قس قبطي: «عزازيل» مقتبسة من رواية «هايبيشيا» للمؤرخ الإنجليزي «تشارلز كينجز لي» والتي كتبها عام 1853
الفارق بين رواية لي ورواية زيدان أن زيدان أخذ فكرة رواية لي وحولها إلي العكس تماما وقدم صورة سيئة جدا لا صلة لها بالواقع ولا بتاريخ كنيسة الإسكندرية فالهدف منها تشويه صورة كنيسة الإسكندرية
السبت, 21 مارس 2009
هاني سمير - الدستور
فوز رواية «عزازيل» للكاتب يوسف زيدان بجائزة «بوكر» العالمية فتح من جديد ما أثارته الرواية من جدل داخل البيت القبطي المصري الذي لم يغلق حتي اليوم، فالرواية التي اقتربت من تابوهات الكنيسة المصرية، وتكشف عن فترة من التاريخ القبطي المبهم والغامض للكثيرين، وتكشف عن مجموعة من الرؤي والأفكار الصادمة للبعض، والمستفزة للبعض الآخر، الرواية التي أثارت الجدل قابلتها الكنيسة المصرية بتصريحات غاضبة، حيث اتهم القمص «عبد المسيح بسيط» - كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد وأستاذ اللاهوت بالكلية الإكليريكية- الرواية بأنها تنتصر لمن تسميهم الكنيسة بالهرطقة، وتوجه هجوما شديدا للكنيسة ورمزها القديس «مرقص».
واتهم «بسيط» رواية زيدان بأنها مقتبسة من رواية العالم والمؤرخ الإنجليزي «تشارلز كينجز لي» التي كتبها عام 1853 وترجمها إلي اللغة العربية الدكتور «عزت زكي» في الستينيات من القرن الماضي بعنوان «هايبيشيا» ونشرتها دار الشرق والغرب، :التي تدور أحداثها الرئيسية حول ثلاث شخصيات: راهب من وادي النطرون واسمه فليمون والأب كيرلس -عمود الدين بطريرك الإسكندرية الرابع والعشرين-، والشخصية الثالثة هي الفيلسوفة المصرية ذات الأصول اليونانية «هيباتيا».
وخص بسيط «الدستور» بملخص كتابه للرد علي الرواية قائلا: «أحداث رواية كينجز لي تدور حول أحداث العنف التي سادت بداية القرن الخامس الميلادي وهو نفس ما اقتبسه دكتور زيدان، وبصفة خاصة شخصياتها الثلاث الراهب والبابا كيرلس وهيباتيا وتتحدث عن نفس أحداث رواية كينجز لي نفسها، إلا أن الأخير ركز علي العنصر التاريخي وقدم شخصيات الأحداث في صورة أقرب إلي الواقع فقدم البابا كيرلس عمود الدين شخصا غيوراً علي إيمانه، ناسك في حياته، متقشفا في ملابسه، يحرص علي سلامة شعب الإسكندرية الذي رفض أن يقابل المسيحيين، الانتقام بالانتقام عندما أحرق اليهود عددا من كنائس الإسكندرية وقتلوا عددا كبيرا من المسيحيين، إلا أن البابا كيرلس رفض ثورة العامة ضدهم واكتفي بطردهم خارج أسوار الإسكندرية حفاظا علي حياتهم من ثورة العامة وحوَّل بعض مجامعهم إلي كنائس، أما عن الراهب في رواية كينجز لي -والحديث مازال للقمص بسيط- فهوالراهب الذي خرج من ديره ليتفقد أحوال الكنيسة في العالم الذي ظل محافظا علي رهبنته ونسكه وعفته وطهارته ولما عرف أن إحدي المحظيات هي شقيقته كاد يضحي بنفسه من أجل أن يحافظ علي عفتها ثم عاد بها إلي حياة التوحد في الدير وعاش «الراهب وأخته» حياة القداسة حتي آخر أيام عمرهما، أما عن هيباتيا فهي في رواية كينجز لي المفكرة والفيلسوفة والإنسانة التي برغم ثقافتها وعلمها فإنها ظهرت في نظر الراهب كالمرائية «التي تفعل ما لا تقول وتقول ما لا تفعل» خاصة عندما شاهدها تتآمر مع حاكم الإسكندرية ضد الإمبراطور، وأيضا عندما شاهدها في المسرح تتسلي في مشاهدة قتل 50 من الأسري الليبيين علي خشبة المسرح، ووجدها ترتدي ملابس تتناقض مع ما تعمل به فسقطت هيباتيا من نظر الراهب تماما ولم يرَ فيها سوي مرائية.
ويضيف القمص «بسيط» أن الفارق بين رواية لي ورواية زيدان، أن الأولي تقوم علي الفصل بين المسيحية كعقيدة سامية وشخصية السيد المسيح كإنسان فمدح المسيحية وانتقض سلوكيات بعض المسيحيين التي لا تتفق مع الفكر المسيحي السامي، أما رواية الدكتور زيدان فقد أخذ فكرة وشخصيات رواية «لي»، لكن بصورة مختلفة تماما فالهدف منها تشويه صورة كنيسة الإسكندرية وإنها الكنيسة التي أظلمت العالم وقدم الراهب الذي أعطاه اسم «هيبا» في صورة شخص ماجن بما لا يتفق مع كونه راهبا لم ير في المسيحية سوي قتل وعنف ودم وعندما ذهب هذا الراهب إلي الإسكندرية لمقابلة البطريرك، فإنه اتجه إلي البحر ولم يتجه إلي البطريرك وهناك قابل خادمة السيد الثكلي التي تدعي «أكتافيا» وعاش معها أربعة أيام وهو غارق في الشهوات والمجون وممارسة الجنس علي مدي أكثر من 50 صفحة من الرواية وجعل الأحداث تتطور براهبه ليتعرف إلي هيباتيا الفيلسوفة ويتمني أن يعيش معها كما عاش مع أكتافيا حتي يصل إلي الدرجة التي يكون فيها في قمة سعادته عندما يلقي بالصليب علي الأرض ويخلع ملابس الرهبنة ويتخلص منها، وبعد أن يستقر في أحد الأديرة القريبة من حلب يقدم له رئيس الدير «مرتا» المرنِّمة ليحفِّظها بعض الأناشيد الدينية فلا يهتم بذلك وتتحول العلاقة بينهما بدلا من تعليم الأناشيد الدينية وتسبيح الله إلي الانغماس في ممارسة الجنس وينتهي به الحال إلي أن يدفعه شيطانه «عزازيل» لكتابة مذكرات خلاصتها أن الخلاص هو ترك الرهبنة والمسيحية والذهاب خلف «مرتا» في حانات حلب، ويصور «هيباتيا» كأنها كائن سماوي هبط إلي الأرض من الخيال الإلهي، بل يصفها في الهيبة التي تخيلها في المسيح نفسه وراح يستفيض في شرح جمالها ووقارها حتي وصفها بالآلهة التي يحف بها البهاء وأنها قد خلقت من عنصر نوراني ووضعها كممثلة للحق والخير والجمال.
واستطرد بسيط قائلا : إن زيدان أخذ فكرة رواية لي وحولها إلي العكس تماما وقدم صورة سيئة جدا لا صلة لها بالواقع ولا بتاريخ كنيسة الإسكندرية، إنما ركز كل همه علي تشويه صورتها وعقائدها وكأن هناك «ثأر بايت» بينه وبينها مضيفا أن الجائزة التي حصل عليها يبدو أنها أعطيت له مكافأة علي موقفه من الكنيسة. وأنهي بسيط كلامه بأنه لا يشكك في الإبداع لكن الإبداع له هدف متسائلا :هل الإساءة إلي الكنيسة وعقائدها ورجالها وتصويرها بصورة أبعد عن الحقيقة بعد المشرق عن المغرب هو إبداع فني؟ سؤال وجهه القمص عبد المسيح بسيط إلي الدكتور زيدان ولمن أعطوه الجائزة.
---------------------------------