خلط الدين بالسياسة
أخوتي الأحباء ... المعترضون و المؤيدون على السواء
المسألة يبدو فيها خلط كبير بين ما هو ديني و ما هو سياسي...
وهذا الخلط هو ما تعودنا عليه منذ أن نصًّب المسلمون بابا الإسكندرية الممثل السياسي للأقباط
كون الذهاب إلى القدس هام دينيا أو لا هذا لا يقترب من جوهر الموضوع على الإطلاق
فأنا مؤيد أخي مكاكولا بأن الذهب إلى القدس ليس له أي قيمة دينية حقيقية ، فالمسيح عندنا على المذبح كل يوم في القداس ... فالذهاب إلى القدس ليس من الفروض المسيحية ، أو من دواعي الإيمان المسيحي ..... و لكن
ما أعترض عليه ، و أعتقد أنه يعترض عليه الغالبية من المصوتين للموضوع هو تدخل البابا في رأي سياسي ، و ربطه بسلطة دينية
البابا يربط بين الذهاب إلى القدس (أمر سياسي) وبين الحرمان من التناول (أمر ديني)
وهذا لا يصح ...
لو كان الباب قال أن هذا رأيه الشخصي ، أو أنه يحبذ الأ نذهب إلى القدس لكان الموضوع عادي ... و لكن أن يستغل سلطانه الديني لمنع الناس من الذهاب إلى القدس (أي كان الدافع إلى الذهاب ... دبني أو سياحي أو خلافه) فهنا المشكلة الكبرى
البابا لا ينبغي أن يكون وصيا على القبطي من الناحية السياسية أو أي أمر آخر خارج حدود الدين ....
لننظر إلى حياة البابا المنتح العظيم "البابا كيرلس السادس" ، لم نسمع له أي تصيرح سياسي ، ولم يدخل نفسه في أي من الصراع العربي الإسرائيلي ، على الرغم من قربه المعروف من جمال عبد الناصر ... كل ما كان يهتم به هو الحياة الروحية لأبنائه الروحيين
لو وافقنا على آراء البابا السياسية هذا معناه التالي:
1) أننا سنفتح الباب على مصراعية لدخول الدين في السياسة ، وهذا ما نعترض عليه بالنسبة للإسلام ... الذي يريد أن يحكمنا بالشريعة ، فإذا سمحنا دخول الباب في السياسة سوف يكون زريعة أقوى لحكم الشريعة ووصول الإسلام السياسي إلى الحكم
2) لا نستطيع بعد ذلك أن ندعي أن ما فعلته الكنيسة الكاثوليكية كان خاطئا ، بما فيها صكوك الغفران ، وتجييش الجيوش ، وعصمة البابا من الخطأ ، و التفسيرات الغريبة عن المطهر و عن التطهير بالألم ... وخلافه ... كلها منبعها أن هناك من يحكم بأسم المسيح
ولكن المسيح قال .."فدعاهم يسوع وقال لهم انتم تعلمون ان الذين يحسبون رؤساء الامم يسودونهم وان عظماءهم يتسلطون عليهم.
فلا يكون هكذا فيكم.بل من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما.
ومن اراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا.
لان ابن الانسان ايضا لم يأت ليَخدم بل ليُخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين"
أتمنى أن تكون الرسالة واضحة ...
3) لن يستطيع البابا أو غيره طرح أي حل سياسي للأقباط ، فهذا خارج حدود خبراته و أمكانياته ، ولا علاقة لها بإرشاد الروح القدس .... و الدليل من التاريخ ... لقد كان دور الباباوات في الواقع التاريخي هو أخماد الثورات السياسية لأنه يتبع قول المسيح (نص ديني)
"لان كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون."
وهذا أكبر خطأ تاريخي وقع فيه الأقباط ...
ففي الوقت الذي أستغل بابا روما سلطانه الروحي ليحكم على الأرض
ضحى بابا الأسكندرية بشعبه على مذبح الدين و النصوص الدينية ليرسخ الحكم الإسلامي في مصر ، و يجعلها لقمة سائغة في يد العرب ...
4) قرار البابا السياسي بمنع الذهاب إلى القدس لم ولن يمنع أو يرضي المسلمين المتطرفين و يثبت لهم أننا قوميين ووطنيين ، والدليل أنه لم يمنع أحداث الأسكندرية أو الكشح أو العديسات ، بل و لم يمنع محمد حمارة (عمارة) ، وزغلول الفشار (النجار) من التطاول عليه ... لماذا لأنه أدخل نفسه في لعبة السياسة ، وفي السياسة لا احترام أو أخلاق ، وهو بهذا أمتهن نفسه ...
لا ينبغي لقداسة البابا شنودة الثالث أن يفتخر بأنه بابا العرب ، بل بأنه خادم المسيح وراعي الكنيسة القبطية روحيا
ينبغي للبابا ألا يخضع للضغوط التي تفرض عليه من الحكومة ، و أن يلتزم بفضيلة الصمت ، التي تعلمها في الدير ، أم أن فضيلة الصمت و التي مارسها الأنبا أرسانيوس ، من أجل التعليم الديني فقط في الكنائس من أجل إخراس الأقباط وتعليمهم الا يناقشوا ، و أن الصمت و الطاعة هو ما نربي عليه الأقباط ، و نتركهم بعد ذلك مثل الغنم للذبح
الأ يكفي " إبن الطاعة تحل عليه البركة" الآية التي لا توجد في الإنجيل و التي تحولت إلى أداة لجلد الأقباط ذاتيا
أتمنى ألا نخلط الدين بالسياسة ...
و أتمنى الأ نقص ريش الأقباط أكثر من هذا ونحولهم إلى دواجن للذبح ، بل لنجعل أجنحتهم قوية تحلق مثل النسور ، تحيا على قمم الجبال بكرامة
"واما منتظروا الرب فيجددون قوة.يرفعون اجنحة كالنسور.يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون" (أشعياء 40 : 31)
|