اللغز هنا في جماهير المسلمين الذين كانوا يؤكدون أن أمريكا ستغرق في المستنقع العراقي وفى الوقت ذاته كانوا يتكالبون على شراء الدنانير العراقية بعد الغزو، لأن دواخلهم تعلم أن العراق سيكون له شأن يرفع من قيمة عملته بالغزو. وهو خداع عظيم للنفس وكذب على الذات وعقل مثقوب معطوب ونفس تعاني مرضا عضالا، نشتري الدنانير العراقية استثمارا ونعطى 96% من أصواتنا تأييدا لمجازر القاعدة في العراق «حسب قناة الجزيرة»؟. أترون أين مصيبتنا.. مصيبتنا هي نحن، نحن البعيدون عن المجازر لا ينالنا منها شيء، بل ننال الخير الوفير بالتجارة بأموال العراقيين، وما علينا لو مات آلاف العراقيين! وما علينا لو ذبحوا الأبرياء كالنعاج! لأننا نعلم أن كنزنا سيثمر آجلا أم عاجلا، إن نسبة التصويت المذكورة لصالح المجازر رسالة للعالم كله تجعلنا جميعا أمة معطوبة تشكيلها إنسان شرير انتهازي لا تقع عليه وحده نتيجة شره، بل تلحق بالمسلمين البسطاء الذين لا يفهمون ما يقول لهم أشاوسنا ومثقفونا سوى أن جز الرقاب هو الإسلام.
أما الأشد فرزا لمرارة الحلق والروح فهو موقف المصريين المثقفين ضد حكومة العراق بحسبانها حكومة عميلة للاحتلال، رغم اعتراف الجامعة العربية والأمم المتحدة بها، والأشد إثارة للفزع هو عدم تحرك العاطفة المصرية المشبوبة والمعلومة تاريخيا في شعبنا المصري، عندما كان المصريون يذبحون على شاشات التلفزة وأحدهم يقفز بين يدي جلاديه كالدجاجة المذعورة أمام القصاب، والآخر يقطعون لسانه حتى لا ينطق بالشهادتين، وهو ما يشير إلى تمكن فيروس الإرهاب من الناس، وهي كارثة تحتاج إلى فورة إعلامية وتعليمية على طريق الإصلاح، ولدينا يا سادة ورب العزة روشتات سبق نشرها في هذه المجلة ومازال منها رصيد عظيم لعلاج ما يحدث، جاءت بعد جهد زمان وإفناء العمر والسنين في قضية الوطن.
وقسما بالله العظيم لا نريد منكم منصبا ولا نطمع في جاه ولا حتى شكورا، إنما هو لوجه وطن عزيز يعيش فيه مواطن كريم. نرجوكم سادة بلاد المسلمين لا تجعلونا نتصور - حاشا لله - أنكم تروجون لهذه العقلية وتحمون أصحابها لتوظفوها لخططكم تضليلا لشعوبكم وتجييشا لها لتتوافق مع ديمومة استئثاركم بشتى ألوان السلطة. هل تتصورون ماذا يمكن أن يفعل العالم الحر وعلى رأسه أمريكا؟! إن بعض دهماء مثقفينا والمعتوهين من منظرينا يتحدثون عن أبطال الفلوجة وما فعلوا أمام أعظم دولة في العالم، دون أن يفكر هؤلاء لحظة، لو كانوا يفكرون، أن أمريكا كانت قادرة بالضغط على زر صغير على إزالة الفلوجة من خريطة الأرض للأبد، خاصة بعد أن غادرها 80% من المدنيين، لكن الحرص على بقية أهاليها الرهائن في الداخل دفع أمريكا لخوض معارك مواجهة من بيت لبيت، بينما لديها من أدوات الفتك ما يقيها خسارة جندي واحد.. ثم ماذا لو كانت أدوات الفتك هذه بأيدينا نحن! ترانا ماذا كنا فاعلين؟! هل كنا إخلاصا للسلف سنفعل فعل خالد بن الوليد في قبائل بكر بن وائل العراقية فنذبح منهم ما شئنا ترطيبا للقلب وراحة للنفس الكارهة، أم ترانا كنا سنفعل معهم فعل سعيد بن العاص مع أهل مدينة طميسة بالإبادة التامة؟!.
سادتي أهلي وناسي، سلاطين وعمائم وكاسكيتات وشعوب، إن هذا العالم الذي نحاربه ونحرص عليه ونكرهه سبق وضحى بأربعين مليون إنسان ليحمى حرياته التي لا نفهمها وهم أحرص عليها من حرصنا على إسلامنا، بل إن تاريخنا يشهد أن هؤلاء باعوا إسلامنا بعرض الدنيا في أول فرصة منذ زمن الصحابة الكرام الذين باعوا كما باع ابن عم الحسين الحفيد النبوي لقاء حفنة مال، لكن هؤلاء القوم يبيعون كل شيء عدا حريتهم، لقد صارعوا الشيوعية مع وجود ندية نووية وترسانة صاروخية وتكافؤ علمي حتى انتهى المعسكر الشيوعي فى النهاية.
وسبق أن دفعت ألمانيا لليهود على مدار عشرين سنة تعويضات هائلة، وهاهي ليبيا تحذو حذوها دفعا لتعويضات عظيمة، فترى كم سندفع لضحايا البرجين عندما يبدأ الحساب؟! وكلنا يعرف أنهم قد حصلوا على حقوقهم ويعرفون كيف يحصلون عليها وأنهم على ذلك قادرون، فهل من عاقل فيك يا أمة العربان؟ هل من مستمع؟. أناديكم ولا أشد على أياديكم، أناديكم علكم من سكرات أساطيركم تفيقون، لأن لكل منا أولادا نريدهم أن يعيشوا زمنا آخر وحضارة أخرى لنموت قريري الأعين، راضين عما استطعنا حجبه عنهم من شر وما أمكننا تقديمه لهم من خير.. فهل أنتم منتهون؟! أم أننا ننادى في قوم قد التاثوا سعارا ليقتلوا ويقتلوا ولا علاج لهم سوى الفناء؟!. وهو على قدرات أمريكا هين وليس بعسير؟! وهو الأسهل للإنسانية جمعاء كي تتفرغ لعلومها وحضارتها وتقدمها دون شعوب تأكل وتشرب على حساب الإنسانية وتستجدي قوتها من الأقدر ولا تصدر له سوى الكراهية والخراب! تراكم لو كنتم مكانهم ماذا كنتم تفعلون؟! سؤال كل منا يعرف جوابه.
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|