عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 10-09-2007
Maged Morcos Maged Morcos غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2005
المشاركات: 161
Maged Morcos is on a distinguished road
وقد طال العذاب أصحاب العقول الذين تحدثوا في الفلسفة أو القدر، فقيل : إن غيلان بن يونس ، وقيل : ابن مسلم أبا مروان أظهر القول بالقدر في أيام عمر بن عبد العزيز فأحضره عمر واستتابه فتاب ، ثم عاد إلى الكلام فيه أيام هشام فأحضره من ناصرة ثم أمر به فقطعت يداه ورجلاه ثم أمر به وصلب (نفس المصدر، ص 109).
ولم يكن تعذيب الرعية في الدولة العباسية أقل شأناً منه في الأموية، فقد طال التعذيب مثقفي الدولة ومنهم يعقوب بن السكيت النحوي أبو يوسف البغدادي صاحب كتاب إصلاح المنطق وتفسير دواوين الشعراء وغير ذلك، سبق أقرانه في الأدب مع حظ وافر في السنن والدين وكان قد ألزمه المتوكل تأديب ابنه المعتز. وكان ابن السكيت يوما عند المتوكل فدخل عليه ابناه المعتز والمؤيد فقال له يا يعقوب أيما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فغض من ابنيه وذكر محاسن الحسن والحسين فأمر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه وحمل إلى داره فمات من الغد وروى أنه قال له والله إن قنبرا خادم علي خير منك ومن ابنيك فأمر بسل لسانه من قفاه (شذرات الذهب للدمشقي، ج2، ص 106).
وجاءت بعد ذلك الخلافة العثمانية فأصبح التعذيب فناً قائماً بذاته، واخترع الأتراك عدة أجهزة للتعذيب، أشهرها الخازوق، وهو عبارة عن جزع شجرة مدبب يوضع عند مؤخرة المتهم وتُربط أرجل المتهم إلى حصان ويُضرب الحصان ليسحل المتهم على الخازوق الذي يفوت بأحشائه. وقد برع الأتراك في تعذيب أعدائهم. ففي عام 1570 عندما فتحوا جزيرة صقلية جلس السلطان سليمان في أحد الحدائق وأنزلوا له عمدة المدينة في لباسه الرسمي، فأمر السلطان بأن يلجموه كالحصان ويضعوا على ظهره سرج ويربطوا على جانبي السرج سلتين. وملؤوا السلتين بالتراب وجعلوا العمدة يحبو بهما إلى سور المدينة عدة مرات لإصلاح ما تهدم منه. وعندما خارت قواه ولم يعد يستطيع الحبو علقوه من عمود كبير وسلخوه حياً حتى مات من الألم (Andrew Wheatcroft, Infidels, Penguin Books, p 21).
ولم تكن الدولة الفاطمية بمصر ومن بعدها دولة المماليك أقل تعذيباً. ففي عهد المماليك أصبح التعذيب جزءاً من الفولكلور الشعبي، يتسلون بقصصه. في 21 رجب 810هـ أمر السلطان فرج بن برقوق باعتقال والي القاهرة حسام الدين وصادر أمواله وعين مكانه أحمد بن الطبلاوي. في 15 ذي القعدة 811 هـ .. كان أحد الظلمة السابقين يعيش أيامه الأخيرة يقاسي الذل في محنته ويقوم بإذلاله ظالم جديد هو جمال الدين الاستادار . وذلك الظالم السابق هو ابن غراب الذي كانت له صولة في أيامه حين كان وزيراً يتحكم في السلاطين, وبعد أن غربت شمس نفوذه أمر السلطان بأن يتسلمه صاحبنا أحمد ابن الطبلاوي والي القاهرة ليقوم بتعذيبه , وقام ابن الطبلاوي بالمهمة خير قيام إلى أن لفظ الوزير السابق ابن غراب أنفاسه تحت التعذيب, وأخرجوه ميتاً من دار ابن الطبلاوي يوم الأربعاء أول ذي الحجة 811هـ .( السلوك للمقريزي، 4 / 1 / 85 ، 87 ، نقلاً عن أحمد صبحي منصور، الحوار المتمدن، العدد 2028، بتاريخ 4/9/2007).
وانتشر التعذيب حتى الموت في جميع الدول الإسلامية وفي الدول العربية خاصةً. وفي عصرنا هذا لا يخلو قطر من الأقطار العربية من السجون السرية وبيوت الأشباح التي نادراً ما يخرج المتهم منها حياً. وانتشرت المقابر السرية والمقابر الجماعية في المغرب وتونس والعراق وغيرها. وانتشر الاختفاء القسري في مصر والمغرب. وفي مصر نشرت منظمات حقوق الإنسان في عام 2005 تقريراً يبين أن التعذيب والموت في معتقلات الشرطة يزيد عاماً بعد عام (رصدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وفاة 22 شخصًا في أقسام ومراكز الشرطة نتيجة لممارسات التعذيب، في حين بلغ عدد الوفيات العام الماضي ثماني حالات فقط"، ولفتت المنظمة إلى أن هذا التصاعد "يوضح مدى استشراء ظاهرة التعذيب داخل أقسام ومراكز الشرطة، و تردي الأوضاع الصحية والمعيشية داخل السجون"، حسب ما ورد في تقرير أقدم وأكبر المنظمات الأهلية العاملة في حقل حقوق الإنسان في مصر (نبيل شرف الدين، إيلاف 2 أغسطس 2005). ومنذ ذلك الوقت وصل عدد الذين يموتون تحت التعذيب ‘لى المئات، بما فيهم الأطفال. ومع ذلك لم تحرك الحكومة أو المرجعيات الدينية ساكناً لتستنكر قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق.
وفي السودان، جارة مصر العزيزة، يمارس نظام الاخوان المسلمين الحاكم نفس سبل التعذيب وقتل المعتقلين في بيوت الأشباح. وقد نشر الدكتور فاروق محمد إبراهيم، استاذ العلوم بجامعة الخرطوم خطاباً مفتوحاً للرئيس البشير يشرح فيه بالتفصيل أنواع التعذيب التي تعرض لها مع بقية زملائه من المعتقلين على أيدي زبانية التعذيب بقيادة نافع علي نافع عندما اعتقلتهم قوات الأمن في عام 2000م (الحوار المتمدن، العدد 1872، تاريخ 1/4/2007).
أما ليبيا التي ينفي العقيد القذافي وجود سجون بها، فالتعذيب في سجونها يفوق ما في جاراتها، وطبقا لتقرير من وزارة الخارجية الأمريكية في العام 2005 فإن اجهزة الأمن الليبية تحتجز العديد من الاشخاص منذ سنوات بدون تهمة ولا محاكمات. ويستخدم التعذيب بطريقة روتينية ضد الاعداء السياسيين، طبقا للتقرير. وتشمل وسائل التعذيب الضرب والصدمات الكهربائية والقاء عصير الليمون على الجروح، وكسر الاصابع «والسماح للاطراف بالالتئام بدون رعاية طبية»، والخنق بأكياس البلاستيك وتعليق الاشخاص من رسغهم. (الشرق الأوسط 5 سبتمبر 2005)
أما المغرب، فبعد أن تنفس الصعداء بزوال الملك الحسن من على مسرح الأحداث، وبعد تكوين جمعيات المصالحة وكشف القبور الجماعية، ظل التعذيب في السجون في ازدياد، فقد أثبتت التقارير (أن 108 من المعتقلين الأصوليين في سجن الزاكي بسلا، الذي يطلق عليه اسم "غوانتنامو سلا أو تمارة 2"، يعانون من "أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي"، مشيرة إلى أنها "تبدأ من الحرمان من الحقوق السجنية إلى كشف العورة". وأبرزت الجمعية، في بيان مرفق بإحصائيات ولوائح، أن "حي (ج) يشهد يوميا انتهاكات والقمع ممنهج لحقوق المعتقلين، إذ أن النزلاء يطعنون في كبريائهم، وذلك بنزع ثيابهم عن آخرها والأمر بالركوع والسعال بدعوى سقوط أي شيء قد يتم إخفاؤه في المؤخرة"، مبرزة أن "الرعاية الصحية تكاد تكون شبه منعدمة، فالزنازين تعرف اكتظاظا مهولا خاصة عند كل حملة اعتقالات جديدة، إذ أن العدد يتراوح ما بين 8 إلى 10 أفراد في الزنزانة الواحدة التي يناهز طولها 5 أمتار وعرضها 3". وحسب إحصائيات للمصدر نفسه، فإن نسبة الضرب والصفع حددت في 71 في المائة، و86 في المائة في الحرمان من النوم، و94 في المائة في الحرمان من الفسحة، و81 في المائة في القيد من الخلف والجثو على الركب، و35 في "الكاشو"، أي عزل السجين في زنزانة انفرادية. كما أشارت الإحصائيات إلى أن نسبة 98 في المائة من العائلات تتعرض للسب والإهانة خلال الزيارة، في حين أن 68 في المائة من النزلاء هددوا بالاغتصاب، و96 في المائة بكشف العورة ) (إيلاف 22 ديسمبر 2006).
حتى الكويت، تلك الدولة الرائدة في مجال الديمقراطية العربية الكسيحة، فإن التعذيب في معتقلاتها ربما لا يقل عن بقية الدول الإسلامية، فقد إتهم "المرصد الإعلامي الإسلامي" في لندن أجهزة أمن الكويت، في بيان أصدره في عام 2005 بأنها مسؤولة عن موت زعيم خلية "أسود الجزيرة" في الكويت، "عامر خليف العنزي - البالغ من العمر حوالي 32 سنة تقريبا – والذي لقي مصرعه تحت وطأة التعذيب". وأضاف أن السلطات الكويتية أعلنت أنه توفي " بسبب هبوط في الدورة الدموية. وفي الأيام القليلة الماضية أطلت علينا الصحف بنبأ تعذيب المصريين المعتقلين في الكويت بتهمة التزوير.
الرد مع إقتباس