الفصل السَّابع طَرائِقَ الصَّلبْ
أدوات الصلب :
كان الصلب طريقة مألوفة للتخلص من المجرمين السياسيين ، والقتلة والمتمردين . ومنذ زمن طويل قبل مولد المسيح عليه السلام ، كان الفينيقيون قد جربوا طرقاً مختلفة للتخلص من الشخصيات المعارضة في المجتمع . كانوا قد جربوا الشنق واستخدام الخازوق والرجم والإغراق .. إلخ . لكن كل هذه الطرق كانت سريعة في تأثيرها ، وكان المتهمون يتخلصون ( من آلامهم ) وفق ما يشتهون . ولذا ابتدعوا الصلب نظاماً يفضي إلى موت بطيء طويل المدى .
طريقتان للصلب :
اقتبس الرومان ( عن الفينيقيين ) نظام الصلب وأضافوا إليه . طوّروا نظاماً للصلب يحقق الموت السريع ، ونظاماً آخر يحقق الموت البطيء للتخلص من المحكومين .
ولقد احتار فنانو عصر النهضة الكبار ( مثل مايكل آنجلو ) ، لدى محاولتهم إنشاء لوحاتهم الفنية عن هذا المشهد الرهيب . وهم قد رسموا اللصين اللذين صُلبا مع يسوع كزميلي صلب معه ، أحدهم عن يمينه والآخر عن يساره ، كما لو كان قد نفذ فيهما حكم الصلب بالطريقة السريعة ، بينما رسموا يسوع نفسه كما لو كانت قد نفذت فيه طريقة الصلب البطيئة .
ولم يكن الرومان يخلطون أبداً بين طريقتي الصلب ، ولم يكن يختلط عليهم الأمر كما اختلط على الرسامين المسيحيين فيما بين الصلب السريع والبطيء . إن أساتذة الفن القدامى رسموا هجيناً من طريقتي الصلب وخليطاً منهماً في لوحاتهم عن جسد يسوع على الصليب . وعلى سبيل المثال ( اختلفوا فيما يتعلق بوضع مسند أو عدم وضعه ، كمسند للرأس والجسم .
واختلفوا أيضاً فيما يتعلق بوسيلة تثبيت جسد يسوع على الصليب ، بين المسامير أو الأربطة الجلدية ، كما اختلفوا بشأن وسيلة تثبيت الساقين ، بين استخدام دعامة خشبية ، أو الرزة ، أو المسمار الكبير .
الإنجيل والبعد عن الحقيقة :
على العكس من العقيدة السائدة ، لم يُسَمّر يسوع إلى الصليب مثل رفيقيه ، بل رُبط إليه ، وفي ضوء المعلومات المتاحة يجب أن نعتبر أن سلسلة " ارتياب توماس " اختلافاً أثيماً في الإنجيل ، كتأثيمنا لإِمرأة متلبسة بالزنا . أنظر الصفحة رقم 32 من إحدى طبعات الإنجيل الحديثة ، لتلاحظ الفصل الثامن الخاص بيوحنا يبدأ بالجملة رقم 12 . هل يمكن أن تتصور أي فصل من فصول أي كتاب مقدس يبدأ بالجملة رقم 12 كأول جملة ؟ والجمل من 1 – إلى 11 قد حُذِفت على اعتبار أنها مدخولة مُلَفَّقة ، بنظر ورأي 32 من أكبر أساتذة المسيحية ، وأعظمهم اعتباراً يؤازرهم 50 تنظيماً تابعاً ، وذلك بالنسبة لأحدث طبعات الإنجيل الذي يُرمَز له بالحروف : .r.s.n .
وكان تسرعهم نعمة مقنعة :
كان اليهود يتعجلون أقصى استعجال للتخلص من يسوع . ولنتذكر عقد المحكمة بعد منتصف الليل . وفي الصباح الباكر يجرونه إلى بيلاطس . ومن بيلاطس إلى هيرود . ومن هيرود إلى بيلاطس مرة ثانية . ووفقاً لما ذكره المبشر الأمريكي المغامر ، كانت هنالك ست محاكمات خلال اثنتي عشرة ساعة . وفي غضون هذا الوقت المشحون في مدينة أورشليم أيام عيد الفصح لدى اليهود ، نعرف من رواة الإنجيل أن وجوه القوم كانت تتحرق شوقاً إلى ملاقاة يسوع ، بالضبط كما يحدث خلال فيلم مثير تعلو خلاله صيحات : هيا .. أسرع .. أسرع .
( ويورد المؤلف في صدر الصفحة الثانية والثلاثين من كتابه صورة فوتوجرافية كمستند لصحة ما أورده بشأن الحذف الذي أشاروا إليه في الطبعة الحديثة من الإنجيل – المترجم ) . ويستطرد المؤلف بعدها سياق حديثة كما يلي :
ووفقاً لما أورده كُتَّاب الإنجيل المختصون ، فإن اليهود والرومان قد نجحوا في وضع يسوع على الصليب الساعة 6 وهي تعني 12 ظهراً . وعند الساعة 9 وهي تقابل الساعة 3 كان قد أسلم الروح ؟ فيا لغرابة أولئك اليهود كما أنهم كانوا متسرعين في تعليق يسوع على الصليب ، ها هم أولاء متسرعون في إنزاله عن الصليب . هل يمكن لك أن تتصور السبب ؟ إنها طقوسهم الدينية المتعلقة بيوم السبت . كانوا قد حذَّروا في اللوح الخامس من ألواح موسى كما جاء بسفر التثنية تحذيراً هذا نصه : " وإذا كان على إنسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة فلا تبت جثته بل تدفنه في ذلك اليوم . لأن المعلق ملعون من الله فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيباً " ( التثنية 21 : 23 ) .
ولمسايرة الطقوس اليهودية ( أو لأي سبب آخر ) وللتعجيل بالموت على الصليب ، فإن الجلاد يستخدم آلة تسمى " كرورى فراجيوم " وهي تشبه هراوة فظيعة تقطع بها الرجلان فيموت المحكوم عليه بالإعدام ( من جراء النزف ) في غضون ساعة . كانت تلك هي الطريقة السريعة من طريقتي الموت صلباً .
( وعلى الصفحة الثالثة والثلاثين يثبت المؤلف لوحة مرسومة للفنان تشارلز بيكارد . عليها تعليق جهة اليسار يلفت النظر إلى أن سيور الجلد هـي التي استخدمت وليست المسامير . وجهة اليمين حذفت الدعامة التي تحفظ توازن الجسم من الخلف ) .
( المترجم )
|