لاتزايدوا على وطنية الأقباط أيها المنافقين

[الحمامة الحسنة]

لاتزايدوا على وطنية الأقباط أيها المنافقين

بقلم| الحمامة الحسنة

«أورشليم»، مدينة الملك العظيم داود النبي والملك،وإبنه بحسب الجسد «يسوع إبن داود»«لو18: 38» والتي أمره الرب ببنائها لأجل أن يأتي السيد المسيح الملك العظيم الحقيقي ملك أروشليم السماوية لإتمام الفداء بأورشليم الأرضية أولاً، فتاريخها يشهد بأنها أورشليم قبل أن يطلق عليها بني العرب مسمى «القدس»، والسيد المسيح فور إتمامه للفداء تنبأ بخرابها على أيدي محتليها بكافة أشكال الإحتلال قائلاً :« وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل أزمنة الأمم»«لو21: 24 »، ورغم إنها ستكون مدوسة من الأمم إلا أن السيد المسيح لم يحذرنا ولم يحرم على أتباعه من المسيحيين زيارة مدينته أورشليم ! فهي المدينة المقدسة التي أسسها الرب وأقامها لأجل خطة الفداء للخلاص الأبدي، وحتى كنيسة الآباء الرسل الأولى في مجمعها الأول «أعمال 15» لم يحرموا ولم يمنعوا أتباع الكنيسة من زيارة أورشليم بحجة الإحتلال الروماني لإسرائيل! فالجذور الدينية لجميع مسيحي العالم بمن فيهم مسيحي مصر فهي الجذور ضاربة في كل معالم المدينة المقدسة لأنها المدينة التي شهدت حياة السيد المسيح وشهدت طريق آلامه وصلبه وقيامته وصعوده، وبها أهم الكنائس للمسيحين في العالم، وهما كنيسة «المهد»وكنيسة «القيامة» التي يخرج منها النور المقدس كل عام يوم «سبت النور»، وبها كل المعالم الدينية التي ذكرها كتابنا المقدس.
ولكن قامت الدنيا ولم تقعد وإنقلبت الفضائيات الإسلامية والبرامج المغرضة ذات التوجهات الحكومية،بسبب زيارة بعض الأقباط لكنائسهم بأورشليم ! محاولة بائسة من المنافقين للتحريض وللتشكيك في وطنية الأقباط وإنتمائهم لمصر وطنهم ووطن اجدادهم الفراعنة ! وبأن سفرهم لأورشليم هو خروج عن قرار الكنيسة وعن تعاليم قداسة البابا بعد رحيله، فما يفعلونه هؤلاء المنافقين هو نوع من الترهيب الفكري وأسلوب للضغط لتوجيه الأقباط وتطويعهم سياسياَ وخصوصاً بعد الثورة، وتناسوا أن مسيحي مصر بكافة طوائفهم يسافرون كل عام لزيارة أورشليم قبل رحيل البابا بدليل أن تجهيزات السفر لهؤلاء المسيحيين هذا العام بدأت قبل رحيل البابا في 17 مارس الماضي مما يعني أن الزيارات الدينية ليس لها إرتباط برحيل قداسته، فزيارات الأقباط الدينية لاعلاقة لها بالصراعات السياسية وخاصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والحكومة المصرية وقَّعت معاهدة سلام دولية ورسمية عام 1979مع دولة إسرائيل وبالتاكيد لم يكن الأقباط طرفاً سياسياً في هذه المعاهدة! وبالتأكيد تحمل هذه المعاهدة في طياتها الإعتراف بدولة إسرائيل؟! فما دخل الأقباط بالنزاعات السياسية ولماذا يقحمون المسيحية كديانة في سياساتهم ؟! وصفقة تصدير الغاز أليست نوعاً من التطبيع الإقتصادي، وسفر الآلاف من الشباب المصري الـ « 25 ألف شباب» من الذين تزوجوا من يهوديات ويحملون الجنسية الإسرائيلية ويعملون ويستقرون في إسرائيل !
فلماذا إذن النفاق وسياسة الكيل بمكيالين أيها المنافقون؟! فلا يأتينا اليوم من يزايد على وطنية الأقباط لمجرد إشتياقهم لزيارة كنائسهم في أورشليم وزيارة الأماكن المقدسة التي عاش وصلب فيها السيد المسيح والمذكورة في الكتاب المقدس الذي نؤمن به، وإلا كأنهم يقولون للأقباط ليس من حقكم أن تؤمنوا بالسيد المسيح لأنه يهودي من أرض بني إسرائيل! كفاكم نفاق خربتم البلد بأغراضكم الخبيثة،فالأقباط ليس لهم مصالح شخصية ولا أطماع سياسية مثلكم، لكي تتهمونهم بالخيانة والتطبيع والمزايدة على وطنيتهم!

وهنا السؤال، مَن المسئول عن التطبيع وإعطاء الشرعية للدول، الشعوب أم حكوماتهم ورؤساء الدول ؟! نتذكر جميعاً لقاء أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة في منتصف عام 2009 مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني وكيف منع أمير قطر المذيع الإسرائيلي من تصوير اللقاء ومن الظهور إعلامياً أو الإدلاء بأي تصريحات عن الزيارة ولم يتم إذاعة هذا اللقاء عبر قناة الجزيرة ولكن القناة العاشرة بالتليفزون الإسرائيلي غطت اللقاء وبثَّت مشاهد منه كنوع من إظهار تطبيعها للعلاقات الدولية معها، فمعروف موقف قطر المؤيد لإسرائيل ومعروف أيضاً نشاطها التمويلي لتخريب مصر، وتمولها لحملات الإنتخابات الرئاسية للتيارات الإسلامية في مصر.. ولاتعليق!

كذلك ماقام به المتحدث الرسمي لحزب النور السلفي يسري حماد في مقابلته مع إذاعة الجيش الإسرائيلي في ديسمبر الماضي وترحيبه بقدوم السياح اليهود ! وعندما إنفضح أمر السلفيين قالوا أن متحدثهم الرسمي لم يكن يعلم أن المقابلة كانت مع إذاعة إسرائيلية، ألم يكن هذا تطبيعاً سياسياً بين التيار السلفي وحكومة إسرائيل؟! عجباً لحكومات بني العرب يتصرفون كطيور الظلام في الخفاء وعندما ينفضح أمرهم فيكون الكذب والنفاق شريعتهم المقدسة!
وعندما ظهر الشيخ القرضاوي عبر مجموعة من الصور مع حاخامات اليهود في أحد المؤتمرات، فلم نقل عنه أنه مؤيداً للتطبيع !

بينما عندما يزور الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية المسجد الأقصى سواء زيارة بشكل رسمي أو شخصي وسواء يتأشيرة أردنية أو إسرائيلية، ففي النهاية هي زيارة دينية «في وضح النهار» لمواطن مصري لانشك في وطنيته حين عبر عنها الدكتور جمعة بقوله: «أن هذه الزيارة لم يستطع رفضها لرغبته بالصلاة فى الأقصي، واصفا الزيارة بأنها منة من الله عزل وجل» ،
ولكن إعتبر المنافقين زيارته خيانة عظمى لأنهم يعشقون صفقات الظلام المشبوهة فأسلوب المزايدة في الدين وفي الوطنية هو سِمتهم وخاصة حين يكونوا متأسلمين فيخلطون السياسة بالدين فلا يستطيعون الفصل ولا التمييز بينهما.

صحيح موقف الكنيسة القبطية واضح منذ إعلان قداسة البابا شنودة منع زيارة الأقباط لأورشليم وهو قرار وطني وحكيم، حيث أراد الرئيس« المؤمن» أنور السادات أن يُلبِّس الأقباط ثوب الخيانة والعمالة مع الصهيونية لتحقيق أغراضه الخبيثة، لإثارة روح الفتنة وبث التعصب لتغيير نظرة المجتمع ضد الأقباط، ولكن قداسة البابا كان من الحكمة والذكاء أن فهم مخطط السادات لإحراق الوطن وتحويله لمليشيات إسلامية مسلحة، ولكن إنقلب السحر على الساحر وكانت نهايته على أيدي الإسلاميين أنفسهم، وهم من قام بتربيتهم في حضنه وكان الراعي الرسمي لإرهابهم، فيُحسب هذا الموقف وهذه الحكمة الكبيرة لقداسة البابا شنودة كرجل وطني من الطراز الأول أحب مصر حب حقيقي وأفني عمره في خدمة وطنه، ولكن الخروج عن الموقف الرسمي والوطني للكنيسة لايعتبر مخالفة للدين لأن موقفها موقف وطني ولايمت للدين بعلاقة، ولا تستطيع أن تصدر فتاوى لإباحة أو لتحريم أمر من أمور حياة المسيحيين، فالمسيحية ليس فيها فتاوي تحريم وتحليل والأقباط يستطيعوا جيداً أن يفصلوا بين الدين وبين السياسة في حياتهم ومعيشتهم، كما أوصانا السيد المسيح« إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، فالقبطي يميِّز جيداً بين أمور دينه وبين وطنيته لأنه لاتعارض بينهما، فلايستطيع شيخ الأزهر أن يمنع المسلمين من أداء مناسك الحج بالمملكة السعودية بحجة الأزمة والموقف المشتعل حالياً بين البلدين والذي سحبت فيه السعودية تمثيلها الدبلوماسي بمصر! بالإضافة للمعاملة المهينة التي يلقونها المصريين على أيدي السعوديين حكومة وشعباً !

فالحريات الشخصية في ممارسة الشعائر الدينية لها حُرمتها الشخصية،ولايستطيع أحد المساس بالحريات الشخصية في العبادة أو المزايدة على وطنية وهوية الشعب المصري مسلمين ومسيحيين، مهما وصلت الحكومات من نزاعات فما بينها.

فإتقوا الله في ضمائركم أيها المنافقين ولاتزايدوا على وطنية الأقباط ودينهم، فنحن ضد سياسة الكيل بمكيالين، وضد منهج خلط السياسة بالدين، ومن حق الأقباط زيارة أماكنهم الدينية وكنائسهم بمدينتهم المقدسة متى شاءوا،
وإن لم تستطيعوا فصل السياسة عن الدين، فدينكم أول من إعترف بإقامة دولة إسرائيل :

{يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين}
{المائدة21 }