهزاء بالكاهن وتعنت من قِبل موظف الفندق في عدم إدخاله، فقال الدكتور بالحرف الواحد: ( تم الحوار يومها مساءاً ولكن الناس واخدة الموضوع بشكل من التهريج وليس بالجدية )، هنا تدخل المذيع العنصري الذي لايريد توضيح الحقيقة وفهم جيداً مايرمي إليه كلام الدكتور صادق وقاطع حديثه وأنهى مكالمته الهاتفية، وكأن المذيع أكتفى وأرضي قناعته بعرض الفيديو فقط كنوع من زيادة التهكم والسخرية، كما فعل غيره من المذيعين في برامجهم على الفضائيات والتي أظهرت شماتة وتشفي لمجرد عرض اللقطات وإظهار القس مجرداً من زي الكهنوت بدون حتى إظهار الحقيقة كاملة وبدون المطالبة بإسترداد حقه وكرامته التي أُهينت، فرغم أن القمص بولس طلب من مصور قناة مودرن مسح شريط الفيديو وعدم إذاعته حتى لا يُسيء لمصر أمام العالم ويظهر مدى التعصب والتطرف الفكري المُمارس ضد الأقباط ، وأخذ من المصور" كلمة شرف" بمسح الفيديو، ولكن من أين لهم الشرف وهم لايعرفون معناه، ولأننا تعودنا الخيانة والغدر والمؤامرات الدنيئة من المتعصبين والمأجورين، تم إستغلال الفيديو أبشع إستغلال ،فهكذا عودنا إعلامنا المتعصب طيلة عقود من التعصب وإظلام الضمائر الخربة.. فمن تابع الفيديو يجد أن هذا الموظف لم يطلب التفتيش الذاتي ممن دخلوا قبل أو بعد القمص بولس، ولم يجرد أحداً من متعلقاته ولم يفتح حقائب أحد طيلة العشر دقائق الذي منع فيهم دخول الكاهن، في حين تجمع عدد هائل من المصورين بكاميرات ديجيتال لمحترفي التصوير ، مما يوضح وقوع الكاهن ضحية لمؤامرة خَسيسة وحقيرة من المتربصين به، ويدل ويوضح أي فكر متعصب ضد الكاهن لمجرد أنه يرتدي الصليب و زي الكهنوت ، فهو إستهزاء وتهكم نابع عن تعصب وتشفي لرجل دين مسالم كل تهمته أنه يحمل إسم المسيح.

والمؤسف أن إدراة الفندق نفت أن يكون الموظف طلب من القمص تفتيشه حتى لاتقدم إعتذار رسمي عما بدر من موظفها، في حين قام الموظف المتعنت بالإعتذار الشفوي للقمص عن معاملته القذرة في حق الكاهن، فإذا كان هذا الموظف لم يخطيء فلماذا قدم إعتذاراً فورياً للقمص عما فعله ؟ فإعتذاره وإن لم يكن كافياً على فعلته لهو إعترف بخطئه فلماذا لايعترف الفندق بخطأ موظفيه ويقدم إعتذار رسمي لما صدر عنه من إهانة في حق الكاهن . ولكن كيف لهم الإعتذار لكاهن في ظل موجة التصعيد وشحن العقول والنفوس من قِبل التيارات الإسلامية المسيَّسة التي تريد الوصول لقبضة الحكم بإشاعتهم الأكاذيب الباطلة على الأقباط وعلى الكنيسة لتبرير تمسكهم بحكم ديني، فما قام به السيد سليم العوا من إفتراءات على قناة الجزيرة من إتهام مباشر للكنيسة القبطية بحيازتها متفجرات وأسلحة ، فموظف الفندق معذور في تفكيره المشحون بإفتراءات أصحاب الضمائر الخربة والعقول المتخلفة عندما يسمع هذا التصريح العنصري القبيح، فعندما يسمع أن الكنيسة بها أسلحة ومتفجرات ، فهو لم يستبعد أن يكون كهنة الكنيسة أيضاً ربما يحملون أحزمة ناسفة في ملابسهم كمجرمي القاعدة وحماس وحزب الله.

يجب مقاضاة فندق جراند حياة ومقاضاة القنوات الفضائية التي أذاعت الفيديو بدون رضاء صاحب الفيديو لأنها قضية "هتك عرض" غرضها التشهير برجل دين وإزدراء دينه ومعاملته على أساس تمييز عنصري. فإستحالة ان يفعلوا هذا الفعل الحقير مع شيخ من شيوخ الإسلام ويُشهر به على الفضائيات!

مايحدث الآن ممارسات وإضطهادات لرجال الكنيسة لهو مؤشر خطير لإهانات متعمدة ومحاولة الإستهزاء بهم، لدي بعض الأغبياء الذين يظنون أن بإضطهادهم اليومي الواضح للأقباط، فيمكنهم بهذا التعصب المقيت النيل من شعب الأقباط ومن رجال الكنيسة ، فلم تمضي أيام قليلة على حادثة محاولة الغوغاء من السلفيين طرد القس تاوضروس جورجي كاهن كنيسة مارجرجس بقرية بني أحمد بالمنيا ومطالبتهم المتبجحة بمنعه من الصلاة في كنيسته بل ومحاولة قتله تحت ترهيبه بالأسلحة، إن لم يغادر بيته وقريته، كل هذا والأمن واقف موقف المتفرج والمتواطيء مع هؤلاء البلطجية الذين يرهبون الأقباط وينكلون بهم بصورة علنية تنم عن أية تربية تربوا هؤلاء الذين لا دين ولا ضمير لهم، أنه لعار على مصر ما يفعله من ينتمون إسماً لهذا البلد وهم في الحقيقة ولائهم لمن يدفع لهم تنفيذ جرائمهم اليومية ضد الأقباط .

وهنا لنا عتاب على جناب القمص الذي سبق وأهانوه في جمعة فرض الشريعة وتكميم الأفواه عندما أنزلوه من فوق منصة الإخوان، حتى لايلقي كلمته لموقفه الرافض لشعاراتهم الدينية، كان يجب على القمص أن يتعلم الدرس من موقف المنصة ويعلم أنه لاوجود لما يدعونه من وحدة وطنية فهي كذبة وخديعة ونفاق لتجميل الواقع الأليم الذي نعيش مرارته هذه الأيام أمام العالم، والحال الذي وصل إليه الأقباط في مصر، فهم يُجمِّلون ممارستهم الإجرامية بهذه الشعارات المخادعة ، فكان عليك يا أبي الكاهن ألا تلبي دعوات النفاق تحت شعار المرحومة ( وحدة وطنية ) لتحقيق أهداف لهم بإظهار محبة زائفة لايؤمنون بها وهم أبعد ما يكونون عن معني المحبة والتعايش الوطني، وكان عليك أن تتراجع عن دخول هذا الحفل لا أن تخلع زي الكهنوت.. الذي هو رمز للكنيسة ورمز لحملك كهنوت المسيح، فلايجب خلعك لهذا الزي تحت أي ظرف من الظروف، حتى ولو كنت أمام رئيس الجمهورية ذاته.. وتذكر يا جناب القمص قصة سجن أبونا ميتاؤس نصر وهبة وكيف رفض خلع زيه في سجنه بل ظل مرتديه طيلة فترة حبسه ظلماّ في قضية تزويجه متنصرة.. إنها مؤامرة للتنكيل بأقباط مصر ليتلذذوا ويتشفوا ويرضوا أحقادهم الدفينة وليكملوا مركب النقص الذي يملأ نفوسهم المريضة.

وكما قال السيد المسيح : " ها أنا أرسلكم كحملان في وسط ذئاب"، فإن كانوا إضطهدوا السيد المسيح له المجد وأهانوه وصلبوه عارياً، فلسنا أفضل من سيدنا الذي صُلب لأجلنا، فإضطهادك ياجناب القمص هو من إضطهاد سيدك الذي تحمل إسمه، فلنفرح بحملنا صليب سيدنا كل يوم حتى وإن عرَّونا وأهانونا لأجل حملنا إسمه القدوس، الذي هو أكبر نعمة واكبر شرف لنا في هذا العالم ووسط هؤلاء الذئاب المتربصة ،وتذكر قول المسيح: ( إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم. لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته.ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا إخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم.أذكروا الكلام الذي قلته لكم ليس عبدٍ أعظم من سيده.إن كانوا قد إضطهدوني فسيضطهدونكم.وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم. لكنهم إنما يفعلون بكم هذا كله من أجل إسمي لأنهم لا يعرفون الذي أرسلني.)( يو15: 18- 21).