احد الساده علق فى موضوع سقطه لوطنى عن ما حدث لقنديل افندى . ما رايكم فى هذا المقال؟
المنشور فى العربى؟
استمدت الشخصية المصرية مكوناتها الحضارية عبر تراكم الحضارات المصرية خلال حقبات التاريخ. فكل حقبة تاريخية كان لها تأثيرها المتراكم والذى ميز الشخصية المصرية، وكانت أهم تلك الحقبات هى الفرعونية، الرومانية، اليونانية، القبطية وأخيرا الإسلامية. ولا مانع من التأثر بحقبة من تلك الحقبات دون الحقبات الأخرى نظرا للقناعات الفكرية أو التاريخية. ولكن يظل تأثير باقى الحقبات بقدر أو بآخر ذلك غير الانكفاء على حقبات بعينها لإسقاط المعتقد الدينى على تلك الحقبات مثل الحقبة القبطية لبعض المسيحيين والإسلامية لبعض المسلمين
ويزيد ذلك الانكفاء فى أوقات المد الطائفى الإسلامى المسيحى، فيكون إعلاء كل منهم للحقبة المميزة له دينيا وذلك لتأكيد الفرز الطائفى بينهم ومحاولة التعالى والتمايز على الآخر، وأيضا يلجأ البعض إلى إعلاء الهوية الدينية فى التواريخ المفصلية، فبعد ثورة 52 ظهر تنظيم يسمى بالأمة القبطية ذلك التنظيم الذى ظهر مناوئا ونظيرا لتنظيم الإخوان المسلمين، لدرجة أن شعاراتهم كانت متطابقة وهى أن القرآن والانجيل دستورهما وأن الموت فى سبيل الله غاية أمانيهم، وتنظيم الأمة القبطية قد أعلن أن اللغة القبطية هى لغة المسيحيين دون سواها، وأن مصر مسيحية إلى آخر تلك الشعارات، حيث كان ذلك تأكيدا للتواجد المسيحى الذى لم يكن واضحا لثورة يوليو غير التواجد أثناء ثورة 1919 وذلك لتقاعس الأقباط عن المشاركة فى يوليو. أيضا توازيا مع الدور الظاهر حينئذ للإخوان المسلمين فى ثورة يوليو. فلماذا الهوية القبطية الآن؟ أولا: قد جرت فى البحر مياه كثيرة فكانت ثورة يوليو بمشروعها القومى الذى وحد المصريين جميعا مما خفت معه النعرة الطائفية، وانحصر نتيجته الفرز الطائفى والسلوك الطائفى، حيث حاولت الثورة القضاء على التميز الطبقى كما أعطت الفرصة المتساوية كل المصريين فى كل المجالات. وكانت التوجهات القومية والعربية فى مواجهة المخططات الاستعمارية التى كانت تعمل على وأد الثورة فعلت فكرة القومية العربية على النعرات الإقليمية المنغلقة، مما أزعج الاستعمار وأفشل مخططاته فكان ضرب المشروع العربى فى 67، إلى أن تفكك الاتحاد السوفيتى وأعلنت الامبراطورية الأمريكية، ووصل اليمين الأمريكى المسيحى المتصهين إلى الإدارة الأمريكية بأجندته المعلنة لإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط لصالح أمريكا وإسرائيل، وكانت كلمة السر هى أحداث سبتمبر 2001، فتم احتلال أفغانستان واحتلال العراق وسحقه تحديا للشرعية الدولية على الرغم من سقوط كل الحجج الواهية التى رفعها بوش. ثانيا: كانت تلك الأحداث فى مصر والشرق الأوسط قد تواكب معها أحداث فى أمريكا كانت ومازالت تخدم بصورة أو بأخرى المخططات الأمريكية فى منطقتنا. وهى التنظيمات الطائفية لبعض أقباط المهجر المرتبطة بالإدارة الأمريكية، وكذلك بعض المؤسسات الأهلية مثل بيت الحرية، وارتباطها باللوبى الصهيونى وقد اعترفت قيادات المهجر بذلك علنا وافتخارا. وها نحن نرى عقد المؤتمر الصهيونى فى 23 سبتمبر الحالى فى أوروبا تحت اسم الأقباط أقلية تحت الحصار. وكان من نتيجة الدور المرسوم لبعض أقباط المهجر لتمرير السياسات الأمريكية فى المنطقة هو إمداد بيت الحرية بتقارير غير صحيحة عما يسمى باضطهاد الأقباط فى مصر. وكان هذا مطلبا من الخارجية الأمريكية للتنسيق مع بيت الحرية. حيث أفرز هذا التنسيق صدور قانون الحماية الدينية من الكونجرس الأمريكى عام 98 والذى حدد ست عشرة عقوبة على الدول التى تنتهك حرية الأديان. ذلك القانون على ضوئه تقدم الخارجية الأمريكية تقرير الحالة الدينية بهدف لى ذراع الأنظمة لتمرير السياسات الأمريكية ويتم هذا حتى مع الدول الصديقة والمتحالفة مع أمريكا مثل مصر والسعودية، ثالثا: استغل بعض الأقباط سواء أكانوا رجال دين فى الكنائس، أو علمانيين مرتبطين بمؤسسات أمريكية مثل بيت الحرية، أو بعض الصحف التى تلعب دورا طائفيا والداعية للأمركة مثل جريدة وطنى، قد استغلوا المناخ الطائفى الذى تراكم عبر السبعينيات من خلال ممارسات السادات لبعض الممارسات الطائفية، كذلك ممارسات الجماعات الإسلامية ضد الأقباط التى كرست الفرز الطائفى الذى كان نتيجته الانكفاء على الكنيسة من قبل الأقباط بما عزز دور رجال الدين فى لعب دور سياسى فوق دورهم الدينى، ذلك الدور تباركه الدولة خوفا من أى مواجهة، وضعفا من مواجهة اللوبى المهجرى فى أمريكا، وتحوطا من تطبيق بنود قانون الحماية الدينية وقطع المعونات الاقتصادية. رابعا: السياسة الأمريكية فى المنطقة والتى تساعد على تغذية النعرات الطائفية لدى الأقليات الدينية كما يحدث الآن فى العراق حيث العمل على إقامة ثلاث دول كردية وسنية وشيعية، وكذلك محاولات أمريكا ودورها فى فصل جنوب السودان عن شمالها والتدخل فى مشكلة دارفور ليست خافية على أحد، أما مصر فالأوراق كثيرة فى هذا الإطار، وقد بدأ اللعب الجاد بورقة النوبيين فى شمال السودان، والذى سيتبعه اللعب على مشكلة النوبيين فى جنوب مصر خاصة أن النوبيين يمتلكون لغتهم وثقافتهم وعاداتهم الخاصة، ناهيك عن الاختلاف الجنسى مع العرب، أما الأقباط وعلى الرغم من عدم وجود أى فارق جنسى أو لغوى أو ثقافى بينهم وبين المسلمين فاللعب بورقة الأقباط تلك الورقة القديمة المتجددة دائما يتم عن طريق المشروعات الانفصالية التى تقدم من منظمات المهجر بإيعاز ومباركة أمريكية حيث تتطابق الأهداف، وهى تنفيذ المخططات الأمريكية، وتحقيق حلم الطائفيين الأقباط الأمريكان اللاعبين تحت شعار الهوية القبطية. خامسا: اللعب بورقة العولمة أقصد الأمركة وذلك بطرح النموذج الأمريكى فى كل مناحى الحياة بادعاء التطور والحداثة فى مواجهة القديم. ذلك الطرح الذى يرفض القديم ويعتبر متخلفا لسحق هوية الشعوب أما بالنسبة للأقباط الأمريكان ومنهم من فى الداخل فالأمركة تعنى بديل التخلف العربى والانتماء القومى. ألا يوجد تناقض بين الحديث الذى يسعون إليه وبين الانكفاء على دهاليز التاريخ باسم الهوية القبطية المتحجرة. لكل ما سبق يقوم المتأمركون من الأقباط فى الداخل والخارج بحركة دائبة وبحماس منقطع النظير بإحياء ما يسمى بالهوية القبطية. كيف؟ يتم تكوين مجموعات شبابية فى الكنائس طوال الصيف ويتم تلقينهم برامج حول الهوية القبطية. فأى مواطن مسيحى يريد التعرف على جذوره وتاريخه وذلك من منطلق عاطفى ولكن الاختلاف هنا ما هى تلك الهوية؟ وما هى جذورها؟ وما هى معطياتها الحياتية الآنية؟ وما هو الهدف الأساسى من إحياء تلك الهوية؟ وهنا تلقين الشباب أن الهوية القبطية هى كيان المسيحيين المصريين المميزة لهم عن المسلمين، والهوية كما يزعمون هى التى تبدأ بالتاريخ الفرعونى وتنتهى بالحقبة القبطية أى الحقبة الكنسية ما بين اليونانية والإسلامية. وجذور تلك الهوية كما يرون هى الحضارة الفرعونية والتى تقبع داخل مجموعة الآثار الفرعونية، والتى نجترها اعتزازا وافتخارا للتغطية على الفشل والتخلف الحالى. كما يرون أن تلك الهوية وعمودها الفقرى هو اللغة القبطية والفن القبطى الذى لا وجود لهما خارج الكنائس. ويصل الخلط المتعمد إلى أن هذا يتمثل الآن فى الكنيسة طقوسا وعقيدة وعبادة. والكنيسة هنا هى الكنيسة الآرثوذكسية فقط دون غيرها من الكنائس المسيحية الأخرى فى مصر، وطرح تلك الفكرة
على شباب فى سن المراهقة وفى البداية للتكوين العقلى والفكرى فيتم استخدام حماس الشباب وفورته عندما يتم الخلط بين ما يسمى بالهوية القبطية وبين المسيحية كدين. كما يتم الدعوة بالتعامل باللغة القبطية، لا داخل الكنائس فقط بل فى حياتهم الخاصة والعامة، وهنا فهذا هو الخلط والالتباس والخطأ والخطورة أيضا.