يوم جديد في فرنسا
من باريس: تحت شعار الغاء " عقد اول وظيفة " تخوض النقابات العمالية وجمعيات الطلاب والاحزاب السياسية المعارضة معركة جديدة في حربها التي دخلت اسبوعها التاسع ضد حكومة دومينيك دو فيلبان الذي طالب لاول مرة امس بعض نواب المعارضة بتغييرها بينما تستعد الغالبية البرلمانية التابعة الحاكمة الى افراغ القانون الخاص بهذا العقد من مضمونه من خلال اجراء تعديلات اساسية عليه .مما استدعى تدخل الرئيس جاك شيراك طالبا من الحزب الحاكم ان يكون النص الجديد للقانون منسجما بشكل تام مع توجهات الحكومة في خطوة تهدف الى احتواء التداعيات الناجمة عن هذا القانون واثارها على التضامن الحكومي المتصدع في الوقت التي تبدو فيه قوى المعارضة متماسكة ومصممة على السير في المواجهة حتى اسقاط القانون .
فللاسبوع الخامس على التوالي تعلن هذه القوى السياسية والنقابية هذا اليوم يوم اضراب وطني حيث من المقرر ان يتم تنظيم اكثر من 150 تظاهرة في انحاء البلاد ، يامل المنظمون ان يشارك فيها اكثر من مليون شخص على غرار مظاهرات الثلثاء الماضي بينما يتوقع ان يتعطل العمل في معظم الادارات العامة والخاصة على حد سواء اما بسبب اضراب الموظفين او بسبب عدم تمكنهم من الحضور الى مراكز اعمالهم من جراء الاضراب المعلن في قطاع النقل العام .
واذا كان المعارضون ل "عقد اول عمل " مصممين على المواجهة فان التعاطي السياسي مع هذه المسالة شهد تغييرا جذريا خلال اسبوع . فالرئيس شيراك وقع على القانون الخاص بهذا العقد نهار الجمعة انطلاقا من تضامنه مع رئيس حكومته ولكنه وعد بادخال تعديلات تتعلق بخفض المهلة التي يحق خلالها لصاحب العمل بطرد الموظف الجديد من سنتين الى سنة وبالزامه باعطاء مبرر لدواع هذا الطرد بينما يعفيه النص الراهن من ذلك .وبانتظار البت بهذه التعديلات تم تعليق العمل بالعقد المذكور .
ولكن النقابات العمالية التي رات في وعد شيراك بادخال تعديلات بوادر ضعف تمسكت بطلب الغاء القانون كليا كاجراء وحيد يمكن ان تقبل به مستندة في موقفها هذا الى التجاوب العام مع دعواتها للاضراب ومع تاييد الراي العام حيث تشير كل استطلاعات الراي الى ان ما بين 65 و70 بالمئة من الفرنسيين يؤيدون الغاء القانون . ولكن النقابات تراهن بشكل خاص على بوادر الانشقاق في صفوف الغالبية الحاكمة حيث بدأ بعض النواب والقياديين في الحزب الحاكم يدعون بشكل علني الى تفهم مخاوف المعارضين بينما يتولى نيقولا ساركوزي وزير الداخلية والمنافس الاساسي لرئيس الحكومة في الانتخابات الرئاسية المقررة في ربيع عام 2007 اعداد نص القانون المعدل الذي سيعرض على مجلس النواب مجددا في ايار ـ مايو المقبل . وتسعى النقابات العمالية الى استغلال رغبة ساركوزي في تسجيل نقاط لمصلحته في صراعه الخفي مع رئيس الحكومة لكي تنتزع منه تعديلات على القانون تذهب الى ابعد مما اقترحه الرئيس شيراك نفسه . وقد عقد ساركوزي عددا من اللقاءات مع مندوبين نقابيين للاطلاع على حقيقة مطالبهم كما اجتمع مساء امس بقيادة حزبه لاستمالتها الى جانبه في حال قرر السير ضد رئيس الحكومة .
وبالفعل فان بعض هؤلاء القياديين لم يتردد بالقول علنا ان "عقد اول وظيفة " قد مات . اما دومينيك دو فيلبان الساعي للظهور بمظهر الممسك بخيوط اللعبة فقد جمع وزراءه بالكامل امس وخرج بعد الاجتماع ليؤكد انه مستمر في عملية "تحديث فرنسا وتطويرها" خلال الاشهر المقبلة كانه يرد بذلك على كل محاولات دفعه للاستقالة او للاقالة .
وعقبال يامصر ضد الفساد