ثقافة «عوراء»
ثقافة «عوراء»
بقلم فريدة الشوباشى - المصرى اليوم
سيظل الجدل محتدماً بصدد الآراء أو الفتاوى التى تنهال علينا من أفواه من يوصفون بالدعاة بأزيائهم الغريبة، البعيدة عن الزى الأزهرى الذى لم ير جيلى غيره، وحتى مطلع السبعينيات وما رافقها من تغييرات جذرية، فالبعض يدق ناقوس الخطر حتى لا تذوب ملامح مصر فى ملح «ثقافة» تنكب على المرأة وتفوح منها رائحة الهوس بكل ما يتعلق بها، انتهاء بأنها «عورة»!
وأتعجب من بعض «المثقفين» العقلاء الذين يهونون من انتشار الثقافة الوافدة بدعوى أن الإعلام يبالغ وينفخ فى النار عندما ينبه إلى خطورة المنحى الذى تريد بعض الأطراف جر مصر إليه، بينما يعرف الجميع أن «خطب وفتاوى» هؤلاء تسجل على شرائط وتنتشر بأسرع مما ينشر الإعلام، ناهيك عن تفوق أعداد الذين يستمعون إلى هؤلاء «الشيوخ» بعشرات، وربما بمئات الأضعاف عن قراء الصحف، وإذا تركنا جانباً الصمت الرهيب والمريب عن القضايا الجوهرية، التى تستوجب حلولاً سريعة كما تطلعت إلى ذلك الأغلبية الساحقة من المصريين فى ثورتهم، فإن ما يراد نشره وتجذره فى المجتمع فى نظرته إلى المرأة يعد، فى تقديرى - إضافة إلى إساءته للإسلام - تخريباً ومحاولة تقويض هذا المجتمع، وكيف لا وهذه الثقافة العوراء تهدف إلى تشويه و«شيطنة» نصف المجتمع وإقصائه عن كل ما يتصل بإنسانيته وحرمان البلاد من عقول وجهود وربما عبقريات نصف أبنائها
وأسأل: كيف تكون المرأة عورة، ومن أين جاء هؤلاء بهذا «الفكر» المرفوض؟ وإذا أردت أن أسرد آيات الذكر الحكيم التى كرمت المرأة فأنا أحتاج إلى صفحات وصفحات، وإن كنت ومنذ زمن بعيد أشعر بالفطرة بأن الخالق عز وجل قد كرمنى بأن جعل الحياة تولد فى أحشائى وخصنى بالرحم، حيث توهب الحياة لجنس البشر جميعاً، دون استثناء، فحتى هؤلاء الذين يصفون المرأة بالعورة ما كانوا يوجدون لولاها، ألم يقل الله عز وجل «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله فى عامين أن أشكر لى ولوالديك إلىَّ المصير».. و«ولقد كرمنا بنى آدم».. و«ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون»، ألم يقل الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، إن «الجنة تحت أقدام الأمهات»
وقال: «إنما النساء شقائق الرجال»، ألا يعطى الإسلام للمرأة حق التصرف فى ذمتها المالية؟ وكنت قد كتبت منذ نحو ثلاث سنوات فى «المصرى اليوم» مقالاً عن الرموز، ورأيت فيه أن أعظمها وأكثرها احتراماً هو «الأم المصرية»، التى تربى الأجيال وتدبر شؤون الأسرة وتحصن الجميع بالحب والحنان والعطاء، وكما أكد النبى الأمين لسائل عن أولى الناس بصحبته؟ فأجابه: أمك.. قال: ثم من؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟ قال: أبوك.. هذه مكانة المرأة فى الإسلام الذى عرفناه، وهذه هى المرأة على مر التاريخ فى مهد الحضارة وفجر الضمير، ومن حقى أن أرفض - وقد كرمنى الإسلام والحضارة اللذان أنتمى إليهما - هذه «الثقافة» العوراء والمسيئة للاثنين معاً، فالمرأة هى أصل الحياة!
__________________
(( افتحي يا كنيسه زراعك لكل متنصر جذبه المسيح اليه .. احتضنيه و اعترفي به فهو ابن لك و انت ام له ))
((فأنت الصدر الحنون له في محيط المخاطر و الكراهيه و الظلم و الارهاب الذي يتربص به ))
|