تسعى تلك العقيدة للسمو بالنفس فوق مستوى الأديان والتحليق بها روحانيّا حتى تتحد مع الكون المطلق وتصبح جزءا لا يتجرأ منه.
ثلاث صفات يجب أن يتحلى بها الإنسان كي يكون قادرا على أن يسمو بنفسه روحانيّا إلى ذلك المستوى. أولها الصدقtruthfulness وثانيها الشفقة Compassion وثالثها قبول الآخرTolerance .
أين تلك الصفات من المسلم ومن الإسلام؟
إن من أكبر الأمور في الإسلام التي ساهمت في تجريد المسلم من روحانيته هي موقفه من الآخر. لا يستطيع إنسان أن يتوحّد مع خالقه طالما يحمل ذرة غلّ في نفسه ضد أخيه الإنسان.
عندما يعيش الإنسان في صراع مع غيره يخسر روحانيته.
تصوروا انسانا يقف في لحظة صفاء روحي أمام القوة العليا التي ينشد التوحد فيها، فيتضرع إليها متوسلا: " فانصرنا على القوم الكافرين"؟!!
أيّ نصر ذاك الذي ينشده؟!!
إنّ أشرف المعارك تلك التي يخوضها الإنسان ضد نوازع الشر في نفسه وليس في نفس غيره. فلو أصلح كلّ انسان نفسه وآخى غيره لكانت البشريّة بألف خير.
..................
من الحوادث التي حفرها الزمن عميقا في ذاكرتي يوم كنت طفلة، ربّما في الخامسة من عمري، وكان جارنا ماجد يسكن الشقة المجاورة لشقتنا مع زوجته ورهط من أطفاله.
ماجد رجل شرير محبّ للأذى، كان مصدر خوف وإزعاج لكلّ من جاوره.
زرعت أمي مرّة شجيرة صغيرة في المسافة التي تفصل بيتنا عن الشارع الممتد أمامه. نما اهتمام أمي بشجيرتها مع نموّ أغصان تلك الشجيرة وأزهارها. طالما سمعتها تتحدث اليها بقولها: صباح الخير يا حبيبتي، سبحان من أبدعك!
ذات صباح غير مشرق سمعنا أمي تصرخ وتنظر من نافذة البيت إلى شجيرتها، ثم تركض إلى الخارج. أحاطت بيديها الشجيرة وراحت تولول: قاتله الله لقد قتلها!
تدلت أغصان الشجيرة بعد أن فارقها كلّ أثر للحياة، وأغمضت أزهارها بعد أن رحل عنها ربيع العمر.
جرفت أمي بكلتا يديها حفنة من التراب وراحت تشمه وتصيح: لقد صب الكاز على جذعها كي يطفئ به جذوة غلّه!
اجتمعت نساء الحي لتعزّي أمي وتؤكّد ظنونها، فلقد رأينه يفعل ذلك مساء البارحة بينما كنّا خارج البيت ولم يجرأ أحد على ردعه.
لا ينتابني أدنى شك بأن ماجد كان رجلا "مؤمنا" وكان يدعو ربّه في السرّ والعلانية "انصرنا على القوم الكافرين"، فنصره على شجيرة لا حول لها ولا قوة. ليته دعا ربّه كي ينصره على أنانيته وجبروته وكي يُطفئ نار الحقد في قلبه.
..........
يلتقط الواحد منّا محفظة عن الأرض تحوي نقودا وهوية صاحبها. تختلف ردّة فعل كلّ منّا بإختلاف مستوى سيطرته على نوازع الشر في نفسه.
يقرر أن يردّها عندما تكون نوازعه تحت سيطرته، ويقرر أن يحتفظ بها عندما يكون تحت سيطرة نوازعه. لكنه يتردّد بين أن يردّها وبين أن يحتفظ بها عندما لم يحسم الصراع بينه وبين نوازع الشرّ في نفسه بعد.
لو تضرّع المسلمون إلى ربهم كي ينصرهم على نوازع الشرّ فيهم وليس على "الكافرين" لما ابتلينا بحكّام شفطوا الدجاجة وبيضها والناقة وبعرها!
تقول المفكرة والكاتبة الأمريكية المعروفة Louise L Fay :
What I gave out in the form of words would return to me as experience.
ما أقوله من كلمات أعيشه كتجارب.
إذا لغتنا هي التي تحدّد تجاربنا. واللغة التي حرّضتنا على قتال "الكافرين" لمدة أربعة عشر قرنا من الزمن قتلتنا عبر ذلك الزمن.
.............
نحتاج في تقييمنا لأي مجتمع إلى رؤيته عبر الميكروسكوب، إذ لا يكفي النظر إليه بالعين المجردة كي نلتقط سلبياته وإيجابياته.
عندما يقيّم المسلمون مجتمعات غيرهم تظنهم ملائكة هبطت من السماء وبأنهم من نسل افلاطون ويعيشون في مدينته الخالدة، بينما مجتمعاتهم الإسلاميّة متسرطنة حتى نقيّ عظمها.
قارئ من دُبي كتب لي يقول: من السهل على المرء أن يلتقط إمرأة داشرة من أيّ مكان في شوارع دُبي وعلى مرآى من عيون الشرطة، لكنهم قفلوا الموقع الذي تكتبين فيه، ولقد فشلت كلّ محاولاتي للحصول على مقالاتك، فهل لديك حلّ؟
لا عجب! فلقد حلّل لهم كتابهم أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء، لكنه حرّم عليهم أن يفتحوا عقولهم على أمور "إن تُبد لكم تسؤكم"!
فهل يسؤهم أكثر من كتابات تنشر غسيلهم؟!!
أي مجتمع ذاك الذي يعتمد تلك الآية دستورا له:
"ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردنا تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا، ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم"
أهكذا يحرّم البغاء؟!!
ولا تكرهوا... ، فماذا لو أحببن؟!!
ولماذا لم يقل "حرّموا" عوضا عن "لا تٌكرهوا"؟!!
إذا أردنا تحصّنا، فماذا إذا لم يردن؟!!
إن الله من بعد إكراهن غفور رحيم!!
لمن سيغفر، للرجل الذي أكرهها على البغاء أم للمرأة التي اُكرهت على البغاء؟!!
أتلك هي لغة التحريم؟!! أين البيان في كتاب قالوا عنه "مبين"؟!!
......................................
يتّهمني البعض بأنني لا أقرأ القرآن في سياقه التاريخي وأقتطع منه عبارات وجمل!
أي سياق تاريخي؟!! أليست كلّ عبارة هي وليدة اللحظة التي تقولها فيها؟!
أين الخلل في أن أقتطع عبارات وجمل؟!! أكدت الدراسات بأن الألفاظ لا تقل أهمية عن الجمل.
هل هناك فرق في المعنى بين أن تقول: لستُ اليوم مريضا وبين أن تقول: أشعرُ اليوم بأنني معافي؟ طبعا لا!
ولكن الفرق كبير بين الوقع الذي تتركه كل عبارة في نفس صاحبها.
__________________
مسيحي من الارض المصريه القبطيه المحتله
الي الابد قويه يامصر بالمسيح
آخر تعديل بواسطة Servant5 ، 29-08-2007 الساعة 10:16 AM
السبب: تكبير الخط
|