في استقبال البابا شنودة
محمود سلطان : بتاريخ 20 - 10 - 2008
ربما يكون البابا شنودة ـ وقت نشر هذا المقال ـ قد عاد إلى مصر، بعد غيابه لمدة أربعة أشهر، في رحلة ـ قيل إنها للعلاج ـ بالولايات المتحدة الأمريكية.
بعض وسائل الإعلام قالت إن في انتظار البابا ما اسمته بـ"ملفات ساخنة" حصرتها في التعاطي السلبي لوسائل الإعلام لأزمات كنيسته، وحماية الرهبان والأديرة بعد أحداث "بوفانا" الأخيرة.
ولا أدري ما إذا كانت الكنيسة هي التي حددت للصحفيين، هذه الملفات التي وصفت بـ"الساخنة" أم انها اجتهادات صحفية متوقعة، ليس للكنيسة شأن في تحديدها رسميا.
الملفات ـ كما نشرـ وعلى هذا النحو، تعتبر بالغة الغرابة، لأن المشكلة الحقيقية ليست في التعاطي الاعلامي "السيئ" للممارسات الكنسية الرسمية، لأن بعض قيادات الأخيرة هي التي تسيء ـ بتصريحاتها المستفزة وغير المسئولة ـ إليها وليس الصحافة أو الإعلام، فضلا عن أن ملف أبو فانا، من الفترض أنه بحوزة سلطات التحقيق الرسمية والنيابة العامة والقضاء، لأنه ملف "جنائي" لا "ديني"، يتعلق بسطو مسلح على أراضي مملوكة للدولة، ووجود قتيل سقط ـ كما قيل ـ برصاص مقاول مسيحي كان يعمل داخل الدير.. وبالتالي فمن المفترض أن لا تحشر أية جهة دينية في مصر، أنفها في تحقيقات رسمية بشأن قضية هي من صميم عمل القضاء وهو وحده الذي له حق الفصل بشأنها، وهي اختبار حقيقي لصدقية هذا الصخب الطفولي الذي ما انفكت النخب المسيحية المصرية، تثيره مصحوبا ببكائية وبفرق شق الجيوب ولطم الخدود في جنازة "المواطنة" التي يعشقها المسيحيون موت ويكرها المسلمون كراهية العمى!.
والحال أن الملف الحقيقي والعاجل والذي من المفترض أن يعرض على البابا شنودة ليتحمل مسئوليته الدينية والروحية والأبوية والوطنية تجاهه، هو تنامي التطرف الطائفي المسيحي في مصر، والذي بلغ حد التصفية الجسدية لمسلم تزوج مسيحية بعد اسلامها ، في عملية استخدمت تكتيكات عسكرية بالغة الدقة والحرفية، وبطريقة جعلت الخبراء المصريين يتوقعون وجود مليشيات مسيحية مسلحة ومتطرفة، بدأت تحل محل مليشيات الجماعات الإسلامية الجهادية التي ظهرت في العقدين الأخيرين من القرن الماضي (العشرين)، فضلا عن انتشار مؤلفات مسفة ـ وباسماء وهمية ـ تتعمد الإساءة إلى المسلمين في عقيدتهم ونبيهم وفي وطنيتهم باعتبارهم "بدوا" و"عربا غرباء" عن مصر، ما جعل كل مواطن مسيحي ـ في نظر شقيقه المسلم ـ متهما مفترضا، في منحى يستهدف تفخيخ البلد كلها بألغام طائفية قد تنفجر كلها في آن واحد عند وقوع احتكاك بسيط بين مواطن مسلم وآخر مسيحي. بالإضافة إلى انتشار فرق الاستفزاز المسيحي الطائفي، والذي بلغ حد طرق أبواب المسلمين الآمنين وهم في بيوتهم، ودعوتهم إلى اعتناق المسيحية..
وقبل أن أنهي مقالي .. أهدي البابا شنودة ـ وهو على سلم الطائرة ـ هذه "الواقعة" التي نشرتها "الدستور" يوم أمس 20 أكتوبر 2008:"
"ألقت مباحث أمن الدولة بالفيوم ظهر -أمس- القبض علي سيدة ورجلين أثناء قيامهم بتوزيع بعض المطبوعات المسيحية علي شقق المسلمين المقيمين ببرج التطبيقين بالفيوم، وكان سكان البرج غالبيتهم من المستشارين قد اشتكوا من قيام البعض بطرق أبوابهم مساء ليلة أمس الأول، وعندما فتحوا لم يجدوا سوي شريطًا بعنوان «التوبة المقبولة عظة» للقمص مكاري يونان، راعي الكنيسة الأرثوذكسية بكلوت بك بالقاهرة،إضافة إلي ملصق مسجل عليه الكنائس الإنجيلية بالفيوم بعنوان «أرني مجدك» باسم سامح موريس راعي الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة و«فريق الحياة الأفضل» يدعو إلي رؤية مجد المسيح في اجتماعات روحية تم عقدها بكنائس المعمدانية يوم أمس -السبت- كما يدعو للحضور والمشاركة، إضافة إلي مطويه بعنوان «يا بني اعطني قلبك».
وفي اليوم التالي كشفت مباحث أمن الدولة عن أن المتهمين هم سيدة ورجلان هما: «ر.ح» -57 سنة- إخصائي تصوير بالجامعة الأمريكية، و«هـ.ص» -62 سنة- موجه سابق بالتربية والتعليم، بعد الاشتباه فيهم، ثم اقتادتهم في سيارة ملاكي إلي مقر مباحث أمن الدولة بالفيوم للتحقيق معهم، وقد حدثت مشادات مع المتهمين الذين رفضوا الذهاب لمقر أمن الدولة، وهم الآن رهن التحقيقات.
وكانت مباحث أمن الدولة قد ألقت منذ أسبوعين بالفيوم القبض علي شابين مسيحيين يديران موقعًا إلكترونيًا بمنطقة مصطفي حسن بالفيوم، تخصص في الهجوم علي الإسلام، حيث تم إغلاق الموقع ومركز الإنترنت، وتم إصدار قرارات اعتقال بشأنهما". انتهى