عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-09-2006
الصورة الرمزية لـ syrian man
syrian man syrian man غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 707
syrian man is on a distinguished road

وهذا، اختصاراً، هو خطاب البابا. فهل قرأه المسلمون قبل أن يحملوا سيوفهم الدونكشوتيه ويركبوا صهوة خيولهم ليحاربوا طواحين الهواء؟ وهم حتماً لم يطلعوا على خطاب البابا واعتمدوا على السمع من غيرهم. فالخطاب ليس فيه أي نقد للإسلام كدين إنما انتقد فكرة الجهاد المقدس والعنف لنشر الدعوة، وعدم الاعتماد على العقل عندما يتطرق المسلمون إلى الخطاب الديني. والبابا لم يقل شيئاً من عنده ضد الإسلام وإنما روى ما حدث في الماضي من مناظرات، وهي موجودة في كتب التاريخ. فهل نحرق كتب التاريخ حتى لا يطلع البابا عليها وينقل منها؟ ولماذا لم يحتج المسلمون على الكتب التاريخية التي حملت هذ المقولات؟ بالطبع هم لم يقرأوا هذه الكتب ولم يسمعوا بما فيها إلا بعد أن ذكره البابا.
فما الذي انصب عليه غضب المسلمين في هذا الخطاب؟ ففي الرياض، أعربت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن أسفها الشديد لما ورد على لسان بابا الفاتيكان، وتجاهله بشكل متعمد مبادئ الإسلام السمحة وتعاليمه الإنسانية التي تحث على المحبة والسلام لا العنف والبغضاء.
فهلا تكرمت الأمانة العامة وقالت لنا ما هي هذه التعاليم السمحة التي تحث على المحبة والسلام. هل هي تعاليم الولاء والبراء التي ظل الفقهاء يرددونها على مدى أربعة عشر قرناً، والتي تقول من تشبه بالكفار فهو منهم؟ أم هي الأسوة الحسنة في إبراهيم "قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده" (الممتحنة، 4). فأسوة المسلمين الحسنة هي العداوة والبغضاء لمن لا يؤمن بما يؤمنون به.
أما الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر، فقد عبر عن ( بالغ استيائه لما نسب لبابا الفاتيكان. وقال طنطاوي في بيان أصدره أمس إن الازهر يؤكد أن هذه التصريحات تنم عن جهل واضح بالاسلام وتنسب إليه ما ليس فيه ولا تسهم على نحو بناء في تعزيز الحوار بين أديان العالم وحضاراته وثقافاته) (الشرق الأوسط، 16 سبتمبر 2006). وأعتقد أنه من الجهل أن ننسب الجهل إلى رجل كان أستاذ الثيولوجي بجامعات إلمانيا لعدة سنوات. فما ذا نسب البابا إلى الإسلام حتى يرميه شيخ الأزهر بالجهل.؟ هل كونه قال إن الإسلام كان قد انتشر بحد السيف يجعله جاهلاً؟ فدعونا نسمع ما قاله المسلمون أنفسهم عن انتشار الإسلام بخد السيف. فعندما رجع النبي من ا لطائف إلى مكة وضحك عليه القرشيون لعدم تمكنه من إقناع أهل الطائف بدينه، قال لهم: (واما انتم يا معشر الملإ من قريش؛ فوالله لا ياتي عليكم غير كبير من الدهر حتى تدخلوا فيما تنكرون وانتم كارهون. ( تاريخ الطبري، ج2، ص555). فهاهو النبي تفسه يقول إنهم سيدخلون في الإسلام مكرهين، وقد حدث يوم فتح مكة فأسلم كل من كان بمكة في يوم واحد. أنه منطق عظيم ذلك الذي فشل في إقناعهم هلى مدى عشرين عاماً ثم أسلم كلهم في يوم واحد. ويقول الشيخ بن باز عن أهل الكتاب والجزية: (أما من سواهم {أهل الكتاب} فلا بد من الإسلام أو السيف) (فتاوى بن باز، ج3، ص 156). ويقول ابن القيم الجوزية في زاد المعاد: ((ثم بعثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت بثُمَامَةَ بنِ أُثال الحنيفى سيِّد بنى حنيفة، فربطه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى ساريةٍ من سوارى المسجد، ومَرَّ به، فقال: ( مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ) ؟ فقال: يا مُحَمَّدُ؛ إنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وإن تَنْعِمْ تَنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وإنْ كُنْتَ تُرِيدُ المال، فَسَلْ تُعطَ منه ما شئتَ، فتركه، ثم مرَّ به مرة أخرى، فقال له مِثْلَ ذلكَ، فردَّ عليه كما رَدَّ عليه أولاً، ثم مرَّ مرةً ثالثة، فقال: ( أطْلِقُوا ثُمَامَة )، فأطلقُوه، فذهب إلى نخلٍ قريبٍ من المسجد، فاغتسل، ثم جاءه، فأسلم)). (زاد المعاد، ج3، ص 138). فهل هذا هو انتشار الإسلام بالمنطق والإقناع؟ هل اختطاف الناس وربطهم إلى سارية المسجد حتى يسلموا هو انتشار بغير السيف؟ وعندما كان النبي على مشارف مكة وذهب أبو سفيان ليجدد عهد قريش معه، فقبضوا عليه، وقال له النبي: (ويحَكَ يا أبا سفيان، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّى رَسُولُ الله)؟ قال: بأبى أنتَ وأُمى، ما أحلمكَ وأكرمَكَ وأوصلَكَ، أما هذه، فإن فى النفس حتى الآن منها شيئاً، فقال له العباس: ويحكَ أسلم، واشهد أنْ لا إلهَ إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله قبل أن تُضَرَبَ عُنقُك، فأسلم وشَهِدَ شهادةَ الحق) (زاد المعاد، ج3، ص 212). ويقول ابن القيم كذلك: ( قال رسول الله (ص) بُعِثْتُ بالسَّيفِ بَينَ يدِي الساعةِ حتى يُعْبَدَ اللَّهُ وحدَه لا شريكَ له، وجُعِلَ رِزقي تحتَ ظِلَ رمُحي، وجُعِلَ الذِّلَةُ والصَّغَار على مَنْ خالف أمري، ومن تشبَّه بِقَومٍ، فهو منهم) (زاد المعاد، ج1، ص 7). فهل أتى البابا بشيء جديد لم يذكره المسلمون أنفسهم؟

يتبع ...
__________________
فليتك تحلو والحياة مريرة___ وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر__ وبيني وبين العالمين خراب
الرد مع إقتباس