|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
الاسلام والعنف
الاسلام والعنف المطران جورج خضر: الاسلام من حيث هو ثقافة او حضارة في العروبة. وبعض العروبة منه او فيه. وليس على احد حرج من ذلك. وهكذا تجيء عبارة "العرب والمسلمون" على الاقلام او في وسائل الاعلام معبرة عن واقع حي، فلا مهرب من ان يفكر المسيحيون العرب في شأن الاسلام فإنهم معنيون على مستوى الحياة وعلى مستوى النوعية. واذا اضفنا الى ذلك ان عقلاء المسلمين اليوم يتكلمون على حوار الحضارات فالاولى بالحوار العرب الذين يعيشون في البلدان التي يسودها الاسلام، هذا اذا لم نقل ان المسيحيين المنشغلين في الآداب العربية يعرفون عن الاسلام اكثر مما يعرفون عن المسيحية. هذه الاسطر لن يتقبلها احد ما لم يعتبرنا من اهل البيت. من هذه الاطلالة اسمح لنفسي ان ارى في العالم الاسلامي هزة كبيرة قد تكون بداءة لتحرك فكري كبير فيه تجعلني احس اننا على طرق الرجاء. ولست اريد بذلك حركة تجديد حسب المصطلح الاسلامي المعروف وليست هي فقط فتْحاً لباب الاجتهاد الذي يدعو اليه مسلمون كثر. ولكنني اتوقع تغييرا في الرؤية الى التراث ولا سيما في ما يتعلق بموضوع الدولة او علاقة الدين والدنيا. فاذا دار في المملكة العربية السعودية حديث عن المشاركة وحرية التعبير وذلك بدءا بالاوساط الرسمية لا نكون امام مجرد سعي لتبديل سياسة بل امام اعادة نظر في الحركة الفقهية التي تستند اليها الاسرة المالكة. ولقد اعترف المراقبون العرب ان العنف الذي كانت له اسباب كثيرة انما هو ثمرة التكفير لبعض من المسلمين وبعامة نتيجة فكر ديني يحتاج الى انفتاح كبير، ذلك لان السماحة وحرية الرأي الآخر فيهما ما يعزز الاسلام نفسه الذي عرف في ازمنة الحكم العربي القديم ان يكون بعيدا عن الغلو واستبداد السلاطين. من باب الفلسفة السياسية او من باب علم الكلام تبرز قضية العلاقة بين الاسلام والعنف. جاء في لسان العرب ان السلم هو الاسلام. لم اجد هذا المعنى صريحا الا في سورة البقرة، في الآية :208 "يا ايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة". واما في لغة العرب بعامة فالسلم هو السلام والسلامة بمعنى التحية وانتفاء الحرب. وعلى وجود هذا الترادف فليس في هذا تخصيص يمنع الحرب والغزوات وفتح الله للبلاد ونصرة للمسلمين ببدر وغير بدر. فمسألة السلاح واستعماله مسألة واردة في بحث العنف على ما يسمى في المصطلح الحديث. ترتفع أصوات مفكرين مسلمين هنا وفي المغرب يدعون الى الغاء مقولة "دار الحرب" باعتبارها تقابل "دار الاسلام". ذلك انها تعني ان المسلم مستنفر آجلا أم عاجلا لمحاربة الآخرين. هذا لا يمكن ان يعني الا تعطيل أحكام الجهاد والاندراج في البلد الذي يتوطنه المسلم والسلطة فيه - أية كانت السلطة - تقرر السلم او الحرب. في السياق نفسه آيات السيف كما نعرفها في سورة التوبة وعند معظم المفسرين انها نسخت: "لا إكراه في الدين". وفي هذا السياق ايضا حكم قتل المرتد. هل هذا باق الى الابد وتفعيله إلى الابد ام يسكت عنه في حين وينبش في حين؟ اذا أريد تفعيل آيات السيف يعني هذا ان "المشركين" في معظم بلدان آسيا وبعض من أفريقيا لهم ان يعرفوا انهم في خطر. ويكون التفريق بين الاسلام وحركات الاحياء الاسلامي كما يعبر عنها أهل الغرب Islam وIslamisme لا أساس له في النصوص التأسيسية. اذا كان هناك توثب دائم للقتال تكون عبارة ان الاسلام دين السلام في حاجة الى مزيد من التوضيح. واذا كان بعض الأئمة يوسعون مجال الشرك (وهذا تجده كثيرا في وسائل الاعلام المرئي والمسموع) يكون عدد رهيب من الناس مهددين. هل من يجرؤ ليقول ان كل هذا معطل كليا وان الغزوات الاولى وحروب الفتح قد ولّت نهائيا وتبقى بين المسلمين وغيرهم لغة تخاطب. هل يقف مسلم ليقول ان كل خطاب بشري لا يفهم الا بالاستناد الى التاريخ وان لا شيء في العالم يبرر الحرب الدينية ذلك لأن الدين قناعة قلب. انت تسمع من حين الى آخر المسلمين يتكلمون على حقوق الانسان. أبسط حق للانسان ان يشهد بما يريد وان يتبع ديانة او لا يتبع ديانة او يعلن تغيير قناعاته. "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" (سورة الكهف، الآية 29)، ان حرية الفكر تشمل كل شيء او لا تشمل شيئا. هل كان من قبيل الصدفة ان أعجب معظم العرب بمن فيهم مسيحيون بأسامة بن لادن في الحادي عشر من ايلول وان هذا الشعور مستمر في بعض البلدان؟ ماذا يفسر استمرار بعض من هذا الاعجاب حتى اليوم؟ ألا يدغدغ الكثيرين ان الشيخ أسامة ورفيقه أيمن الظواهري يتحدثان بلا انقطاع عن "الصليبيين واليهود والمنافقين"؟ هل الظواهري الذي عاش معظم عمره في مصر مقتنع ان الاقباط من الصليبيين أو أنهم أقرب الى الاميركان من بعض المسلمين النافذين في القاهرة؟ وهل هو مقتنع مع صديقه الشيخ اسامة انهما قادران على القضاء على اليهود بهذه السهولة وكذلك على الصليبيين من أهل الغرب بترسانتهم النووية وغير النووية؟ انه لحسن جدا ان تكون تفجيرات الرياض والمغرب اقامت مسافة بين العالم الاسلامي والارهاب. والاحسن ان السلطات السعودية اخذت تعي ان التعليم الديني عندها كما مورس حتى الآن غالى كثيرا في التكفير وانه منبت محتمل لاستئناف هذا الارهاب في اية بقعة من المعمور. هذا يطرح مسألة وجود السياسة في الاسلام باعتباره دينا ودولة في مصطلح او دينا ودنيا في مصطلح. وهذا يطرح مسألة تجمع المسلمين في امة واحدة بالمعنى السياسي للجملة بحيث ان الامر السياسي يأتي بحثا علميا والتزاما لامة واحدة. كذلك هذا يطرح مشكلة الاقرار بالمواطنة وهذه يقول بها غير عالم مثل محمد سليم العوا وطارق بشري في مصر وفي هذا تصديق على ما قام به مصطفى كمال بالغاء الخلافة في السنة الـ1924 ويؤكد تاليا ان المسلمين ابناء تاريخهم الحديث ويتأقلمون بكل دولة يعيشون فيها وليس لهم مطمع ان يهبوا هبة واحدة الا للعدل الذي يحميهم ويحمي الناس جميعا. نظريا ليس من عدل للمسلمين وعدل آخر للآخرين. والمهمة واحدة لتثبيت حقوق البشر جميعا كائنا ما كان مذهبهم. هل تتصورون أحدا في العالم يكره تقدم المسلمين في معارج العلم والتكنولوجيا؟ وحدهم الصهاينة يكرهون المسلمين. ولكني لم أعثر على موقف كهذا في اوروبا. أجل الكثيرون يطمعون ببلاد المسلمين وقد أكدوا هذا ونحن مع المسلمين ضد الطامعين. المسألة مطروحة على مستوى النفط وغير النفط وتاليا على مستوى تشكيل حكومات ذليلة. ونحن مع انتفاضة المسلمين في كل مكان من اجل الحفاظ على حرياتهم ورقيهم العمراني والعلمي فان هذا يؤمن الحرية لمن عاش معهم بالقضاء الكامل والنهائي على الذمية وتداعياتها وذكرها. هل من امكان لاسلام معتدل؟ هذا مستحيل اذا كان يخفي تسلطا على العالم ويرجئ التنفيذ. انا أرجو ظهور اسلام صاح منخرط بالعقل النقدي وبالذهنية التاريخية التي تقرأ كل نص في اطاره التاريخي. ان تؤمن برسالة محمد ونبوءته وما يستتبع ذلك من صلاة وصوم وزكاة والحج الى البيت بعد أداء الشهادتين فهذا لك ولك فيه حوار راق مع الاديان والحضارات الاخرى. ان تندرج في البلد الذي أنت فيها ويكون تاريخه تاريخك فهذا ما يجعل اسلامك دين سلام. ما كانت هذه السطور الا لحلمي بعالم اسلامي عظيم راق جدا في يشريته وطموح الانجازات وملتهب بحبه لله ومنطقي في ما يقول ومتعاون مع كل قوى الخير في العالم ومتبن للعقل المستنير بالايمان ولا يكون الايمان فيه بديل العقل، عالم همه الطهارة وخدمته للانسانية كلها، مؤمن بأن العزة هي للناس جميعا اذا باتوا على خلق كريم. أنا أشتهي عالما اسلاميا ينبهر البشر جميعا بصلاحه وجلال قيمه، حر من عقدة الأقلوية ومنجذب لوجه الله مرتسما على كل وجه بشري ويتحرك بمقابسة الانوار أنى وجدت ويعرض نفسه بلا إكراه لنعيش معه في طمأنينة وحر ية. النهار اللبنانية |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|