يعيني علي الظالم لما يتغلب
الطريف أن معظم المتظاهرين سواء فى نجع حمادى أو فى الكاتدرائية بالقاهرة لم يكونوا يعرفون ـ حتى جاءوا إلى القاهرة ـ السبب الحقيقى وراء استدعاء أسقف نجع حمادي للمحاكمة وكان خروجهم خوفا من إبعاد الأنبا كيرلس عن موقعه كما حدث مع أساقفة آخرين. اللافت هو حضور «فتحى قنديل» -عضو مجلس الشعب- عن نجع حمادى مع المتظاهرين بغرض الوقوف إلى جانب الأنبا كيرلس.. حتى أنه وضع صورته على سيارته التى جاء بها من نجع حمادى إلى القاهرة. قنديل قال لروزاليوسف : إن سبب الأزمة يعود إلى عام 2006 حين قام معيد بالكلية الإكليريكية يدعى «رشدى واصف بهنام» من مدينة فرشوط برفع دعوى قضائية ضد الأنبا كيرلس.. اتهمه فيها بسرقة قصة قام بتأليفها عن الأنبا «بضابا» وقام أسقف نجع حمادى بتحويلها إلى فيلم فيديو دون الرجوع إلى «واصف» الذى اعتبره تعديا على حقوق الملكية الفكرية يستوجب اللجوء إلى القضاء. وأضاف «قنديل» قائلا:.. هذا المعيد لجأ إلى اثنين من الكهنة الذين هم على خلاف قديم مع الأنبا كيرلس لتعضيد موقفه فى القضية فتقدموا بشكوى إلى المجمع المقدس ووضعوا توقيعات لأحد عشر كاهنا وثبت فى نهاية الأمر إنه لم يوقع على الشكوى سوى الكاهنين فقط! نائب نجع حمادى دافع بشدة عن الأنبا كيرلس وقال: إنه أسقف المسلمين قبل المسيحيين ويساهم بالتبرع لبناء مساجد بجوار الكنائس فى نجع حمادى وهو نموذج للوحدة الوطنية»! اجتماع الأساقفة «موسى» و«آرميا» و«يؤانس» مع شعب إبراشية «نجع حمادى» نجح فى نزع فتيل الأزمة خصوصا بعد تدخل البابا شنودة شخصيا فى الأمر وأمر برجوع الأسقف مع شعبه، حيث كان من المقرر أن يتوجه الأنبا «كيرلس» إلى محافظة بنى سويف فى إطار إحدي خدماته الرعوية التى كان متفقا عليها مسبقا قبل نشوب الأزمة إلا أن البابا شنودة أصر على سفر الأنبا «كيرلس» مباشرة إلى الأقصر بالطائرة ومنها إلى نجع حمادى حيث ينتظره شعب الإيبراشية وبالفعل توجه أسقف نجع حمادى إلى مطار القاهرة، حيث استقل طائرة فى العاشرة مساء وكان فى انتظاره جمهور غفير من المسلمين والمسيحيين وعدد من رجال الأعمال هناك. عقب وصوله إلى نجع حمادى اتصلت «روزاليوسف» بالأنبا «كيرلس».. وسألناه عن سبب الأزمة وما مدى صحة الأقاويل التى رددها شعب الأسقفية أثناء تظاهرهم فى الكاتدرائية أن الأنبا «بيشوى» هو الذى يقف وراء هذه الأزمة المفتعلة؟ فأجاب قائلا: «أنا معرفش حاجة من دى وليس بينى وبين الأنبا بيشوى أى علاقة، وعلاقتى مباشرة مع البابا شنودة وهى علاقة جديدة»!!
وأضاف: «لم أقابل الأنبا بيشوى أثناء وجودى فى القاهرة وأن الأزمة فى الوشايات التى يرددها البعض ومن المفترض فى رجال الدين التسامح والتعالى عن الصغائر! أسقف نجع حمادى أكد ما ردده نائب نجع حمادى أن الأزمة يقف وراءها الشماس الإكليريكى «رشدى واصف» وهو الذى أشاع محاكمتى وعزلى من منصبى الكهنوتى وهو كلام لا أساس له من الصحة، وكل هدفه التشويش لأنه لم تكن هناك محاكمة لى أو قرار بعزلى بدليل رجوعى فى اليوم التالى مباشرة لممارسة مهامى الرعوية! الأزمة الأخيرة التى شهدتها الكاتدرائية تذكرنا بوقائع مشابهة للتظاهرات قام بها شعب الكنيسة اعتراضا على قرارات لجنة المحاكمات الكنسية التى يرأسها الأنبا «بيشوى» الرجل القوى فى الكنيسة خاصة التى طالت أساقفة إيبراشيات أخرى كما حدث مع الأنبا «متياس» - أسقف المحلة الكبرى - الذى سبق اتهامه بأنه يستضيف خدام من غير الأرثوذكس وإنه يتغيب لفترات طويلة عن أسقفيته بسبب سفره للعلاج لحالته الصحية المتردية. وخلال هذه الأزمة قدم الأنبا بيشوى للمجمع المقدس شريط كاسيت يضم أجزاء من عظات الأنبا «متياس» قال إنها تخالف التعاليم الكنسية، وكان من بين الاتهامات أيضا أن أسقف المحلة يعترض على سياسات البابا شنودة خاصة فى تدخل الكنيسة فى الشأن السياسى وموقف البابا الرافض لسفر الأقباط إلى القدس!!
قبل حل المشكلة الفلسطينية قائمة الاتهامات الطويلة للأنبا متياس قدمته على طبق من فضة للمحاكمة الكنسية بغرض عزله إلا أنه فوت الفرصة على لجنة المحكمة ولم يحضرهاوقدم استقالته مما دفع شعب إببراشية المحلة إلى السفر إلى القاهرة والتظاهر فى الكاتدراتية لعدة أيام إلا أنه تم رفض مقابلتهم ولم يسأل فيهم أحد ورغم استقالة الأنبا متياس وسفره للخارج واستقراره حتى الآن فى أمريكا إلا أن شعب أسقفية المحلة لا يزال يصدر منشورات وصل عددها إلى 17 منشورا يندد بالأنبا بيشوى الذى آل إليه الإشراف على الإبراشية! وهو ما اعتبره البعض مخالفة للتعاليم الكنسية حيث لا يجوز لأسقف الإشراف على إبراشية أخرى غير المرسوم عليها. إذا كانت أزمة الأنبا متياس انتهت باستقالته وهو أمر جديد على الكنيسة المصرية وحدث لم تشهده من قبل فإن الأزمة مع الأنبا «أمونيوس» -أسقف الأقصر- كانت لها نهاية مختلفة حين تمت محاكمته هو الآخر كنسيا وهو ما رفضه شعب الأسقفية الذى تحمل معاناة السفر من الأقصر إلى القاهرة واحتشدوا فى الكاتدرائية أمام الرجل القوى إلا أنهم فشلوا أيضا فى الحيلولة ضد قرار العزل بحق الأنبا «أمونيوس» حيث لم يلتفت أحد من القيادات الدينية المسيحية لشعب الأسقفية وصدر قرار العزل حيث تم إبعاد الأنبا أمونيوس إلى دير الأنبا بيشوى وتشكيل لجنة لإدارة الإبراشية.
اللافت فى تظاهرات شعبى المحلة والأقصر كانت تنادى بإبعاد الأنبا بيشوى عن رئاسة لجنة المحاكمات الكنسية! واتهمته بالقسوة المفرطة فى التحقيقات والأحكام. ظاهرة تظاهر الأقباط ضد رجل الكنيسة القوى فسره بعض المفكرين الأقباط بكونه نتاجا طبيعيا لسيطرة الأنبا بيشوى وتضخم صلاحياته والتدخل فى الشئون الداخلية فى الأبراشيات رغم أن القانون الكنسى يمنع تدخل أى أسقف فى شئون إبراشية أخرى.
المفكرون الأقباط اعتبروا تظاهر شعب الكنيسة ضد المحاكمات الكنسية حقا طبيعيا استنادا لما رسخه البابا شنودة فى حق الرعية اختيار الراعى وهو ما دفع الرعية للدفاع عن الأساقفة المحالين إلى المحاكمة!! ولكن الأهم ما لفتوا إليه الأنظار فى مؤتمر العلمانيين الأخير من ضرورة وضع قواعد عادلة ومحددة وقانونية للمحاكمات الكنسية على أن تكون علنية على عكس ما تقوم به الكنيسة من كونها محاكمات سرية وتستند فى ذلك إلى أن سبب السرية يعود إلى الحفاظ على كرامة الأساقفة وهو تفسير ملتبس يحمل فى باطنه الإدانة أكثر من التبرئة.
|