عرض مشاركة مفردة
  #35  
قديم 01-03-2005
محمد عبد المجيد محمد عبد المجيد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 60
محمد عبد المجيد is on a distinguished road
سنقتل الدعوة للعصيان المدني في مصر

كيف لصحفي مصري مغترب في النرويج.. بلد شمس منتصف الليل أن يدعو بمفرده للعصيان المدني ضد الرئيس حسني مبارك وأسرته وأعوانه، بل ويطالب بالقبض عليه ومحاكمته، ونحن هنا في مصر، قيادات سياسية وفكرية وثقافية تضرب الأرض بأقدامها فتهتز مصر من نيلها لبحرها، لا يستأذننا صاحب الدعوة، ولا يكون لنا نصيب في نجاحها، مع استحالة هذا النجاح، ونقف متفرجين على الرغم من أن حلم تولي السلطة من أحد أحزابنا وجماعاتنا وجبهاتنا هو ميثاق خفي لا نستطيع منه فكاكا؟
فليتقدم صاحب الدعوة للعصيان المدني إلى عشرات المنتديات والمواقع، ويرسل إلى كل الجامعات والمعاهد العليا وقيادات الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والاعلاميين المستقلين ورؤوس مثقفي الوطن، فلن نستجيب، وسندعي أننا لم نسمع عن هذه الدعوة، وسنقتله بصمتنا المريب، وسنعلمه درسا في اللجوء للكبار قبل البدء في مبادرة لو نجحت فستطيح بسيد القصر وقمم الفساد وحيتان النهب.
إننا سعداء بما نقوم به في تجماعتنا وصحافة المعارضة، فنكتب مقالا، ونقوم باحتجاج متواضع، وندعو لمظاهرة، ونطالب بتغيير الدستور بعد الاستفتاء فيضربنا السيد الرئيس على ظهورنا في اهانة متعمدة ويعلن أنه قرر تغيير مادة واحدة بشروط مجحفة وسحب البساط من تحت أقدامنا.
نعم نحن لا نريد تغيير الظلم، وراضون بالعيش في الوطن السجن، ونكتفي بلعبة المعارضة والحرية والاستقلال ومهاجمة أمريكا والدفاع عن المقاومة ونشر تحقيقات عن الفساد وتجاوز الأمن، لكن الاطاحة بالرئيس ومحاكمته وتحرير مصر من همجية الفساد والديكتاتورية ليست مهمتنا رغم أن تجمعنا واتحادنا من أجل مصر قادر على ازالة الحكم المستبد في ساعات معدودات.
العصيان المدني هو الحل الوحيد والنهائي والذي لن تستطيع أي قوى خارجية أو حماية للرئيس أن تفشله، لكننا، نحن مثقفي مصر وقياداتها الحزبية والسياسية والدينية والفكرية، نرفض رفضا قاطعا انهاء المسرحية التي نلعبها مع السلطة، فيبقى الرئيس سيفا مسلطا على رقابنا، ونبقى نحن معارضة حساباتها الخاصة وأموالها وبريستيجها في مصر مرتبطة بوجود المستبد.
فليبحث محمد عبد المجيد الصحفي المقيم في شمال الشمال عن مؤيدين وداعمين ومتعاطفين ومتحمسين وسيجد قطعا عدة أفراد لا يزيد عددهم عن أصابع اليدين والقدمين معا، وسنعلمه أن العمل من وراء ظهر القيادات الكبرى كفر بواح، ولن تتقدم قيادة فكرية أو ثقافية أو حزبية أو دينية أو نقابية واحدة لتدعم وتدعو معه للعصيان المدني ضد الرئيس حسني مبارك.
إن الرئيس يمنحنا بين الحين والآخر فرصة ادعاء الانتصار، ويستجيب لرغبة أو طلب كأنه موافقة على مضض نتيجة للضغوطات، لكنه في المقابل يرفض مئة طلب، ويضيق الخناق على شعبنا، ويعطي الضوء الأخضر لقوى الفساد في نهب ما تبقى من أم الدنيا.
سينشر رئيس تحرير طائر الشمال كل بياناته عن العصيان المدني في عشرات المواقع، لكنه سيتلقى كما هائلا من السخرية والتهكم والتندر التي تخرج من أعماق المواطن المصري اليائس والمحبط والغارق في همومه وعرقه ودموعه.
لقد حدد الثاني من مايو 2005 أي يوم شم النسيم بداية العصيان المدني في تجمهرات تجوب مصر كلها، ثم يبدأ فعل العصيان في اليوم التالي، ونحن، قيادات مصر الفكرية المعارضة والتي تنضوي في تسعة عشر من الأحزاب فضلا عن المستقلين وعمالقة الكتاب قررنا أن نلقنه درسا في التعامل مع الكبار، وأي محاولة للقفز فوق أدوارنا المرسومة لنا لن نقبلها، فالقضاء على حكم مبارك وتولي قيادة وطنية مستقلة وشريفة ونزيهة حكم الوطن سيقضي على امتيازاتنا، فإذا كان الرئيس يعيش على الارهاب والاستبداد والفساد، فنحن نعيش على المعارضة كمهنة تدر علينا أيضا امتيازات وألقاب الوطنية والشرف والشجاعة والجرأة.
سنجعله عرضة لكل أنواع السخرية، وقد شاهدها بأم عينيه في مواقع ومنتديات عدة وقرأها في رسائل وبريد الكتروني وأكثرها يرفض الحرية والانعتاق والمجهول، ويرى المصريون أنهم أقل كرامة وشأنا من اللبنانيين والتوجويين والفنزوليين والأكروانيين وغيرهم.
نعم قرأنا عن العصيان المدني وهي دعوة لم يقم أحد كبار قياديينا بتبنيها أو اطلاقها، لذا فسنقتلها في المهد حتى لو كان خلاصنا وحرية الوطن يحددها يومان أو ثلاثة مع بداية الثاني من مايو.
إن بامكاننا أن نجتمع على قلب رجل واحد، ونتبني الدعوة للعصيان المدني، ونخصص أعدادا من صحفنا ومطبوعاتنا لتنظيم الدعوة وتنسيقها والترويج لها ونشر فكر الحرية والتمرد والتذكير بجرائم الرئيس حسني مبارك في أربعة وعشرين عاما، وأن نلقي خلف ظهورنا مباديء الطائفية والتحزبية والشللية وما يجمعنا كجماعات صغيرة أو كبيرة تنتمي لايديولوجية متشابهة لنذوب في الوطن مرة واحدة، لكننا لن نفعل لئلا نتعرى أمام الجميع، وينكشف زيف المثقف المصري، ويفضح العهد النظيف الجديد أفكارنا المهلهلة والممزقة والقائمة على مصالح شخصية وأنانية.
إن صاحب الدعوة للعصيان المدني يريد تحريرنا دون إذن منا أو موافقة صريحة أو ضمنية، لكننا نرفض أن ينسب الشعب المطحون نجاح العصيان لأحد غيرنا، ونتحداه أن يلبي الدعوة عشرون أو ثلاثون أو خمسون متحمسا، وستبقى الملايين رهينة أسر السلطة والمعارضة.
ستموت الدعوة للعصيان المدني قبل الثاني من مايو 2005، وسنبقى نحن قيادات المعارضة الحزبية والفكرية والاعلامية والدينية والثقافية والنقابية والطلابية جزءا من النظام حتى لو بدا الأمر كأننا في الجانب المقابل والمواجه والمناهض.
إننا سعداء بالعبودية المختارة، ومبتهجون بأكبر درجات الذل والمهانة، ومستعدون للتفاوض مع الرئيس على أن يقدم بعض التنازلات مقابل صمتنا على نهب الوطن وضياع خيراته ورسم مستقبل اسود لأبنائنا وأحفادنا.
فلبتركنا صاحب الدعوة للعصيان المدني ننظم مظاهرة هنا، ونعترض على استحياء هناك، ونرفع راية النصر في معارك وهمية وانتصارات خيالية، وأي مساس بعبوديتنا المختارة مرفوض رفضا قاطعا.
نؤكد هنا، نحن كبار مثقفي ومفكري وحزبيي وسياسيي مصر، أننا تابعنا الحملة من أجل عصيان مدني في الثاني من مايو يعصف بالحكم الارهابي للرئيس حسني مبارك، وقد قررنا دون أن نتشاور أو نتحاور أو نتفق شفويا أو كتابة اطلاق رصاصة الرحمة على الدعوة في مهدها، فالقضاء على الرئيس حسني مبارك وتحرير مصر والافراج عن المعتقلين وادخال الديمقراطية ومطاردة الفساد وكشف عورات النظام المستبد وفتح أوراق الوطن في العقدين الأخيرين سيجر علينا ويلات أكثر مما ستلحق بأسرة مبارك، لذا سنلتزم الصمت تجاه الدعوة للعصيان المدني، وسنستلقي يوم الثاني من مايو على أقفيتنا من الضحك، نحن قيادات المعارضة والنظام، عندما نكتشف أن عدد الذين استجابوا للدعوة يكفي لوضعهم في تخشيبة ضيقة لأحد أقسام الشرطة، وأن حلم استجابة الملايين للانعتاق والتحرير وتنظيف الوطن من ناهبيه وهباريه وحيتانه وسادييه كان أحد أضغاث أحلام مغترب لا يعرف قواعد اللعبة في مصر بين المعارضة والحكومة، وبأننا نفضل أن يصفعنا الرئيس كل يوم لست سنوات قادمات عن أن نستجيب لدعوة العصيان المدني.


محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Fax: 0047+ 22492563
الرد مع إقتباس