عرض مشاركة مفردة
  #127  
قديم 12-08-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
تابع :هموم قبطية 7


وتذكرت معاناتي أنا شخصياً ، ومعاناة أصحاب الحالات التي كنت أتولى متابعتها.
تذكرت كل ذلك ، وقارنته بسهولة تعميد المسلمين داخل الكنائس الغربية ، وداخل الكنائس الشرقية بالغرب ، وما يصاحب ذلك من احتفالات وتهنئات والتقاط الصور التذكارية ، بدون أدنى خوف أو خجل.
وكيف يتردد هؤلاء المؤمنون الجدد على الكنائس في طمأنينة ، وقفزت إلى ذهني صورة "الصول: محمد أبو صباع" الجالس سعيداً على كرسيه على باب البطريركية، ليترقب الداخلين والخارجين ، لا سيما الذين كانوا يقصدون مكتبي ، لعله يظفر بأحدهم ، فيصطاده ، ويقدمه هدية ثمينة إلى رؤسائه في لاظوغلي ، لعله يحصل على مكافأة ، أو ترقية ، وكان المسؤول عن هذا الملف آنذاك "1988 – 1993" سيادة المقدم "حاتم كساب" ( لعله اصبح الآن لواء ، أو خرج على المعاش).
وعلى بعد مترين من الصول محمد ، تجثم نقطة شرطة عادية ، مدعمة بقوات من الأمن المركزي!
ويعد هذا الصول، من أشهر وأقدم مخبري مباحث أمن الدولة في مجال التجسس على رجال الكنيسة ، وعلى الاشخاص المرتدين العائدين للمسيح ، والمتنصرين، كان يتمتع بخبرة طويلة تعود إلى الستينيات، كما كان يتمتع بذكاء خارق مصحوب بحكمة السنين ، فهو كان في الستينات من عمره، ونظراً لكفاءته فلقد تمسكت به كل الإدارات الأمنية المتعاقبة ، ولم تغيره بآخر أكثر شباباً ، بل أبقت عليه كل هذه السنين الطويلة ، مستفيدة من قدراته وخبراته وإنجازاته التي يشهد عليها ملف خدمته.
كان الكل يهابه ويتقي شره ،حتى قدس أبونا المتنيح القمص: حزقيال وهبه ، نفسه!!!
والبعض الآخر كان يكسب وده ، محققاً المثل القائل: اطعم الفم تستحي العين!!!
إلا أنا ، الوحيد الذي لم أضطر إلى كسب وده ، رغم شدة حاجتي لذلك ، نظراً لظروفي الخاصة جداً، والتي جعلتني مطلوباً ، مما شكل له نوع من التحدي الذي يحمل ضمناً استخفافاً بتهديداته المبطنة ، وعدم الاهتمام بالسلطة التي يمثلها ، على هذا فلم أتعامل معه ، أو أحاول التقرب منه ، أو الدخول معه في أي حوارات ودية ، كما كان يفعل الآخرون ، وكنا نلعب معاً لعبة (حاوريني يا ويكه)!!!
فكل يوم أدخل البطريركية يبادرني بالتحية: صباح الخير يا صموئيل باشا!!!
فأرد عليه: صباح الفل يا عم محمد !
فيقول بخبث: تعال اشرب شاي ! إمتى بقى ها تيجي وتشرفنا!؟
فأجيبه: مش كل طير يتاكل لحمه!
فكان يرد: كل بأوانه يا صموئيل باشا!!!
وكانت عيناه يتطاير منهما الشرر وهو يقول ذلك ، وكأن لسان حاله يقول:
متى أقبض على هذا الصيد الثمين؟
كنا نتكلم لغة خاصة لا يفهمها أحد سوانا ، كانت نظراته تحمل تهديدات جبروت وبطش السلطة الزمنية التي يمثلها ، بينما كانت نظراتي تحمل تحديات السلطة الأبدية التي أمثلها باعتباري خادماً للمسيح.
كان كلانا ينتمي إلى عالم مختلف تماماً عن الآخر ، وعلى طرفي النقيض منه.
كان يكرهني كراهية عميقة ، فهو يعرف إني كنت شيخ جامع ، وقبلها كنت عضواً في الجماعات الإسلامية المتطرفة ، ويعرف قصة إيماني بالمسيح ، وانتمائي العميق للكنيسة ، ويعرف أن لي نشاطاً كبيراً في إعادة المرتدين ، وتبشير المسلمين ، وإخفاء الأطفال المطلوب أسلمتهم.
نعم ، لقد كان - بحكم عمله - يعرف كل شيء عني ، إلا شيئا واحدا عجز عن معرفته طوال خمس سنوات قضيتها في الخدمة، وهو: كيف أخدم؟
وبالرغم من كل المعلومات التي كان يحصل عليها من بعض الخائنين ، إلا أنه لم يتوصل إلى جملة مفيدة واحدة تتعلق بأسرار خدمتي!
ولم يكن ذلك براعة مني ، ولا قدرات تنسب لبشر ، بل كان الأمر في غاية البساطة ، وهو حماية الرب لي بفضل بركة وصلوات آباء الكنيسة المرفوعة من أجل سلامتي.على هذا فلم يكن الأمر مجرد تحفز طبيعي بين فرد من مباحث أمن الدولة اسمه محمد ، وبين خادم حالات خاصة من الكنيسة اسمه صموئيل.
كلا ، بل كان صورة مصغرة لعلاقة الكنيسة القبطية بأجهزة الأمن:
الكنيسة بصليبها.
وأجهزة الأمن بسيفها.
وكما عجز السيف في كسر الصليب ، عجز الصول محمد من النيل مني.



http://www.copts-united.com/wr/go1.p...at=27&archive=
الرد مع إقتباس