عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 05-02-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
العقل العربي والملحمة الكاريكاتيرية

العقل العربي والملحمة الكاريكاتيرية

أعلن الشيخ يوسف القرضاوي، بأن يوم الجمعة هو يوم الغضب العالمي لمسلمي العالم أجمع. وشدد في خطبة الجمعة على ضرورة الاستمرار في مقاطعة الصناعات الدنماركية. وجاء اعلان الشيخ القرضاوي في ظل موجة عارمة من الاحتجاجات والمظاهرات ومقاطعة المأكولات الدنماركية في انحاء مختلفة من العالم العربي والإسلامي وسحب بعض السفراء من الدنمارك، واحراق الأعلام الدنماركية في الشوارع، وكأننا أمام حرب مواجهة مع الدنمارك، أو كأن القيامة ستقوم غداً نتيجة لرسوم الكاريكاتير التي نشرتها صحيفة جيلاند بوستن الدنماركية.
والسؤال هنا: هل كان ما قام به المسلمون في العالم العربي والإسلامي وأوربا من احتجاجات على هذه الرسوم هو الطريق الصحيح لكي تعترف الدنمارك بذنبها، وتعترف الصحيفة الدنماركية بالفعل الشائن الذي اقترفته بحق رمز كبير من رموز الأديان السماوية؟
-2-
لقد قام المسلمون في مختلف أنحاء العالم برد فعل عاطفي متشنج أهوج، لم يؤدِ إلا إلى مزيد من الامعان في الخطأ الدنماركي، وانتقاله إلى الغرب. فقد أدت هذه الاحتجاجات على المستوى الرسمي والشعبي إلى زيادة انتشار هذه الرسوم في العالم، وابلاغ الحاضر للغائب والداني للقاصي. وانتشرت على صفحات الانترنت وفي معظم صحف العالم ، ومنها العالم العربي (صحيفة شيحان الأردنية مثالاً) ما عدا الإعلام الأمريكي الذي امتنع عن اعادة نشر هذه الصور واكتفى بالتعليقات على ما جرى ويجري.
فتشنجات المسلمين في الشوارع العربية والإسلامية وفي الدوائر الرسمية العربية، هي التي نشرت الرسوم من نطاقها الدنماركي المحلي المحصور والمعزول في بلاد الصقيع إلى نطاقها العالمي، وهي التي جعلت فضيحة سرية محصورة بجريدة في آخر أصقاع الدنيا إلى فضيحة عالمية بجلاجل.
-3-
أما كان الأجدر بالعقل العربي، أن يتمهل في كيفية علاج هذا الخطأ الإعلامي الدنماركي الفردي ويحاصره ويحصره في أضيق دائرة ممكنة، كأن ترسل منظمة العالم الإسلامي مثلاً وفداً من العقلاء للالتقاء بهيئة تحرير الصحيفة الدنماركية، ويشرحوا لها بهدوء وبالعقل أضرار مثل هذه الرسومات على العلاقات العربية الدنماركية، وحجم النتائج الوخيمة المترتبة عليها، ويطلبوا منهم الاعتذار عن هذه الرسوم دون اقحام الحكومة الدنماركية في هذا الأمر، حيث لا سلطة للدول الديمقراطية على الصحافة؟
أما كان الأجدر، أن تتحرك الجامعة العربية وترسل وفداً دينياً ثقافياً إلى هيئة تحرير الجريدة لكي تشرح لهم أبعاد الاساءة التي أحدثتها هذه الرسوم في نفوس العرب والمسلمين ومدى تأثير هذه الإساءة على العلاقات الدنماركية – العربية. وبأن الشعب الدنماركي سوف يدفع ثمناً غالياً نتيجة لنشر مثل هذه الرسوم؟
أما كان الأجدر أن يتم تحرك ديني أزهري مع تحرك من منظمة العالم الإسلامي نحو الفاتيكان وبهدوء وتعقل، للاتصال بالبابوية، وشرح أبعاد هذه الإساءة لمشاعر العرب والمسلمين والطلب من البابوية الاعتذار نيابة عن الجريدة الدنماركية؟
-4-
كان يمكن أن يتم مثل هذا، وغيره من الخطوات لو جنح العقل العربي إلى الحكمة والموعظة الحسنة.
ولكن باعتبارنا أمة هيجاء وصحراء، ولا نعرف غير الكرِّ والفرِّ، لجأنا إلى الشارع لكي نعبّر عن رد فعلنا لما حصل. وكانت نتيجة ذلك أننا نبهنا العالم، ولفتنا نظره إلى هذه الرسومات، فقامت وسائل الاعلام في الشرق والغرب باعادة نشر هذه الرسوم. ومن لم يُعِد نشرها اكتفى بالتعليق عليها، لكي يدفع القارئ إلى البحث عنها والنظر إليها. وهكذا خسرنا معركة جديدة تضاف إلى خسائرنا لمعارك سابقة إعلامية وسياسية وعسكرية.
فنحن الخاسرين دائماً وأبداً.


5-
وماذا بعد؟

هل نطلب من العالم كله أن يعتذر لنا؟
ثم لماذا كل هذا التشدد والتشنج على رسومات سخيفة ارادت الجريدة الدنماركية من ورائها زيادة مبيعاتها؟
وهل هذه الرسومات هي التي اساءت فعلاً إلى الإسلام والمسلمين في العالم؟
ماذا عن ضحايا البرجين الثلاثة آلاف في أحداث سبتمبر 2001؟
ماذا عن كل الأعمال الارهابية التي ارتكبت في لندن ومدريد وعواصم افريقية وعربية ومنتجعات آسيوية وعربية؟
ماذا عن الرؤوس البريئة التي قطعها الارهابيون بالسيوف على شاشات الفضائيات، وفي مواقع الانترنت؟
ماذا عن مئات الكتب التاريخية التي تصدر في الغرب والشرق ناقدة للدين الإسلام؟
ماذا عن مئات المستشرقين الذين قاموا بتشويه صورة الإسلام في العالم؟
ماذا عن مئات الروايات ودواوين الشعر الغربية والعربية التي مست الإسلام بسوء؟
--
الرد مع إقتباس