رابعا: الرادع الإحتجاجي لدي الأقلية
رغم تزايد العمل الإحتجاجي القبطي داخل مصر في السنوات الماضية إلا إنه لم يصل إلى مرحلة إجبار السلطات المصرية على احترام القانون والدستور فيما يتعلق بحقوقهم، بل بالعكس تعنتت الحكومة اكثر ومؤخرا ألغت الداخلية المصرية جلسات النصح والإرشاد بالنسة للمتحولين إلى الإسلام والتي كانت مقررة منذ عهد سعيد باشا وبالتالي سيتم أسلمة القبطيات في سرية وبدون علم ذويهم وبحماية من أمن الدولة فيما يشبه القرصنة.
إن ما يحدث للقبطيات هو أختفاء قسرى وفقا لتعريفه الذى يقول بأنه احتجاز شخص محدد الهوية (أو أشخاص) من جانب جهة غامضة أو مجهولة سواء كانت سلطة رسمية أو مجموعة منظمة أو أفراد عاديين يزعمون إنهم يعملون بأسم الحكومة وبدعم منها أو بأذنها أو بموافقتها أو بتواطؤ منها، فتقوم هذه الجهة بأخفاء مكان ذلك الشخص أو ترفض الكشف عن مصيره أو الأعتراف بإحتجازه.(محمد امين الميدانى ،مدخل إلى القانون الإنسانى الدولى وحقوق الإنسان ،مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان)
والاختفاء القسرى مخالف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين حول الحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية منع التعذيب وإعلان الأمم المتحدة بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى الذي صدر في 18 ديسمبر 1992.
ووفقا للمادة السادسة عشر من هذا الإعلان أعتبر أن الإختفاء القسرى جريمة مستمرة باستمرار مرتكبيها في التكتم على مصير الضحية ومكان اختفاءه، ولا تسقط جريمة الإختفاء القسري بالتقادم وفقا للمادة السابعة عشر. وأي سلوك يقوم به المختفي قسريا هو باطل لإنه يقع تحت الأكراه وبالتالي كل ما يترتب على ذلك من زواج وأسلمة تعد باطلة قانونيا.
على الأقباط رفع مستوي العمل الاحتجاجي السلمي بكل أدواته من خلال التظاهرات السلمية، والأضراب عن الطعام، والاعتصام أمام مقار المنظمات الدولية ووكالات الأنباء الدولية واللجوء لمنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية والقضاء بدرجاته وصولا إلى العصيان المدني.
خامسا: الروادع الاجتماعية والاخلاقية والانسانية
إن ما حدث من تحرشات جنسية ضد النساء في وسط القاهرة مؤخرا، وما يحدث للبنات القبطيات يظهر إلى حد كبير تراجع ملحوظ للروادع الاجتماعية والاخلاقية والإنسانية والتي تمثل حائط سياج يحمي المجتمع من الإنهيار الأخلاقي لصالح سيادة نمط من النفاق الديني والمظهرية. ويعبر عن ذلك مواطن قبطي اسمه نبيل لمجلة باري ماتش قائلا "الفتيات يرتدين الحجاب والجينز الملتصق بإجسادهن، في الوقت الذي تتعرض فيه المسيحيات للشتائم والأهانة لأنهن لا يرتدين الحجاب.. حال البلد لا يسير على ما يرام ولا أريد مستقبل مظلم لأبنتي"(مجلة باري ماتش الفرنسية، ترجمة صحيفة الفجر مرجع سابق).
وتقول شابة قبطية من الاسكندرية لصحيفة الفيجارو "أتعرض للبصق على وجهي، أتعرض للإهانات والبصق على وجهي لأني لست محجبة.. لقد أصبحت غريبة في وطني.. للأسف لا يوجد مستقبل لنا في وطننا"(Le Figero April 17,2006).
بالإضافة إلى هذه الاهانات والتحرشات الجنسية والاستهداف ضد البنات القبطيات هناك أيضا الأيذاء الجسدي كما حدث في المنيا في سبتمبر وأكتوبر 2005 حيث تعرضت عدة فتيات قبطيات للطعن بسكين من الخلف من مجهول، كما حدث لمارينا الفى عزيز (17عاما) وقامت بتحرير محضر رقم 14242 لسنة 2005، وأيضا الطالبة ماريان نادر (17عاما) وحررت محضر بذلك، والطالبة ميري مجدي (18عاما)، وقبلها تم إلقاء ماء النار على بعض القبطيات بجامعة حلوان(مركز الكلمة لحقوق الإنسان، بيان صحفي 3 أكتوبر 2005).
المشكلة في "التعاطف السلبي" من المجتمع المصري مع هؤلاء المجرمين الذين يعتدون على الأقباط، ويفسر سعد الدين إبراهيم هذا بقوله "أن ما يحدث للأقباط من وقائع قبيحة، وذات تفاصيل مقززة، فإن العقل الجمعي المصري يرفض الأعتراف بأنه أقترفها، أو بالمسؤولية عنها. إنها قبيحة ومقززة وتتناقض مع الصورة التي يريدها لنفسه، وأهم من ذلك يريد أن يعرضها على العالم، وأن يصدقها العالم ..وهكذا تتأمر الدولة مع عدد كبير من المثقفين في تجاهل وإنكار المشكلة القبطية" (الافليات والمرأة في العالم العربي، مرجع سابق).
سادسا: الرادع الدولي
هناك مشكلة في إعلانات ومواثيقحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة بأنه ليست هناك آلية تلزم الدول بتنفيذ هذه المقررات الأممية، كما أن آلية المراقبة للدول ضعيفة وغير فعالة.
بالنسبة للأقباط فإن قضيتهم لم تصل لا إلى مجلس الأمن ولا إلى الجمعية العامة ولا إلى المحاكم الدولية.
كل ما يحدث هو تقديم أوراق إلى مجلس حقوق الإنسان ومن قبله مفوضية حقوق الإنسان وهي محدودة التأثير جدا على الدول.
كما أن الأقباط لم يصلوا إلى المنظمات الحقوقية الدولية الكبيرة مثل العفو الدولية، ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان والفيدرالية الدولية وغيرها من المنظمات الكبيرة لكى تتبنى قضيتهم.
كما أن وصول الأقباط للرأي العام العالمى مازال محدودا وقاصرا وبناء على ذلك فإن الرادع الدولي على الحكومة المصرية حتى الآن مازال ضعيفا وهذا يفسر أيضا محدودية تجاوبها مع حقوق الأقباط المهدرة، فلا يوجد نضال داخلى ضاغط ولاروادع دولية فعالة.
والخلاصة أن هناك أزمة حقيقية يتعرض لها الأقباط، وتتعرض لها بناتهم ففي حين تتواطئ الأجهزة الأمنية وتشارك بشكل أو بآخر في حالات الأسلمة، فإن الحالة العكسية تقابل بردع شديد من قبل هذه الأجهزة، لدرجة وصلت إلى أن وزارة الداخلية حولت ضابط مسيحي أسمه أندراوس مختار فايز إلى محكمة عسكرية وحكم عليه بالسجن لمدة عام، لأنه نفذ القانون لصالح امرأة قبطية تحولت للإسلام وكانت ترغب في العودة للمسيحية مرة أخرى، والتهمة التي وجهت إليه هي رشوة امرأة مسلمة للتحول عن دين الإسلام!!(التقرير الدولي للحرية الدينية، مرجع سابق).
ولهذا يقول حسام بهجت من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية "نحن نحصد شوك الفتنة الطائفية الذي تزرعه مباحث أمن الدولة... وأمن الدولة يقوم باعتقال كل من تسول له نفسه التحول إلى المسيحية حتى لو تم تعميده داخل كنيسة مصرية ورغم عدم وجود قانون يحرم التحول من الإسلام إلى دين آخر "(حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، صحيفة الدستور 2 نوفمبر 2005).
ويبقي النضال السلمي هو الطريق الواجب على الأقباط إتباعه للحصول على حقوقهم والحفاظ على بناتهم.
وسيظل الأقباط، كما تقول مجلة بارى ماتش ،يحملون الجذور المصرية الأصيلة فى قلوبهم وسيقاومون التحول للإسلام كما فعلوا عقب الغزو العربى لمصر عام 640 ميلادية.
فمصر بلا أقباط هى مصر بلا هوية.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
آخر تعديل بواسطة servant2 ، 21-11-2006 الساعة 02:27 PM
|