|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
زغلول النجار.. و(الاعتداء في التأويل)!!
زغلول النجار.. و(الاعتداء في التأويل)!! د. خضر محمد الشيباني حزّ في نفسي ما أعلنه عالم الجيولوجيا المعروف الدكتور زغلول النجار من مرئيات فيما يتعلّق بالكوارث الطبيعية، وذلك في برنامج (إضاءات) الذي يقدّمه الإعلامي الواعد الأستاذ تركي الدخيل، وبثته قناة (العربية) قبل حوالى أسبوعين. لقد جعل الدكتور النجار من تلك الكوارث عقاباً وعذاباً لغير المؤمنين، وابتلاءً للمؤمنين، لتصبح لدينا معادلة جاهزة نطبقها مباشرة في كل الحالات والأحوال، وما كنت لأبالي كثيراً لو أن هذه المقولة صدرت من شخص غير الدكتور النجار، فخلفيته العلمية، وخبرته الحياتية، وتقديري الكبير لاهتماماته وجهوده في مجال (الإعجاز العلمي للقرآن والسنة)، كل ذلك مجتمعاً جعل الجزء الذي تمكّنت من مشاهدته في تلك المقابلة مؤلماً وحزيناً. يقرّ الدكتور في ذلك اللقاء بالحقائق العلمية المعروفة، والسنن التي أجراها وأبدعها الخالق عز وجل في الكون كله، ومنه ما يجري على هذه البسيطة التي هي جزء متناهي الصغر في كون شاسع ومتسع على الدوام، ومن تلك الحقائق التي أكّدها الدكتور النجار ما يتعلّق بخصائص الزلازل والبراكين، فقشرة الأرض تتكئ على باطن نشط من المواد المنصهرة المتأججة التفاعلات، وأجزاء القشرة الأرضية نفسها في حالة حركة وتزحزح بالنسبة لبعضها بعضاً. إذن ليس الغريب أن تحدث تلك الكوارث، بل الغريب هو عدم حدوثها، تماماً كما أن الغريب أن لا يعاني الإنسان من الأمراض بأنواعها، ومن الهرم بنوعه الفريد، ومن الموت كنهاية حتمية لحياة الإنسان الدنيوية. تلك هي سنن الله في خلقه، وكلها - بدون استثناء - تصيب كل فئات البشر بمختلف أديانهم وأجناسهم وأعراقهم وممارساتهم، وهي ظواهر طبيعية لا نستطيع أن نمنعها، ولكننا نستطيع أن نقلّل من أضرارها باتخاذ الأسباب، وبالتالي ليس مطلوباً منا أن نصوغ معادلة عامة تعكس تأويلاتنا الذاتية، وإسقاطاتنا البشرية على تلك السنن التي لن تجد لها تبديلاً، ولن تجد لها تحويلا. بربكم...ما ضرّنا لو تركنا حكمة الخالق للخالق؟، وما الذي يجبرنا على إقحام عقولنا المحدودة في غيبيات لسنا مطالبين بفهم أسبابها أو تعليل مجرياتها؟، وهل ينبغي لنا أن نخوض في تأويلات لحكمة الله، وتبريرات لمشيئته، وتسويغات لسننه؟. في مجموعة مقالات نشرتُها في هذه الزاوية بعنوان: (نحو المصالحة مع العلوم والتقنية) رصدتُ أشكالاً متنوعة من (العداء الخفي) للفكر العلمي، ومنها: (عندما تتحوّل ظاهرة طبيعية مثل (كارثة تسونامي)، لها قوانينها وشروطها، إلى (قضية غيبية) يدخل فيها العذاب والعقاب والتنكيل بأقوام ضعاف غالبيتهم من المسلمين، فإننا ندرك ساعتها أننا لم نبتعد - فقط - عن (المنهج العلمي)، ولكننا - أيضاً - تجرأنا بالافتئات على علم الله وحكمته من ناحية، وقصرت - من ناحية أخرى - قدراتنا الذهنية عن استيعاب تلك السنن والقوانين التي قدّرها الخالق عز وجل وأبدع صنعها). لذا فإن رجال (العلوم الطبيعية) ينبغي أن يكونوا رأس الحربة في معركة (المصالحة مع العلوم والتقنية) لإحداث (النقلات النوعية) في ثقافة الأمة وتعاملها مع عصرها، ودفعها نحو استيعاب (الفكر العلمي) والتفاعل معه، وعليهم يقع العبء الأكبر للتغلّب على ذلك الخلل الكبير الذي يقبع في خلايا (العقل العربي) مسبّباً له كثيراً من الغبش في الرؤية، والفشل في التحليل، والأحادية في الرأي، والارتجال في القرار، والتهور في الأفعال. في ذلك اللقاء طرح الأستاذ الدخيل سؤالاً ذكياً: (إذا كانت هذه الكوارث عذاباً وعقاباً لمن حلّت بهم، فهل يجوز لنا أن نساعدهم، ونعمل على إنقاذهم، وتخفيف مصابهم؟)، ولم يكن ردّ الدكتور النجار شافياً، وأكبر خوفي أن يخرج علينا بعض المقتنعين بتلك الرؤية ليفتوا بضرورة أن نصبح من أدوات تحقيق إرادة الله، ونكون من جنده الصالحين، فنترك أولئك لمصيرهم البائس ليحيق بهم العذاب والعقاب، وأما المؤمنون منهم فسوف يبعثهم الله على نياتهم. يبدو لي أن (الاعتداء في التأويل) هو الجرثومة التي تترعرع لتقود إلى (الاعتداء في الدعاء) عندما يأخذ بعض الأئمة الحماس فيجأرون: (اللهم يتّم أطفالهم، ورمّل نساءهم، ويبّس أطرافهم، وجفّف الدماء في عروقهم) أو شيء على تلك الشاكلة!. * نقلا عن صحيفة "المدينة" السعودية انتهى المقال وأترك التعليق لكم |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|