من جهته يرى الكاتب والأكاديمي السعودي د. ابراهيم عباس نتو الوكيل السابق لجامعة البترول والمعادن "أهمية تزويد الآلاف من غير المسلمين الذين يعيشون في السعودية بموقع يتمكنون فيه من ممارسة عباداتهم وطقوسهم".
وقال لـ"العربية نت": أتصور أن الغالبية الساحقة في المملكة سترفض ذلك، فهذا الأمر ليس عاديا. لكن من وجهة نظري إذا كان القرآن يقول "لكم دينكم ولي دين" ونحن نمارس ديننا في المساجد، فأين ما يخص الآخر الذي له دين مغاير.
أضاف د. نتو "المستقر في أذهان الكثيرين أن بلد الحرمين وبلد الاسلام لا يكون فيه دين آخر، فمن أين جاءوا بذلك. في رأيي أن القضية تؤخذ حتى على مستوى الأفراد بتحسس وبعنف وقسوة، مع أن القرآن يتحدث عن مساجد وصوامع".
واستطرد "أرى من الزاوية الانسانية حق غير المسلمين المتواجدين على الأراضي السعودية في دور عبادة لهم". وعبر عن "استعداده في حالة موافقة الجهات المختصة، التبرع بشقة أو شقتين في عمارة له بمدينة جدة – غرب السعودية - كمركز روحي متعدد الأديان أو المذاهب يتعبدون فيه سواء كانوا مسيحيين أو بوذيين أو غير ذلك".
وقال د. نتو إنه "مستعد أن يمول فكريا وماديا مركزا على هذا النمط في حالة السماح له بذلك". وأشار إلى أنه "يجب البحث عن حل للوفاء بالاحتياجات الروحية للعمالة غير المسلمة، خاصة مع نية انشاء 5 مدن صناعية وتقنية واقتصادية جديدة سيكون لهم وجود فيها، وهناك جامعة حديثة للدراسات العليا عينوا مديرا لها من سنغافورة مما يعني أنها جامعة دولية سيكون الدارسون فيها من أديان مختلفة"
رفض فقهي لبناء كنائس
وقال د. محمد النجيمى عضو مجمع الفقه الاسلامى لـ"العربية.نت" إن تصريح السفير الفاتيكانى بالخليج يوضح أنها مجرد مباحثات وهذا أمر عادي لا يعني أنه يمكن بناء كنائس في السعودية، ولن تسمح به بتاتا، فما حاجتها لذلك وكل شعبها مسلم، ومن المعلوم أنه لا تجتمع الأديان فى جزيرة العرب، كما أنها مهبط الاسلام وبلد الحرمين الشريفين.
وتحدث الداعية الاسلامى السعودى د.على المالكى لـ"العربية.نت" قائلا: نحن لانعارض التسامح مع الأديان الاخرى، لكن يجب أن يفهم أن هناك فرقا بين التسامح وبين التعايش مع الأديان، فنحن لن نتسامح فى ثوابتنا الدينية، ولا يعقل أن ارضا بها الحرمان الشريفان وقبلة المسلمين تقام على أرضها الكنائس.
وقال الكاتب مشاري الذايدي لـ"العربية.نت": هناك اعتبار ديني قائم على رأي أو قناعة فقهية سائدة بصرف النظر عن وجود اجتهادات فقهية أخرى مغايرة، وهو أنه لا يجوز أن يجتمع دينان في جزيرة العرب وبالتالي فهي جزيرة اسلامية خالصة، أي مثل "الفاتيكان" لكن بشكل مكبر.
وأشار إلى "وجود اعتبار اجتماعي ديموغرافي بعدم وجود مسيحيين من الجنسية السعودية، بالاضافة إلى أن الاعتقاد بأن الوافدين المسيحيين لديهم أماكن لعباداتهم داخل تجمعاتهم السكنية بعيدا عن الأنظار، وهذا واقع بالفعل".
وأضاف الذايدي: أن تكون هناك كنيسة بشكل كبير وظاهر للناس فلا أعتقد أن السعوديين يقبلون ذلك. الموقف الرسمي من أيام الملك عبدالعزيز أن العمال أو الموظفين أو منقبي البترول وغيرهم كانوا يتعبدون في اماكنهم الداخلية دون مضايقة من أحد، والمطلوب فقط ألا يكون هذا ظاهرا للناس حتى لا يستفز مشاعرهم الدينية، وهذا الأمر متبع إلى هذه اللحظة.
وبينما يعبر الذايدي عن تشككه أيضا في وجود 4 ملايين عامل مسيحي أجنبي في السعودية قائلا إنه رقم مبالغ فيه رغم حقيقة وجود أعداد كبيرة منهم، فإنه يرى
أن هؤلاء المسيحيين يحتاجون فقط إلى الشعور بالأمان أثناء تأدية عباداتهم في داخل أماكن سكنهم وهذه مهمة الحكومة "ولكني لا اعتقد شخصيا في الوقت الحالي امكانية بناء كنائس".
استئجار قاعات فندقية
لكن الكاتب الصحفي السعودى عبد الله ابو السمح اقترح في حديثه لـ"العربية.نت" استئجار قاعات فى الفنادق والأماكن الكبري يؤدي فيها المسيحيون وغيرهم من الأديان الأخرى شعائرهم الدينية.
وقال إن "فى المملكة عدة جنسيات يعتنقون أديانا مختلفة" رافضا فكرة بناء كنائس، ومشيرا فى ذات الإطار إلى ان مجلس الشورى أسقط الاثنين الماضي 17/3/2008 توصية بتبني اتفاقية دولية تحرم الإساءة للأديان والأنبياء والشخصيات الدينية.
وكان عضو مجلس الشورى المهندس محمد القويحص قد قدم توصية إضافية لتوصيات أخرى قدمتها لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، ونصت حسب صحيفة الوطن السعودية أمس الثلاثاء على أن "وزارة الخارجية تنسق مع المجموعة العربية الإسلامية وغيرها في الأمم المتحدة لتبني اتفاقية دولية تحرم الإساءة للأديان والشخصيات والرموز الدينية بأي شكل من الأشكال".
واعتبر العضو د. خليل الخليل هذه التوصية بمثابة "فخ كبير" لافتاً إلى أن "مفهوم الأديان والرموز الدينية يختلف من دولة لأخرى ومن حضارة لأخرى، فالبوذية والقاديانية والبهائية ديانات عند البعض، فهل يلزم المسلمون احترام تلك النحل وعدم نقدها؟".
وقال الاعلامي والباحث السعودي د.عبدالعزيز محمد قاسم لـ"العربية.نت" إن
طلب الفاتيكان افتتاح كنائس في السعودية ليس بالجديد، بل هو ممتد من عهد قديم، فقد طرح أيام الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله، وكان الرد الدائم بأن السعودية بلد الإسلام والمسلمين، وله قداسته الدينية وبل وريادته للعالم الاسلامي، بمثل ما يمثله الفاتيكان للعالم المسيحي، فإذا كان الفاتيكان لا يرضى ببناء مساجد في دولته، فبالمثل السعودية لا ترضى ببناء كنائس.
وأضاف أن ما يثير الموضوع مجددا افتتاح كنائس في دول الخليج القريبة، وآخرها في دولة قطر رسميا، إضافة إلى كنائس في البحرين والكويت والأمارات، وهي داخلة بالمناسبة في "جزيرة العرب" التي جاء الأمر النبوي بألا يجتمع دينان فيها.
وقال د.القاسم إن "كل هذا يشكل ضغطا على السعودية، ولا أتصور شخصيا أن تفتتح رسميا امثال هذه الكنائس مهما كان الضغط. فثمة خطوط حمراء لدى ولاة الأمر لا يمكن أن يتنازلوا عنها، وخصوصا في ما يتعلق بالدين وكلياته".
وأضاف "ولاة الأمر هم حملة رسالة هذا الدين، ويدركون أن التبعات التي ستحصل من مثل هذه القرارات ستكون وخيمة، وهم أدرى بشؤونهم الداخلية من أولئك الساسة في الغرب الذين يضغطون على أمور ثانوية بدون النظر للعواقب التي ستنعكس سلبا على المجتمع الدولي برمته".
ودأبت عدة منظمات حقوقية عالمية على مطالبة السعودية بضرورة السماح ببناء الكنائس فيها. وكررت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية غير الحكومية حديثها عن عدم السماح للمسيحيين المقيمين بالمملكة بأي تعبير علني عن دينهم.
وكان تقرير الحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في شهر سبتمبر/ 2007 انتقد ما وصفه بالقيود المفروضة على زيارات رجال الدين المسيحي وخاصة من الكاثوليك والأرثوذكس للقاء المسيحيين في السعودية.