نهاد اسماعيل : ضحايا الكاريكاتيرات في ليبيا

[NEW_MAN]

ضحايا الكاريكاتيرات في ليبيا
نهاد اسماعيل
اعلامي عربي - لندن

نقرأ عناوين كثيرة في الصحف مثل:

النظام الليبي يقتل 11 مواطنا

6 ملايين دولار مكافأة لمن يستطيع قطع رأس راسم الكاريكاتير

رجل دين باكستاني يبدي استعداده لدفع مليون دولار وسيارة تويوتا لمن يقتل رسام الكاريكاتير

العنوان الأول والثالث ظهرا في العديد من الصحف العالمية والعربية ولكن الثاني هوعنوان مقال في الصندي تايمز البريطانية ظهر الأحد 19 شباط فبراير 2006 ونص افتتاحية المقال بدأ كالأتي:

أعلن وزير في ولاية أوتار برادش الهندية عن مكافأة تبلغ 6 ملايين دولار لمن يستطيع قطع رأس الصحفي والرسام الدنماركي الذي أساء لمسلمين القرن الحادي والعشرين.
وقالت صحيفة الصندي تايمز البريطانية أن يعقوب قريشي وزير رعاية الأقليات في الولاية انه اذا نجح قاطع الرأس في تنفيذ المهمة سيحصل على كمية من الذهب تعادل وزنه كمكافأة اضافية.
هذا الرجل لا يتحدث من مستشفى الامراض العقلية بل من مبنى وزارة في نيودلهي وفي دولة ديمقراطية.

وقبل أيام عرض رجل دين باكستاني مبلغ مليون دولار وسيارة تويوتا لمن يستطيع تنفيذ مهمة قطع الرأس كما ورد في بداية المقالة.

هذه العروض المغرية تثير بعض التساءولات:

من أين سيأتوا بهذه الأموال.

تقول الصحف انهم سيجمعوا تبرعات من المسلمين الغاضبين على الرسومات. هذا يدل ان هذه العروض كاذبة ولا تستند على وجود اموال مضمونة متوفرة.

ولماذا سيارة تويوتا ألا يوجد سيارة من صنع اسلامي.

يستند الغبيّان على النظرية أن المنفذ سيقوم بعملية قطع الرأس وسينجو من العقاب, أليس هذا التفكير ساذجا في الأساس أم انهما سيخولان جماعة الزرقاوي بتنفيذ المهمة لا سيما ان هذه الجماعة اكتسبت خبرة طويلة في قطع رؤوس مارغريت حسن وكينيث باغلي وكيم صن المرتجم الكوري ونيكولاس بيرغ الأميركي وجونسون وغيرهم من الابرياء.

التساءول الآخر: اليس من الأفضل اذا توافرت الأموال ان يتم استعمالها لمساعدة الفقراء والمحتاجين في الدول الاسلامية الذين يشكلوا الغالبية العظمى من الشعب.

ألا يعيش المسلمون في ظل دول دكتاتورية فاسدة فاشلة تحتكر مصادر الثروة وتفقر شعوبها الذين يصرخوا احتجاجا على رسومات تافهة. ولكنهم يعجزوا عن الاحتجاج والتظاهر ضد الانظمة الدكتاتورية التي استغلت مسألة الرسومات لتعزز مراكزها في السلطة بتشجيع الساذجين من الدهماء باقتحام السفارات والقنصليات واستهداف الكنائس.

لنأخذ الجمهورية العتيدة الليبية الثورية الوراثية الفاسدة الفاشلة ذات الاسم الطويل السخيف والتي شجعت الاحتجاج واعمال الشغب التي أدت الى قتل 11 شخصا على أيدي النظام الملطخة أيديه بدماء ابرياء الرأي الآخر الذي أعدموا بالسر والعلانية في العقود الأربعة الماضية.

هل يسمح النظام الليبي الفاشل الفاسد للشعب أن يتظاهر احتجاجا على 38 عاما من الدكتاتورية التي بطشت وظلمت وأعدمت واغتالت وقهرت واستباحت الشعب الليبي النبيل ومقدراته.

ليبيا بلد غني بثرواته ولكن الشعب الليبي فقير بسبب فساد السلطة المطلقة التي يرزح الشعب تحت قبضتها الحديدية.

هل يسمح النظام الفاسد الفاشل للشعب الليبي ان يتظاهر ويطالب باطلاق سراح معتقلي الرأي الآخر.

هل يستطيع الشعب الليبي ان يتظاهر ويحتج ضد الفساد والقهر والدكتاتورية.

هل يستطيع الشعب الليبي الاحتجاج والمطالبة بكشف الحسابات والميزانيات ونهب أموال الشعب على مدى 38 عاما.

هل يستطيع الشعب الليبي المطالبة بحرية التعبير والانتخابات النزيهة والشفافية والتعويض على 4 عقود من الظلم والاضطهاد.

النظام الليبي الفاسد الفاشل يتحمل لوحده المسؤولية الكاملة لقتل الضحايا.

حان الوقت لهذه الاحتجاجات والمظاهرات أن تتوقف ويكون الأجدر بهؤلاء ان يحتجوا ضد الجهل والفساد والفقر وسؤ معاملة المرأة والدكتاتورية التي يرزحوا تحتها.

كفا نفاقا وكفى استهتارا. لقد قام المتشددون والاصوليون بتشويه الاسلام وصورة المسلمين بما فيه الكفاية.
ويجب التذكير أن الرسول عليه السلام لا يقبل بهذه السخافات ولو كان حيا لضحك على الرسومات وقال لأتباعه تجاهلوا الراسم وهو لا يعرف ما يفعل وان الله سيغفر له ذنبه.

هل يقبل أي عاقل أن الرسول (صلعم) رسول السلام والمغفرة والتسامح والمحبة والامانة والصدق أن يقبل بأعمال قتل وشغب وحرق وتدمير وحملات كره وتحريض وصراع حضارات من اجل رسومات لا قيمة لها. ولكن مسلمي العصر في القرن الواحد وعشرون لا يأبهوا لقيم الرسول عليه السلام ويستغلوا الرسومات الدنيئة للتصعيد والتعبير عن كرههم وحقدهم لكل ما هو غربي والاساءة للدين الاسلامي والمسلمين. ونجحوا بغباءهم في تحقيق ذلك.

لماذا الكره للغرب.ألا نستعمل أدوية غربية لعلاج أمراضنا المستعصية ونسافر على طائرات صنعها الغرب ونستعمل حاسوب صنعه الغرب ونستعمل سيارات صنعها الغرب ناهيك عن مجالات التكنولوجيا الأخرى التي تعتمد عليها الانسانية. أليس الغرب أول من يأتي للانقاذ عند حدوث كارثة في دولة اسلامية فاشلة. أليس الغرب الذي يموّل مشاريع التنمية ويمنح القروض السهلة والمنح المالية لمساعدة الدول النامية. أليس الغرب من يقوم بتدريب الكوادر في مجالات التقنية الحديثة والزراعة والصناعة والنقل وحماية البيئة والقضاء على الاوبئة الخ.

والاسوأ من ذلك ان الدكتاتوريات الفاشلة في ليبيا وسوريا والسودان تستغل هذه الاحتجاجات لغايات سياسية أهمها البقاء في السلطة.

ووقع الساذجون في الفخ.
وبعد أن تهدأ العاصفة وينسى الناس موضوع الرسومات التي ستختفي وتصبح تاريخا تعود الحياة لطبيعتها،
ولكن الدكتاتورية ستبقى وسيبقى الفقر والفساد والاضطهاد وسيسكت الناس ويقبلوا بواقعهم ولا يسمح لهم بالهمس او الاحتجاج السلمي ضد السلطة الظالمة.

أين التسامح والمحبة والرحمة التي يتكلم عنها رجال الدين وفرسان الفضائيات ذوي الاجندة الدينية . سئم الانسان المسلم والعربي من سماع هؤلاء يصرخوا على الفضائيات ان الاسلام دين رحمة ومحبة وتسامح الخ. أين التسامح والمحبة في العراق وأفغانستان والسودان وليبيا . كفانا شعارات مستهلكة لا تخدم الدين ولا تخدم المسلمين بل تخدم أعداء العرب والمسلمين بسبب غباء اسلاميوا العصر الحديث.

نتوسل لهم ان يعطونا أمثلة عن التسامح والمحبة والصدق والمغفرة والسلام على واقع الأرض.
أين التطبيق؟ ولماذا لا نغفر للدنماركي الذي ضلّ الطريق واخطأ. هل سنسكت اذا قطع رأسه ورأينا الدم يسيل على الأرض. هل هذا ما يريده الاسلام وهل هذا ما يريده الرسول (صلعم).
وأخيرا هل سنرى مظاهرات عارمة في مختلف انحاء العالم الاسلامي ضد تدمير الأماكن الدينية الشيعية المقدسة في العراق أم سنسمع صمتا مدويا.

رسوم على ورق هزّت العالم الاسلامي. تدمير مساجد وأماكن مقدسة يبدو أنه لا يهم.

نهاد اسماعيل
اعلامي عربي - لندن

http://www.elaph.com/ElaphWeb/AsdaEl...6/2/130746.htm