لكل مسيحي مخلص...2
هيا إلى السلاح ! .. إلى السلاح ! :
إن الموقف والظرف قد تغيَّرا وكما هو الحال بالنسبة لأي قائد مقتدر وحكيم ، فإن " الاستراتيجية " أيضاً يجب أن تتغير ، لم يكونوا قد غادروا الجليل صفر اليدين من السلاح . " فقالوا يا رب هوذا هنا هنا سيفان . فقال لهم يكفي " ( لوقا 22 : 38 ) .
ولكي يستنقذ المبشرون صورة يسوع الوديعة المسالمة ، فإنه يصرخون بأن السيوف كانت سيوفاً روحية !
ولو كانت السيوف سيوفاً روحية ، فإن الملابس أيضاً كان ينبغي أن تكون ملابس روحية .
ولو كان الحواريون سيبيعون ملابسهم الروحية لكي يشتروا بثمنها سيوفاً روحية ، فإنهم في هذه الحالة يكونون غزاة روحيين ! . وأكثر من هذا فإن الإنسان لا يستطيع أن يقطع آذان الناس الجسمية بسيوف روحية . فلقد جاء بإنجيل متى ما يلي : " وإذا واحدٌ من الذين مع يسوع مَدّ يده واستل سيفـه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطـع أذنه ( ) " ( إنجيل متى 26 : 51 ) .
إن الغرض الوحيد للسيوف والبنادق هو أن تصمى وتقتل . ولم يكن الناس يحملون السيوف لنزع قشر التفاح والموز في أيام المسيح عليه السلام .
لماذا ( وكيف ) يكفى سيفان ؟
لو كان هذا استعداداً للحرب فلماذا إذن يكون سيفان " كافيين " ؟ السبب في ذلك أن يسوع لم يكن يتوقع معركة مع جنود الحامية الرومانية . وحيث إن صديقه يهوذا كان وثيق الصلة بسلطات المعبد ، فإنه كان يتوقع عملية اعتقال في السر ( بعيداً عن علم الحاكم الروماني ) يقوم بها اليهود ليمسكوا به . وتكون المسألة بذلك مسألة يهود ضد يهود . وفي مثل هذه المعركة مع خدم المعبد من اليهود ومع حثالة المدينة فإن يسوع يمكن أن يسود المعركة منتصراً فيها . وكان على يقين من ذلك . لقد كان معه بطرس المعروف بالصخرة ، ويوحنا وجيمس المعروفان بأبناء الرعد ، مع ثمانية آخرين ، كل منهم مستعد أن يضحي بحريته أو بحياته من أجله . وكانوا جميعاً من بلدة الجليل وكانوا جميعاً معروفين بالبأس والإرهاب ، والقدرة على التمرد ضد الرومان .
وهكذا متسلحين بالعصى والحجارة والسيفين وبروح التضحية والفداء التي كانوا قد أظهروها لسيدهم كان يسوع واثقاً من قدرته على أن يلقى إلى الجحيم أي **** من اليهود يعترضون سبيله .
أسباب التكتيك :
كأن يسوع قد جعل من نفسه بذلك مخططاً استراتيجياً بارعاً ، واثقاً من نفسه ، لم يكن ذلك وقت يقبع فيه كالبط مع تلاميذه في تلك الحجرة بالطابق العلوي ! وها هو ذا يقود أتباعه إلى البستان بين أشجار الزيتون في منتصف الليل ، وهو ساحة واسعة محاطة بأسوار على مبعدة خمسة أميال من المدينة . وفي الطريق يبين لهم خطورة الموقف الذي تكتنفه أحقاد واندفاعات تلك الطغمة من يهود المعبد الذي سقطوا . وعليه الآن أن يتحمل نتيجة تضعضع القوى ، وأن يدفع ثمن الإخفاق !
ولسْتَ بحاجة إلى عبقرية عسكرية ، لكي تدرك أن عيسى يوزع قواته كأستاذ في فن التكتيك بطريقة تُذكِّرنا بأي ضابط متخرج في كلية " ساند هيرست " الحربية البريطانية . إنه يعين لثمانية من الأحد عشر حواريا مكانهم في مدخل البستان وهو يقول لهم : " اجلسوا أنتم هنا بينما أذهب أنا لأصلي هناك " .
والسؤال الذي يفرض نفسه على أي مفكر هو : لماذا ذهبوا جميعاً إلى ذلك البستان ؟ ألكي يصلوا ؟ ألم يكونوا يستطيعون الصلاة في تلك الحجرة العلوية ؟ ألم يكونوا يستطيعون الذهاب إلى هيكل سليمان ولقد كان على مرمى حجر منهم ، وذلك لو كانت الصلاة هـي هدفهم ؟ كلا ! لقد ذهبوا إلى البستان ليكونوا في موقف أفضل بالنسبة لموضوع الدفاع عن أنفسهم !
ولاحظ أيضاً أن عيسى لم يأخذ الثمانية لكي يصلوا معه . أنه يضعهم بطريقة استراتيجية في مدخل البستان ، مدججين بالسلاح كما يقتضي موقف الدفاع والكفاح . يقول إنجيل القديس متى : " ثم أخذ معه بطرس وابنى زبدي .. فقال لهم .. امكثوا ههنَّا واسهروا معي " . ( إنجيل متى 26 : 37 – 38 ) إلى أين يأخذ بطرس ويوحنا وجيمس ؟ ليتوغل بهم في الحديقة ! لكي يصلي ؟ كلا لقد وزع ثمانية لدى مداخل البستان ، والآن على أولئك الشجعان الأشاوس الثلاثة مسلحين بالسيفين أن يتربصوا ويراقبوا وليقوموا بالحراسة ! الصورة هكذا مفعمة بالحيوية . إن يسوع لا يدع شيئاً نعمل فيه خيالنا . وها هو ذا وحده بمفرده يصلي !
يسوع يصلي طلباً للنجدة :
يقول إنجيل متى : " وابتدأ يحزن ويكتئب . وقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت … " ثم تقدم قليلاً وخرّ على وجهه ( بالضبط كما يفعل المسلم عند الصلاة ) وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكـن فلتعبر معي عني هذه الكأس . ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت " . ( إنجيل متى 26 : 37 – 39 ) ويقول إنجيل لوقا : " وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض " ( لوقا 22 : 44 ) .
|