«د. عبدالمنعم سعيد» - الخبير السياسى ورئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - أراد التأكيد أيضا أنه على الرغم من المأزق السياسى الذى يعيشه الإخوان الآن فى ظل التعديلات الدستورية التى سيتم إقرارها والتى تحظر إقامة أى حزب دينى، أو ممارسة أى نشاط سياسى باسم الدين، إلا أن كل هذا لن يؤثر على نموهم وعلى قوتهم، فخطة التمدد الاجتماعى التى بدأوها تثبت نجاحهم وتفوقهم. لقد نجحوا بالفعل فى تغيير العادات الاجتماعية داخل المؤسسات الاجتماعية والحكومية وداخل الأحياء الشعبية لدى الرجال والنساء على السواء، فضلا عن نجاحهم فى زرع أنماط معينة من التفكير فى عقول الناس من خلال احتكاكهم بهم داخل الزوايا والمساجد، وكل هذا لن يتأثر بالتعديلات الدستورية.
عفوا للمقاطعة، ولكن ماذا عن الجانب السياسى، هل سيستسلمون لهذه التعديلات ولهذه المتغيرات الجديدة؟
- على الصعيد السياسى هم سيقاومون - بالطبع - التعديلات التى تحاول إقصاءهم، وسيحاولون صنع جبهات مع الأحزاب الكبرى، وإن كان الاحتمال الأرجح فى حالة إقرار التعديلات هو أن يحاولوا التسلل إلى الأحزاب الصغيرة التى لا يعرف عنها أحد شيئا وتتشوق لوجود سياسى فى البرلمان، يستطيع الإخوان توفيره لها، فضلا عن قدرة الإخوان على الاستعانة بوجوه إخوانية غير معروفة لكى تظهر على الساحة.
قاطعت د. عبدالمنعم متسائلا: هل تتوقع أن يحاول الإخوان خلال المرحلة المقبلة التشكيك فى النوايا الإصلاحية للنظام ومحاولة تسخين الشارع ضد هذه النقلة السياسية التى تمر بها البلاد؟!
- فكان رده: بالطبع سيحاولون إحراج الحكومة والحزب الوطنى، والتشكيك فى نوايا الدولة للإصلاح، وإن كان هذا يتوقف على ما سيفعله الحزب الوطنى، حيال قضية الإصلاح. أيضا أتوقع أن يحاولوا استغلال بعض القضايا التى تثيرها قضية التعديلات الدستورية، مثل الإشراف القضائى على الانتخابات، من أجل إثارة الشارع ضد الحكومة، ولكن هنا تجدر الإشارة إلى أنهم لن يسعوا للظهور وحدهم فى الصورة، بل سيحاولون خلق جبهات مع الأحزاب الكبرى فى حربهم ضد هذه التعديلات، ولكن لن يتحركوا مع «كفاية» لأنهم يتحفظون عليها. وأؤكد مرة أخرى أن هذا يتوقف على كيف سيتعامل الحزب الوطنى حيال قضية الإصلاح خاصة أنه لم يقنع الناس بعد - على الأقل - بأنه سيضمن الحريات الشخصية، ولو لم ينجح الحزب الوطنى فى إقناع الناس بهذا فسيسعى الإخوان إلى ملء المساحات الفارغة التى لم يملؤها الحزب الوطنى من أجل التواجد السياسى عن طريق التشكيك فى مدى شرعية هذه التعديلات وجدواها.
د. عبدالمنعم، هل تعتقد بعد قضية ميليشيات الأزهر أن يلجأ الإخوان إلى مراجعة خطابهم السياسى؟
- كثيرا ما يتحدثون عن فكرة مراجعة الخطاب السياسى، ولكن عندما تواجه هذا الكلام بالواقع الفعلى تجد العديد من التناقضات، فمثلا موقفهم غير واضح أو محدد من النص الموجود فى قانون بنك فيصل الإسلامى الذى يمنع التعامل مع المسيحيين، وهو ما يعنى القضاء على فكرة المواطنة، ومع ذلك تجدهم طوال الوقت يتحدثون عن إيمانهم بالدولة المدنية ودولة المواطنة.
سؤال أخير، هل من الممكن أن يحاولوا اللجوء إلى العنف كبديل أو أن يحاولوا دعم جماعات عنف لا تربطهم بها صلة مباشرة؟
- لا أعتقد أنهم يحاولون اللجوء للعنف، وإذا ظهرت جماعات العنف ستتحرك فى إطار الحرب الدولية ضد الإرهاب، كما أن مثل هذه الجماعات يعتمد على منظومة فكرية مختلفة عن منظومة الإخوان، وأكثر ارتباطا بالقاعدة وغيرها من التنظيمات المماثلة. وبمناسبة الحديث عن أزمة الميليشيات من المهم الإشارة إلى أن تراجع الإخوان واعتذارهم بعد انزعاج الرأى العام المصرى هو تراجع تكتيكى يتسم من الناحية السياسية الحرفية بالمهارة. نقطة أخيرة، وهى أن الإخوان - كما قلت فى البداية - نجحوا فى أن يخلقوا نظام حياة متكاملة داخل مؤسسات الدولة ووجودهم الاجتماعى لن يتأثر بالتعديلات الدستورية أو المتغيرات السياسية.
|