المصرية لمناهضة التعذيب لتقصي حقائق ما جرى في قرية العديسات
"بيتي اتخرب ..ضيعونا منهم لله"
تركنا أبو جرجس وطلبنا زيارة أسرة كمال... وفي الطريق دخلنا عدد من البيوت لنري آثار النيران والدمار الذي لحق بأهل القرية من المسيحيين..فهنا قطع خشب متفحمة.. وهناك دريس البهائم المحترق.. وهذا باب منزل تكسر بأيدي الغزاة وأسلحتهم..وهناك أشجار ونخيل لا زالت أثار الحريق واضحة علي جذوعها وأوراقها..
دخلنا بيت كمال الشهيد الثاني في معركة كنيسة العذراء.. قابلتنا زوجته وبناته الثلاث أمل وأمانى وتريزا. أمل وأماني انتهيتا من الدراسة المتوسطة وتريزا لازالت تدرس بالمرحلة الإعدادية..علمنا بوجود أخ لهن في المرحلة الثانوية..لم يدخل للبيت منذ وفاة أبيه..يهيم علي وجهه غير مصدق..يبات عند اصدقائه او في الدير لا أحد يعلم على وجه التأكيد.. المؤكد الوحيد أنه لا يستطيع دخول البيت والنظر في عيني أمه بعد ما حدث لأبيه.. الأم بلغ بها الحزن مبلغه والخوف مداه فكيف ستربي البنات الثلاث ولم يكن لهم دخل غير ناتج زراعة الأرض.. "خربوا بيتي ..بيتي أتخرب ..ضيعونا منهم لله"
البنات تخشي الخروج من باب الدار خوفا من تربص المسلمين وخاصة وقد تم توزيع منشور بالقرية يطلب من المسيحيين هدم الكنيسة بأنفسهم ان أرادوا السلامة وإلا سيذبحونهم جميعا.. هذا ما أكدته البنتان الأكبر.."المنشور حدد 30 يناير موعد أقصى لهدم الكنيسة وبكره هو اليوم المحدد ..لا يمكن نهدم بيت الله بأيدينا ومش عارفين نعمل ايه؟.نروح فين؟..مين المسئول عن حمايتنا وحماية الكنيسة"....
تريزا الصغيرة رأت أبيها ورأسه مفتوح والمخ يخرج من جمجمته.. لم تعرف وقتها أن هذا الملقى على الأرض هو أبوها فقد كانت الدماء تخفي ملامحه.. عرفت بعد ذلك من عمها إن هذا الإنسان هو أبوها.. خانتنا حصيلتنا من الكلام لم يرد أحد منا علي تريزة.. الموقف أصعب كثيرا من كلمات المواساة والاعتذار.. ماذا يفيد طفلة مثلها رأت ما رأت وإذا بها تعرف بعد حين أنه أبيها..
تقول واحدة من البنات:
كنا في البيت.. كنا فرحانين بالكنيسة.. ابويا جاي يتعشى الساعة 6، وبعدين نزل يزور ابن خاله على ما تحضر العشاء.. وكنا منتظرينه. وحوالي الساعة 7.30 قطعوا النور.. كنا بندور على كبريت عشان نولع الشمع ما لقيناش. بأفتح الشباك سمعت هتافات في الشارع ولقيت جمهور ناس ماسكة نار رافعينها وبيرموها على الكنيسة والبيوت.. الهتافات كانت بتقول "لا إلاه إلا الله.. الجهاد التام في سبيل الله"، وكان فيه ناس بتهتف: "يا محمد فرق الشربات، الكنيسة اتهدت والقسيس مات". كل الشباب عرف ان فيه شىء وفعلا ابتدى الهجوم ..
قاوا لي ان ابويا كان راجع ضربوه وانفتحت راسه ووقع على الأرض.. عمي شافه وداسوا عليه وفيه ناس جت تشيله قالوا لهم: سيبوه، ده مسيحي.
كانوا عاوزين يكسروا الباب ونزلت وقفت وراه.. الأمن كان واقف والناس طلبت الحماية، قالوا لهم ما عندناش اوامر بحمايتكم.. عندنا أوامر بحماية الكنيسة.. أربع ساعات النار شغالة، تهد جبل، كان معاهم سيوف وفوس وعرفنا ان فيه واحد قطع خرطوم المطافي، وناس شافوه، وسلموا السكينة للنقطة.. كان العدد حوالي ألف، وكانت مساحة كبيرة مليانة ناس.
إحنا مش بننام خالص.. احنا مهددين بالقتل.. وزعوا ورق فيه تهديدات بالقتل يا إما الكنيسة تنهد.
|