جيتوهات الطلبة الأقباط في الجامعات المصرية
جيتوهات الطلبة الأقباط في الجامعات المصرية
05/10/2007
جريدة الفجر - كمال مراد
انعزال الأقباط في «جيتوهات» خاصة داخل الجامعة يشبه بقعة من الزيت وسط بحر عميق.. ففي أي معهد أو جامعة يأخذ الأقباط مكاناً خاصاً بهم، عرفوا به وعرف بهم. أطلق عليه طلاب الجامعة أسماء تدل عليهم مثل «حارة اليهود» في جامعة القاهرة، و«تل أبيب» في جامعة عين شمس، و«ch» في جامعة حلوان.
جاء انعزال الأقباط داخل الجامعات في فترة السبعينيات كرد فعل علي الإحساس بالاضطهاد في الخارج وخصوصاً بعد الصعود المفاجئ للتيار الإسلامي في هذه الفترة، الذي سيطر علي الجامعة والعلاقات المتوترة بين البابا شنودة والسادات.. ظهرت في هذه الفترة جماعة أطلقت علي نفسها اسم «الاستشهاد في سبيل المسيح».. بالرغم من انتهاء هذه المرحلة باغتيال السادات ولكن لايزال الأقباط منعزلين داخل الجامعات المصرية في أماكن تتوارثها الأجيال.. يمارسون حياتهم بطريقتهم الخاصة، بالطبع لا يخلو الأمر من بعض المشاكل بين طلاب الأقباط وطلاب الإخوان المسلمين والاتهامات المتبادلة بمحاولات التنصر أو المضايقات التي يتعرض لها أي شاب قبطي يتحدث مع فتاة مسلمة والعكس.
اختلف الوضع داخل كل جامعة وأخري حسب عدد الأقباط بها والأماكن التي يتجمعون بها. فور التحاق أي طالب قبطي بالجامعة يسأل عن مكان تجمع الأقباط ويكون في استقباله طلاب الأقباط في السنوات السابقة الذين يتولون تعريفه بالكلية التي التحق بها ونظام الدراسة.
داخل جامعة القاهرة اختار الأقباط مكاناً بين كلية التجارة وكلية العلوم يطلق عليه طلاب الجامعة «حارة اليهود» حول طلاب الأقباط مدرجاً مهجوراً في كلية العلوم خاصاً بقسم الحشرات لمكان للجلوس، لا يبعد المكان عن جامع كلية التجارة المعروف بجامع الإخوان إلا أمتاراً قليلة، المكان مليء بالأشجار الكثيفة من الصعب أن تري في المكان فتاة محجبة أو مسلمة يجلس طلاب الأقباط في مجموعات يتجاذبون أطراف الحديث، أو يلعبون.
الخوف من أي غريب هي الصفة المسيطرة علي أي شخص يحاول الاقتراب منهم أو الحديث معهم، تستطيع أن تري نظرات الدهشة ترمقك أينما ذهبت أو ثناء الحديث معهم.
اقتربنا بهدوء من شاب قبطي يجلس بمفرده اسمه «روماني نبيه» قال: الهاجس المسيطر علينا هنا أننا مواطنون من الدرجة الثانية، في مرحلة الدراسة قبل الجامعية كانت تحدث بعض المضايقات من بعض المدرسين والطلاب ولكن الكنيسة كانت تتولي انهاء هذه المشاكل وحلها، أما في الجامعة فالوضع مختلف تماماً، عندما دخلت إلي الجامعة وجدت الأقباط منعزلين في هذا المكان وكذلك نجلس في مكان خاص بنا في المدرج، نظرات غريبة تطاردك تدل علي الاشمئزاز حيثما ذهبت تزداد هذه النظرات مع حدوث حوادث الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط في مصر ووصلت إلي أشدها أثناء إثارة موضوع الرسومات المسيئة للرسول ويتساءل أين الحرية الدينية؟ نريد مكاناً لنا في الجامعة لممارسة شعائرنا الدينية، الكنيسة تقوقعت حول نفسها لا تتدخل إلا لحل بعض المشاكل التي تحدث داخل الجامعة نتيجة ممارسات بعض أعضاء هيئة التدريس الذين يقومون في بعض الأحيان بالفصل بين البنات والشباب، وضع الفتيات المحجبات في الصفوف الأمامية كنوع من التفريق وكرد فعل لهذه الممارسات، قمنا بالانعزال داخل المدرج وخارج المدرج.
إدوار خليل طالب في كلية الحقوق يقول: نشاط طلاب الإخوان المسلمين يمتد إلي المدرجات يجبرك علي الصمت لقراءة القرآن أو الوقوف للدعاء ويتساءل: هل نستطيع قراءة آيات الإنجيل داخل المدرج خلال تجمعنا؟.. نتبادل الكتب الدينية والمحاضرات والاسطوانات كما توجد بعض الاجتماعات الخاصة بالطلاب المغتربين داخل الكنيسة كما نقوم بتنظيم رحلات خاصة بنا لزيارة بعض الأماكن الدينية أو الأديرة والكنائس نحاول قدر المستطاع تجنب نشاط طلاب الإخوان المسلمين الذي امتد إلي كل مكان داخل الجامعة.
سها طالبة مسيحية في الفرقة الثانية في كلية التجارة تقول: البنت المسلمة تأخذ تعليمات من أسرتها بعدم التحدث مع شاب مسيحي ونفس الشيء بالنسبة للفتاة القبطية وخصوصاً بعد حدوث الكثير من المشاكل بسبب هذه العلاقات.. الغريب أننا نجد الكثير من الفتيات المسلمات يتحدثن عن الدين ويتعاملون معنا بطريقة غير لائقة وأشارت إلي مبرد مياه أمام مصلي للفتيات وقالت: عندما أتوجه أنا وزميلاتي للشرب تحدث مواقف محرجة نري نظرات الاشمئزاز في عيون الفتيات المحجبات وكأننا مخلوقات غريبة.
لا يقتصر انعزال الأقباط داخل الجامعة علي مكان التجمع فقط ولكن يمتد إلي المدرج حيث ينعزل الأقباط داخل المدرجات في مكان خاص بهم، فادي طالب الفرقة الثانية بكلية الآداب قسم التاريخ يقول: بعض أساتذة الجامعة يتحدثون عن الدين لفترات طويلة أثناء المحاضرة وأمجاد الفتح العربي والعلاقة مع الأقباط دون الالتفات لوجودنا معهم وإذا حاولنا الجلوس بجوار فتاة مسلمة أو شاب يبتعدون عنا ولذلك نلجأ للتجمع.
في جامعة عين شمس لايختلف الوضع كثيراً لا يوجد أي نشاط ظاهر لطلاب الأقباط داخل الجامعة ولكن مع بداية الدراسة تبدأ كل مجموعة من الأقباط في التعرف علي الطلاب الجدد والتنسيق معهم للذهاب إلي الكنيسة، تحاول الكنيسة القيام بدور إيجابي لمساعدة الطلاب الأقباط، يوجد اجتماع أسبوعي مع طلاب كل كلية يتم في الكنيسة بين الطلاب الجدد والطلاب القدامي في نفس الكلية ورجال الدين الأقباط وتقوم كل كلية بتكوين أسرة خاصة بهم، مثلاً كلية العلوم في عين شمس تسمي باسم الأنبا «أرمانيوس» يقوم الطلاب القدامي بشرح بعض المواد بالإضافة لبعض الأنشطة الأخري.
وتوجد أسرة «الأنبا مارجرجس» في كلية الآداب وأسرة «مارمرقس» في كلية الحقوق، توجد اجتماعات خاصة في الكنيسة للطالبات المغتربات المسيحيات في الكنيسة وتوفر الكنيسة سكناً مناسباً للطلاب والطالبات المغتربات الذين لم يلحقوا بمكان في المدينة الجامعية.
آخر تعديل بواسطة honeyweill ، 05-10-2007 الساعة 06:04 PM
|