فوضى الفتاوى من إرضاع الكبير إلى بول الأنبياء
نبيل شرف الدين Gmt 11:00:00 2007 الأربعاء 23 مايو
تعاظم دور الفتوى مهد الطريق أمام الهوس الديني
فوضى الفتاوى من إرضاع الكبير إلى بول الانبياء
تحقيق يكتبه ـ نبيل شـرف الدين: كما يحدث عادة بعد وقوع الكارثة ـ أو لنقل سلسلة كوارث ـ أصدر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر قرارا بوقف د. عزت عطية عن العمل وتحويله للتحقيق، بسبب الفتوى الاستفزازية المسماة "إرضاع الكبير"، والتي أطلقها عبر الصحف ومحطات التلفزيون المصرية وأفتى فيها بإرضاع المرأة زميلها في العمل، حتى تصبح أمه في الرضاعة، وبالتالي يجوز "الخلوة الشرعية" بينهما، إذا اقتضت ظروف العمل ذلك .
لم يتوقف مفتي الإرضاع عند هذا الحد، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ، إذ طالب بتوثيق الإرضاع عبر عقد يسمى "عقد توثيق الإرضاع"، وينص فيه على أن "فلانة أرضعت فلانا ونشهد الله على ذلك"، ثم يوقع الشهود على ذلك .
هذه الفتوى ليست الوحيدة من نوعها، فقد نسب إلى علي جمعة قوله إن الصحابة كانوا يتبركون بشرب "بول" الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأنه أورد هذه الفتوى في كتاب "الدين والحياة والفتاوى العصرية اليومية"، الأمر الذي أثار استهجان العديد من المعلقين في الصحف المحلية المصرية وهاجموه بشدة .
أما ما فعلته دار الإفتاء المصرية في سياق ردها على "فتوى البول" أنها أصدرت بياناً أكدت فيه أن طهارة رسول الله (ص) في الظاهر والباطن هي محل إجماع بين الأمة، مشيرة إلى أن البعض يرى أن هذه الطهارة لجميع الأنبياء .
ورأى بيان دار الإفتاء أن نشر تلك المسائل في الصحف السيارة ـ أمر غير سديد ـ حتى مع صحة تلك المسائل في حد ذاتها، مشيرا إلى أن دار الإفتاء رفعت كل ما يثار حول هذه المسائل إلى مجمع البحوث الإسلامية لبيان ذلك الأمر .
الإفتاء والسياسة
ومع تفاقم فوضى الفتاوى في مصر خاصة في ظل انتشار الفضائيات الدينية التي تعتمد على ترويج الغريب والمثير من الآراء الفقهية، دخل علماء الأزهر حلبة سباق الفتاوى في مصر، الذي لم يعد ممكناً سوى الإقرار بتعاظمه على نحو يبعث على التساؤل عن الوجهة التي تدفعنا إليها "مؤسسة شؤون القداسة"، وكذا عن المدى الذي يمكن أن نصل إليه في هذا الدهليز الذي يمسك بمفاتيحه "وكلاء حصريون"
وفي مطلع هذا العام أصدر مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر قراراً يقضي بقصر الفتوى على دار الإفتاء، واحتفاظ المجمع بحق التعقيب عليها، باعتباره المرجعية العليا بحكم القانون، ما أثار جدلا شديدا في أوساط دينية في البلاد، وأعلنت رفضها للقرار، واعتبرته في غير مصلحة المؤسسة الرسمية.
وقال معارضون لقرار مجمع البحوث الإسلامية في مصر إن ما يحدث في الفضائيات من بعض الدعاة ليس فتاوى، مشيرين إلى أن هؤلاء يقومون فقط بنقل الفتوى من علماء السلف إلى جمهور المسلمين، واعتبر معارضون للقرار أن الهدف منه هو "تكميم الأفواه والحد من الحرية التي كفلها الإسلام للجميع"، على حد تعبيرهم .
ولا شك أنه مع تنامي الدور الذي بدأت الحركات الأصولية تلعبه في العالم الإسلامي، برز دور الإفتاء خلال الأعوام الماضية كمؤسسة مهمة تمارس عمليات ربط يومية بين الشريعة والدين من جانب، والظواهر المجتمعية والسياسية من جانب آخر، وفي دراسة غير منشورة لنيل الدكتوراه قدمت لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، بحثت إشكالية التفاعل بين الإفتاء من جانب، والظاهرة السياسية من جانب آخر، حيث طرح الباحث عبد العزيز شادي في دراسته جملة من الأسئلة المنهجية المهمة مثل: ما هي الخصوصية الحضارية لمفهوم الإفتاء?، وهل هناك مناهج تراعي هذه الخصوصية الحضارية في دراسة تفاعلات الإفتاء مع الظواهر السياسية?، وما هي جذور عملية الإفتاء في مصر، وما هي وظائف تلك العملية? وهل يمكننا القول بوجود تفاعل بين الفتوى من جهة والأبعاد الثلاثة للتنمية وهي السياسية (المشاركة والشرعية)، والاقتصادية (حفظ المال) والاجتماعية (حفظ النسل) من جانب آخ
آخر تعديل بواسطة Servant5 ، 23-05-2007 الساعة 11:18 PM
|