الحلقة الرابعة
شاهدت أرواح لا تعد ولا تحصى لاناس قد خرجت السنتهم من أفواههم مشدودة بحبال رهيبة من النار وهذة
الحبال متصلة بأعمدة هائلة الطول....وكلما حاول أى أنسان أن يحرك لسانة أرتفعت تلك الحبال بة ولفت بشدة
حول ذلك العمود أو الصارى فينتزع اللسان من مكمنة نتيجة لهذا الدوران الرهيب فيسقط الانسان أرضاً وفى
الثانية التالية تلتف حول الانسان نفس الحبل فيرجع اللسان لموضعة بفم الانسان المعذب فيقف ثانياً ...ويحاول
أن يحرك لسانة فيحدث نفس الحدث الاول ..التفاف الحبل حول العامود وصراخ المعذب وأنتزاع اللسان
وسقوطة ثم رجوع اللسان الى موضعة ...الخ الخ...وطبعاً كل هذا والمعذب يشعر بعذاب لايستطيع أى أنسان
أو لا تستطيع أى لغة على وصفها من فظاعة تلك العذبات والالام الرهيبة القاتلة.....أنها طريقة شنيعة للعذاب
نظرت لشيطانى شمروخيل قائلاً فى فزع رهيب:أية العذاب دة...دة شىء لا يحتمل
رد شمروخيل فى هدوء منفر : دة ياصياد أقل وأول أنواع العذابات الصغرى...دة عذاب الشتام والحلاف
والمنافق والكاذب والمخادع...واللى متلقيش على لسانة غير كل كذب ونفاق
الصياد : ياساتر يارب...يعنى دة أصغر وأقل أنواع العذاب !!!!....أمال أكبرهم يبقى أية؟؟!!
رد شمروخيل : مش قلنا مش عايزين أستعجال .....فية أسئلة فى اللى بيحصل هنا؟؟؟
الصياد : يعنى هنا هيكون موجود كل الناس الكذابة ..صح؟؟
شمروخيل : أيوة
الصياد : طب أنا لية مش شايف حد مشهور من اللى نعرفهم على الارض؟؟؟...أية يعنى كلهم صادقين كدة؟؟!
شمروخيل: أنا فاهم قصدك....هنا ياصياد ...عذاب الكذب المحدود....يعنى اللى بيكذب على فرد واحد أو عدة
أفراد أو حتى عشرات ذى النصابين والمزورين ...الخ الخ...لكن فية ساحات تانية للى كذبة بيكون على
مستوى شعوب وليس أفراد....يعنى اللى بينصب على شعب بحالة ..من رجال الحكم على الارض ...وكمان
المفاجأة هتشوف كمان رجال دين موجودين فى الساحات الكبرى ..مش هنا ...المكان دة للناس اللى على قد
أفعلهم الصغيرة...يعنى مش ممكن نعذب اللى بيكذب على زوجتة بخصوص مثلاً أنة بيحبها وعمرة ما خانها
...ذى ما هنعذب اللى بيخون شعبة
الصياد : يعنى هناك هنلاقى النبى الكذاب كمان؟؟؟
شمروخيل: هاهاها....لا دة بقى مكانة هنرحلة بس مش دلوقتى...مكانة مخصص لية بس
الصياد: لية يعنى ؟؟...هو على راسة ريشة ؟؟
شمروخيل فى أستغراب: لا...اللى أنا شفتة أن على راسة عمة مش ريشة
الصياد : ياعم شمروخيل مش قصدى المعنى الحرفى للكلمة ..قصدى يعنى هو أحسن من الناس التانية علشان
ينحط فى مكان لوحدة؟؟
شمروخيل: لا...لا...دة بالعكس ...هى خطيتة تقيلة خالص ...حتى أبليس نفسة الريس بتاعنا ...عملة أستقبال
رهيب لما حضر هنا ...دة كذبة لحد دلوقتى مفعولة شغال ...وبيوردلنا ناس كتير حتى بعد موتة بأكتر من الف
عام...دة ياراجل كذبة وكل أنواع خطاياة بندرسها هنا فى السنة النهائية فى كلية أبليس الكبرى...ولازم كل
متدرب يحفظ طرقة الرهيبة فى الخداع اللى ملهاش ذى...كفاية كدة ..وياللى بينا ..أركب على كتافى علشان
نروح لتانى ساحة من الساحات الصغرى
الصياد : أنت بردة مصمم على الطريقة الرخمة المرعبة دة
رد شمروخيل فى غضب : وأنت مش هتبطل تعترض على كل حاجة
قال هذا ثم أمسك بقفايا المنحوس معى ووضعنى على ظهرة ثم قال : أمسك كويس ...هيلا ....هووووووب
************************************************** ***********************
مع طول الرحلة فوق ظهر شمروخيل ولكننى لم أحس بها ...لاننى وللصدق قد سرح عقلى وكل كيانى
فى لقطات متصلة لحياتى الارضية ...حياتى التى أضعتها بغبائى وقصر نظرى أو هى التى تسربت
من بين أصابعى...قد تكون ظروفى ...أو ظروف بلدى مصر أو ظروف معيشتى....أو حتى أحلامى
المستحيلة
وقد تكون كل هذة الاسباب مجتمعة قد أتفقت على بدون أتفاق بينهم على أن تضيعنى وتضيع مشروع أنسان شريف
فى وطن جميل نطيف....حاولت أن أحدد بدقة ماهى مشكلتى أو ما هى كانت مشكلتى فى حياتى
على الارض ...وكيف أننى ولدت وترعرعت مثلما يقولون ...فى مجتمع وبيئة لا تعرف لتفرد الانسان وأبداعة
أى شىء...بل تعترف فقط بقوة وسطوة المال ...المال اللى مكنتش أحتكم على أى رصيد منة غير بضعة
جنيهات يومياً لاسد رمق جوعى وأحتياجات ذاتى المادية ....أما العبقرية والابداع والشعور بالتفرد...فكل دة
مش فى مخيلة ولا فى عقول من حولى ...كان الجميع من أكبر راس فى البلد لاصغر عيل يحبى فيها يؤمن
بأن الانسان المصرى والانسان عموماً لاشىء غير أن عدد ورقم لاشباة مثلة بالملايين
وأنا فى وسط كل هذا كنت أحس و أشعر بقيمة ذاتى ...ذاتى التى حاولت بكل ماأستطع أن أصل لها وأن أكون
الصياد اللى أنا عايزة مش رقم ولا عدد...وفوق كل هذا أتت على البلد ...أسراب من اللصوص الذين كسروا
ما تبقى من أنسانية شعب مصر وطموحة فى مستقبل أفضل
لقد باعوا لنا الوهم وسلبوا منا أعز ما يملك الانسان ...الا وهو حريتة...حريتة فى الابداع...حريتة فى التعبير
عن نفسة
بل وحريتة فى أن يعيش فيها أو يرحل عنها..حريتة فى التفكير....هذا الوطن الذى أهاننى كثيراً ...هل كان ينتظر منى غير أن
أهينة ولو قليلاً ....وهذا القليل هو قولى لا...وهذا القول هو من أوصلنى لعذاب رهيب...حروب لم تنتهى
بينى وبين وحوش هذا النظام...حتى وصلت لنهايتى الغير سعيدة بالمرة...أوصلتنى لليأس حتى من رحمة اللة
قد أكون أخطأت أو أبتعدت عن التمسك بأيمانى ...ولكننى لم أكن يوماً بكافر....حتى وأنا فى أخر لحظات
حياتى والسم يأكل أحشائى ..لم أكن بكافر...بل كنت أكبر ناقم على الدنيا والزمن وعلى كل من حولى وحتى
على نفسى....لقد كرهت حياتى وكرهت كل لحظة حاولت فيها أن أحارب الظلم والكفربنعمة الحياة
....ولكن لم أكن بكافر....بل كنت أعظم حاقد على كل اللصوص والافاقين الذين أذلونا وأطعمونا المر
والقهر...لم أكن بكافر بل كنت أقوى صوت يسب ويلعن كل الافكار الانتهازية التى تكالبت على أرضنا وكل
الاعمال الوضيعة التى أحرقت خيرها وحولتة لرماد
لم أكن بكافر....بل كنت أشرس محارب فى ساحات الحق والعدل ....وكيف بى أن أسكت..وكل ما حولى
يصرخ بالفساد والسقوط الانسانى...لم تمر مصر فى أى حقبة من أحقابها القديمة أو الحديثة بتلك الازمة وذلك
السقوط للانسان....لم يعد الانسان هنا يعمل ليبدع ...بل أصبح كالحيوان يعمل ليسد رمقة فقط..دة لو لقى أصلاً
عمل....رحمتك ياربى....رحمتك يالهى
دارت بى الدنيا من هز هذا المغفل شمروخيل بى وهو يصرخ بصوتة الرهيب كصوت الف غراب قائلاً :
ياصياد أصحى ...أحنا وصلنا
أقرن قولة هذا بأن وضعنى بجوارة قائلاً بهدوء: هنا بقى تانى ساحة من ساحات العذبات الصغرى
وأنفتح باب رهيب أمامى ذو شكل لا أستطع وصفة من كثرة تموجاتة ودخلنا ثم قال شمروخيل : هنا بقى
ياصياد ساحة عذاب خطية الخيانة...ذى اللى بيخونو الامانة..واللى بيخونوا عشرة الاصدقاء واللى بيخونوا
أزوجهم وزوجتهم....الخ الخ
نظرت لاسف لاجد ما جعل شعر رأسى يقف كالف مسمار ومسمار من شناعة وغرابة ما أشاهدة تحت أقدامى
فى تلك الساحة الرهيبة ....ساحة عذاب الخيانة
***********************************
وغداً مع الجديد
تحياتى
الصياد
|