تأملات سياسية
بقلم: جمــال زايــدة
الدين والدولة
أخيرا بدأت الدولة في استعادة عافيتها.. بدأت تؤكد وجودها القوي برفض استخدام العنف في التعبير عن الرأي.. أو حتي التلويح به.. وأعني بذلك الاجراء القانوني الذي اتخذ ضد ميليشيات الاخوان الذين ظهروا في جامعة الأزهر يروعون رئيس الجامعة والاساتذة, طالبين فرض آرائهم بالقوة.
ينبغي أن تكون تلك هي الخطوة الاولي في تأكيد فصل الدين عن الدولة في مصر.. هذا هو فصل الخطاب: فصل الدين عن الدولة.. ان يعود الدين الي قلب المؤمن.. يمارس شعائره في المسجد ولا ينقله الي السياسة.
وهي خطوة ينبغي أن يتلوها خطوات: إنهاء تديين الدولة الذي بدأ في عصر الرئيس الراحل أنور السادات باعادة النظر في المادة التي تنص علي ان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بالدستور.. فلا نص مقدس إلا القرآن.
وإنهاء تديين الدولة يعني ان لاجماعات دينية تمارس السياسة في مصر.. وإلا فسوف نفتح بوابة الجحيم.. فسوف يطالب الأقباط بالمعاملة بالمثل.. فقط تذكروا أن هناك نحو10 ملايين قبطي يعيشون في هذا البلد, وهذا ليس عصر الفتح الإسلامي بعد الرسول عليه الصلاة والسلام.
وإنهاء تديين الدولة لا يعني ان نقول إن هناك جماعة محظورة بالقانون ونقرأ أخبار مرشدها يهدد ويتوعد بالتدخل في الحروب التي تدور في المنطقة بارسال مقاتلين للخارج.. ويستقبل وفود دول أجنبية.. ويعامل معاملة الزعيم السياسي.. ثم نقول في نهاية اليوم انها جماعة محظورة بالقانون.. اذا رغبوا في تكوين حزب سياسي فأهلا وسهلا.. حزب سياسي لا ديني!
إنهاء تديين الدولة يعني وقف هذا السيل المنهمر ممن يسمون أنفسهم الدعاة الجدد أو الدعاة غير الجدد الذين يطلقون علينا كل صباح بغير علم فيضانا من الفتاوي التي تغذيها أموال النفط لأسباب معروفة.
إنهاء تديين الدولة لوحده لا يكفي وإنما بالتوازي ينبغي إعمال القانون في مواجهة كل مظاهر الفساد في المجتمع.. مواجهة الجرائم التي ترتكب ضد أطفال الشوارع.. وقف الانتهاكات التي تحدث للناس في أقسام الشرطة.. ووضع حد للنهب المصرفي الذي يمارسه بعض كبار رجال الأعمال.
إنهاء تديين الدولة يعني ببساطة إعمال القانون علي الجميع حتي تستعيد مصر عافيتها.. وننتبه الي مايحدث حولنا.
إنهاء تديين الدولة يعني ان نتفرغ لبناء هذا البلد العظيم!
?Gzayda@ahram.org.eg
|