وقد أفتى عدد كبير من فقهاء الإسلام بتحريم المنطق والعقل، فنجد مثلاً في كتاب "الحاوي للفتاوى" ما يلي: (مسألة - هل العقل أفضل من العلم الحادث أم العلم. الجواب - هذه المسألة اختلف فيها العلماء ورجحوا تفضيل العلم لأن الباري تعالى يوصف بصفة العلم ولا يوصف بصفة العقل وما ساغ وصفه تعالى به أفضل مما لم يسغ وإن كان العلم الذي يوصف به تعالى قديماً ووصفنا حادث فإن الباري لا يوصف بصفة العقل أصلاً ولا على جهة القدم ومن الأدلة على تفضيل العلم أن متعلقه أشرف وأنه ورد بفضله أحاديث كثيرة صحيحة وحسنة ولم يرد في فضل العقل حديث.) (الحاوي للفتاوى للإمام جلال الدين السيوطي، ج2، الفتاوى الأصولية الدينية، مبحث الإلهيات).
فجلال الدين السيوطي يقول إنه لم يرد ولا حديث واحد في فضل العقل بينما وردت عدة أحاديث عن فضل العلم أي الشريعة الإسلامية.
وفي نفس الكتاب نجد في صفحة 339 (فن المنطق فن خبيث مذموم يحرم الاشتغال به، يُبنى بعض ما فيه على القول بالهيولى الذي هو كفر يجر إلى الفلسفة والزندقة وليس له ثمرة دينية أصلاً بل ولا دنيوية - نص على مجموع ما ذكرته أئمة الدين وعلماء الشريعة فأول من نص على ذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه ونص عليه من أصحابه إمام الحرمين والغزالي في آخر أمره وابن الصباغ صاحب الشامل وابن القشيري ونصر المقدسي والعماد بن يونس وحفده والسلفي وابن بندار وابن عساكر وابن الأثير وابن الصلاح وابن عبد السلام وأبو شامة والنووي وابن دقيق العيد والبرهان الجعبري وأبو حيان والشرف الدمياطي والذهبي والطيبي والملوي والأسنوي والأذرعي والولي العراقي والشرف بن المقري وأفتى به شيخنا قاضي القضاة شرف الدين المناوي، ونص عليه من أئمة المالكية ابن أبي زيد صاحب الرسالة والقاضي أبو بكر ابن العربي وأبو بكر الطرطوشي وأبو الوليد الباجي وأبو طالب المكي صاحب قوت القلوب وأبو الحسن ابن الحصار وأبو عامر بن الربيع وأبو الحسن ابن حبيب وأبو حبيب المالقي وابن المنير وابن رشد وابن أبي جمرة وعامة أهل المغرب.) فهذه قائمة ببعض علماء الإسلام الذين أفتوا بحرمة المنطق وعلم الكلام والعقل. أما ابن نجيم فيقول: ( العلم أفضل من العقل عندنا خلافاً للمعتزلة) (البحر الرائق لابن نجيم، ج8، كتاب الكراهية).
أما شيخ الإسلام ابن تيمية فيقول عن العقل: (فكذلك القلب الذي اعتقد قيام الدليل العقلي القاطع على نفي الصفات أو بعضها أو نفي عموم خلقه لكل شيء أو نفي أمره ونهيه أو امتناع المعاد أو غير ذلك لا ينفعه الاستدلال عليه في ذلك بالكتاب والسنة إلا مع بيان فساد ذلك المعارض ، وفساد ذلك المعارض قد يعلم جملة وتفصيلا ، أما الجملة فإنه من آمن بالله ورسوله إيمانا تاما وعلم مراد الرسول قطعا تيقن ثبوت ما أخبر به وعلم أن ما عارض ذلك من الحجج فهي حجج داحضة من جنس شبه السوفسطائية كما قال تعالى ، والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ، سورة الشورى 16 ، وأما التفصيل فبعلم فساد تلك الحجة المعارضة وهذا الأصل نقيض الأصل الذي ذكره طائفة من الملحدين كما ذكره الرازي في أول كتابه نهاية العقول حيث ذكر أن الإستدلال بالسمعيات في المسائل الأصولية لا يمكن بحال لأن الإستدلال بها موقوف على مقدمات ظنية وعلى دفع المعارض العقلي وإن العلم بإنتفاء المعارض لا يمكن إذ يجوز أن يكون في نفس الأمر دليل عقل يناقض ما دل عليه القرآن ولم يخطر ببال المستمع) (تعارض العقل والنقل لابن تيمية، ج1، ص 7).
فهاهو شيخ الإسلام ابن تيمية يفتي بإلحاد الرازي لأنه استعمل الدليل العقلي في مناقشة الإيمان.
فهذه أمثلة مما قاله معظم فقهاء الإسلام الذين كفّروا المعتزلة وأهل الكلام والفلسفة وحرقوا الفلاسفة مع كتبهم وحرقوا كتب أخوان الصفا. وما زال الجامع الأزهر يصادر الكتب ويمنع الأعمال الفنية لأنه لا يثق بعقل القارئ المسلم في معرفة الصالح من الطالح. ومع ذلك يخاطب الدكتور أحمد الطيب البابا بقوله: (.. ومالي أذهب بعيدا وهذا هو القديس أنسليم يقول:يجب أن تعتقد أولا بما يعرض علي قلبك دون نظر.. ولكم أن تقارنوا بين الإيمان المسيحي الذي يشترط عدم النظر العقلي وبين الإيمان الإسلامي الذي يشترط سبق النظر العقلي علي كل خطوة في مشوار الإيمان. ووقتها سنعرف إن كان الإسلام دين عقل أو دين خوارق مضادا للعقل ومضادا لجوهر الله.) انتهى.
أي عقل عناه د. أحمد الطيب وهو لا شك قد قرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال: (كلام الله ورسوله هو الإمام والفرقان الذي يجب إتباعه فيثبتون ما أثبته الله ورسوله وينفون ما نفاه الله ورسوله ويجعلون العبارات المحدثة المجملة المتشابهة ممنوعا من إطلاقها نفيا وإثباتا لا يطلقون اللفظ ولا ينفونه إلا بعد الإستفسار والتفصيل فإذا تبين المعنى أثبت حقه ونفى باطله بخلاف كلام الله ورسوله فإنه حق يجب قبوله وإن لم يفهم معناه وكلام غير المعصوم لا يجب قبوله حتى يفهم معناه) (تعارض العقل والنقل، ج1، ص 29). فإذا كان على المؤمن أن يقبل كلام الرسول حتى وإن لم يفهم معناه، ألا يعني هذا أن كلام الرسول لا يخضع للعقل ولا للمنطق؟ فأين الإيمان العقلي الإسلامي الذي يتفوق على الإيمان المسيحي المبنى على المعجزة؟
ويستمر شيخ الإسلام ابن تيمية فيقول: (فإن الناس متفقون على أن كثيرا مما جاء به الرسول معلوم بالإضطرار من دينه كإيجاب العبادات وتحريم الفواحش والظلم وتوحيد الصانع وإثبات المعاد وغير ذلك ، وحينئذ فلو قال قائل إذا قام الدليل العقلي القطعي على مناقضة هذا فلا بد من تقديم أحدهما فلو قدم هذا السمعي قدح في أصله وإن قدم العقلي لزم تكذيب الرسول فيما علم بالاضطرار أنه جاء به وهذا هو الكفر الصريح فلا بد لهم من جواب عن هذا ، والجواب عنه أنه يمتنع أن يقوم عقلي قطعي يناقض هذا ، فتبين أن كل ما قام عليه دليل قطعي سمعي يمتنع أن يعارضه قطعي عقلي ، ومثل هذا الغلط يقع فيه كثير من الناس يقدرون تقديرا يلزم منه لوازم) (تعارض العقل والنقل، ج1، ص 31). فالدليل العقلي لا يجوز أن يتعارض مع ما سمعه أحدهم من النبي ورواه عن طريق العنعنة. فهل هذا هو الإيمان العقلي الذي عناه د. أحمد الطيب؟
وبدون أي مراعاة للحقيقة يقول د. أحمد الطيب: (المغالطة المكرورة والمملولة أيضا, والتي تقول إن الإسلام جاء بالسيف وبالعدوان فإني أستسمح البروفيسور الكاثوليكي خوري في أن أذكره بأن نبي الإسلام لم يقل لنا في القرآن:لاتظنوا أني جئت لألقي سلاما علي الأرض. ما جئت لألقي سلاما بل سيفا.. فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه, والأبنة ضد أمها.. ألخ ولم يأمرنا نبي الإسلام بأن نتعامل مع أعدائنا بأن:نقتل جميع الرجال والنساء والأطفال والرضع والبقر والغنم والإبل والحمير.. وسعادة البروفيسور الكاثوليكي أعلم مني بهذه النصوص وبمن نسبت إليه, وفي أي الكتب المقدسة تقرأ وتتلي.. وهاهنا حوار عميق يمنعني ديني من الانجراف إليه.. وأكتفي بالإشارة إلي أن النساء والأطفال والرضع والبقر والغنم.. ألخ. يحرم قتلهم في شريعة الإسلام, حتي وهم في معسكر العدو) انتهى.
وربما نسي د. أحمد أو تناسى أن يذكر أن القرآن يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وأخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأؤلئك هم الظالمون) ( التوبة 23) أليس هذا تفريقاً بين االأب والابن وبين الأخ وأخيه؟ أما قتل الأطفال والنساء فيكفي أن يقرأ د. أحمد الطيب تفاصيل قتل أطفال بني قريظة الذين أنبتوا شعر عاناتهم، وكذلك فتاوى الفقهاء الذين أجازوا قتل الأطفال والنساء إذا تترس بهم العدو. وما فتوى الشيخ القرضاوي عن قتل أطفال ونساء اليهود ببعيدة عن الأذهان.
__________________
We will never be quite till we get our right.
كلمة الصليب عند الهالكين جهالة و اما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله "كور 1 -1:18"
( سيظل القران اعجاز لغوى فى نظر المسلمين الجهلاء فقط.
لان معظمهم لايستطيع الكتابه بدون اخطاء املائيه )
آخر تعديل بواسطة Zagal ، 27-09-2006 الساعة 11:37 PM
|