
21-11-2006
|
Banned
|
|
تاريخ التّسجيل: Jun 2006
الإقامة: AleXanDria
المشاركات: 5,848
|
|
الياباني والتيواني
وإذا حاولنا ـن نقترب أكثر من أوجه التشابه بين موريس وخالد سنجد أنها تبدأ من الانحياز لنفس البداية واختيار الحديث إلى شباب متأثر بالثقافة الغربية منتمي لطبقات
راقية حيث ركزا جهدهما على بؤرة مهمة وهي الجامعة الأمريكية حتى صار داخلها – وهي معقل التغريب – شريحتين من الشباب المتدين الإسلامي والمسيحي ووجدا أن السبيل لذلك هو الوعظ التشجيعي والمبهج مع الاختلاف بالطبع في الأصول العقدية عن الله لدى كل منهما.
كانت حاجة هذه الطبقة للأمن والسلام كبيرة.. فالصفوة بطبيعتهم ينفرون من أساليب التخويف والتبكيت لأن حياتهم ممتلئة بالقلق والتوتر لذا نجحا في تقديم مثل أعلى ويقين كبير يقدم لهم الحل الروحي التطهري لا يتنافى مع الطموح في الحياة (ما جئنا لنذبح الطموح في الحياة) فهما يتحدثان للأغنياء التعساء (من ـعطوا أوراقاً نقدية وسلبوا السعادة).
وهنا تتشابه معاني الخلاص والتوبة في وظائفهما لدى كل منهما. فالخلاص يقدمه سامح في ضرورة إعادة نمط الحياة والسلوك تبعاً للإيمان بالمخلص.. ولكن بطريقة لا تتنافي مع أسس الحياة الحديثة.. بين الإيمان والكسب، والتطهر والثروة، وتوجيه الطاقة الروحية نحو اتجاه إيجابي بدلاً من الوجهة التقشفية (أن نستخدم ما يعطينا الرب من الطموح والأشياء لخدمته وإعلان مجده وأن تكون أدوات يستخدمها الله في حياتنا).
أما عمرو خالد فيعبر عن ذلك ولكن باستدعاء مقولات ونصوص دينية (نعم المال الصالح في يد العبد الصالح) أو على نحو ما يقول.. (أريد أن أكون غنياً كي ينظر إلى الناس ويقولون هذا رجل غني ومتدين حيث سيحبون ربنا من خلال هذا الثراء) .
لذلك جاءت عظاتهما لإعادة تنظيم يوم الغني المزدحم بدءاً من خروجه من بيته إلى لحظة دخول شركته ،بل وكيف يقضي الـ"ويك اند" .. كل هذا بمنتج وعظي روحي سهل الهضم خفيف التلقي ينساب إلى الذهن وهو مكتسي بكل عناصر البروتوكول.. من الصوت الخفيض المبحوح إلى الوجه الضاحك.. والهندام المتأنق والديكور المبهج لتبدوا الموعظة واعظاً وجمهوراً.. أقرب لحفلة شاي أو "بارتي" وبجلسة واحدة تشعر بالشبع وتكتشف قدراتك العاطفية والروحية ولا مجال للخسارة .. فكل ما يقدم هو من عناصر الجمال.
حركـــة شبــاب
وينتمي كلاً منهما موريس وخالد لأسرة ثرية، وكلاهما جاء من حركة شباب وليس من مؤسسة دينية والاثنان كانا بمثابة نقلة نوعية لما سبقهما سوءا في حركة المؤتمرات الروحية لسامح أو حركة الإخوان المسلمين التي خرج منها عمرو خالد.
وكلاهما أقام نهضته الروحية على أنقاض مدرسة قديمة تقوم على الترهيب والتخويف الرافض لخلاص الأغنياء المتمثل في مدرسة خلاص النفوس البروتستانتية (الأغنياء لا يعبرون الملكوت) وهي المدرسة التي نشأت في أربعينات القرن الماضي ذات النزعة الصوفية التقشفية التخويفية.
أما عمرو خالد فقد سبقته حركات ودعاه انتفضوا من الأحياء الفقيرة وكانت تعادى الصفوات والنخب واعتمدت على أساليب التخويف والترهيب مثل وعظات كشك والمحلاوي.
كما أن سامح اتجه مبكراً نحو ربط وعظه بأفكار التنمية البشرية وبرامج التأهيل الوظيفي الاجتماعي والرياضي وعلاج الإدمان والشذوذ الجنسي وأقام جماعات نشاط ضمت عشرات الشباب كان لهم دوراً بارز في الدورة الأفريقية الأخيرة كان محل تكريم أجهزة الدولة.
وهو ما فعله عمرو خالد في برامج صناع الحياة ومجموعات الصناعات التي تشكلت حوله وحققت نتائج جيدة حيث نزعت وعظاته أيضا للربط بين الإيمان والتنمية وتوظيف التطهر للخروج من الأزمة الاقتصادية.. وهو ما يمهد الطريق لقيام الرجلين بدور ماكس فيبر عالم الاجتماع الأمريكي الذي فض الاشتباك بين الدين البروستانتي والرأسمالية واعتبار الدين صاحب دور في تنمية الثروات والتراكم مع التأكيد على المبادرات الفردية ومن ثم فالخطابان يقتربان من الأخلاق الليبرالية الجديدة.
الرسالة السحرية
قيل أن عمرو خالد ذهب إلى كنيسة قصر الدبارة.. وكان يستمع لسامح موريس وهي معلومة لم تتأكد لدى، ولكن على أية حال لا يمكن نفي أن ثمة تأثيرات متبادلة بين الخطابات الدينية المتفاعلة في السياق الاجتماعي.
لكن تشابه الظواهر ليس معناه – كما ظن البعض – أن هناك أصيل وآخر مقلد. فعمرو خالد وسامح جاءا في لحظة تاريخية متشابهة وبالتالي جاءت استجابتهما متشابهة.
فما هي اللحظة التاريخية ؟؟.. جيل جديد من الشباب نشأ في مدرسة الحياة الرغيدة، ومنخرط في أسلوب معيشي مختلف عن الأجيال السابقة ولديهم حاجات روحية ونفسية عميقة.. وفي نفس الوقت هم شباب ذوى جرأة وثقة بالنفس وأذكياء ولا أحد يخاطبه.. فلما شرع الرجلان في الحديث إليهم.. كان رد الفعل سحرياً بمعني مختصر وجها رسالة لشخص ينتظر رسالة.
وهنا يتبادر سؤال آخر .. لماذا ظهرت هذه الظاهرة عند المسيحيين قبل المسلمين والمعروف أن النهضة الإحيائية ظهرت لدى الفريقين في ذات التوقيت؟ .
الإجابة تقتضي أن نؤكد أن الحديث عن تطوير للخطاب الديني ظهر عند البروتستانت ثم الكاثوليك، ثم الأرثوذكس، ثم بعد ذلك عند المسلمين في مرحلة من مراحل الإحياء الديني. وبرز عند البروتستانت وذلك بسبب سهولة تأثرهم بالخطابات الدينية الغربية ويسر وصولهم بهذا الجديد إلى شرائح جديدة متأثرة بالتغريب والتحديث.
وفي نهاية المطاف نتساءل مجدداً.. هل نحن إزاء مبادرة فردية من واعظين أم حركة؟ الواقع يشير إلى أنها حركة تدين جديدة تفاعلت مع ظروف اجتماعية وطبقية وعبرت عن نفسها في إطار روحي إجتماعي يحاول أن يصنع حلاً اجتماعيا بديلاً يسعد الفرد.. وهي حركة لها إطار وموقف قيمي ودائرة ارتباط بين أفرادها.
وإذا تحدثنا عن مستقبل هذه الحركة الجديدة.. فسنجد أن عمرو خالد من الممكن أن يطور حركته في أي وقت لتكون حركة سياسية بخلاف سامح المرتبط بالكنيسة ارتباطاً عضوياً وهي مؤسسة ترفض الانخراط في السياسة المباشرة.. ولكن يبقي الباب مفتوح في المستقبل لتأثيرات مسيحية غربية لا تستهدف حركة سامح المنضبطة والصارمة ولكن تحاول التأثير في اتجاه أنصار الحكم الألفي داخل الكنيسة الإنجيلية.
صـوت طوبـاوى
وإذا كانت تلك الحركات الدينية استطاعت أن تنجح وتجتذب الشباب واستطاعت في نفس الوقت أن تحيد أجهزة الدولة إلى حد ما وأيضا قدمت مبادرات تنموية وإجابات عن الهوية، وكلاهما ينزع نحو المحافظة الاجتماعية والليبرالية السياسية واستطاع أن يقدما وعياً دينية يقترب من الواقع وتضاريسه بل ومتصل بتشويهاته وإشكالياته بل ونجح أن يمارسا فعلاً روحيا ينهض بالفرد والمجتمع صحيح أنها منقوصة الإسناد الحضاري إلا أن الكثير من أوجه التشابه يجعلنا نتساءل لماذا لا تتجاوز هذه الحركة إطار الذات المنغلقة ولما لا تلتقي مع التيار الأخر ليتحول سامح وعمرو خالد وكل المتدينين إلى قواه يثبت بعضها بعض وينجز أحدهما الأخر وكلاهما شريك في محافظة اجتماعية تحل إشكالية الدين والمتدينين في مصر والمنطقة.
|