21 – مزيد من الانشغال في الخدمة يمنعني من متابعة الأسرة .
في الوقت الذي قررت فيه الذهاب إلى الاسرة لمعرفة آخر أخبارها ، فوجئت بالكنيسة تكلفني بمتابعة حالة شاب (معدنه طيب جداً) وحيد لأم أرملة مسكينة ومسنة ، متقدم بطلب اشهار اسلام رسمي في المديرية ، ليتمكن من الزواج من فتاة مسلمة يحبها بجنون ،وأن البنت المسلمة أخلاقها جيدة جداً ، ولها علاقة بالمسيح قبل أن تتعارف على هذا الشاب ، وانها انتهزت تعارفها عليه ليعبر بها إلى المسيحية ، لذلك طلبت منه أن يقدمها للكنيسة لتنال المعمودية ، الأمر الذي جعل الشاب يتعلق بها أكثر ، وعرض موضوعها على الكثير من الآباء الكهنة ، لكنهم خافوا لئلا يكون في الأمر ملعوباً .
فزين له الشيطان أن يشهر إسلامه ليتمكن من الزواج بها ، وبعد ذلك (يعمدها) ناسياً أنه سوف يحل مشكلة بمشكلة أكبر وأخطر.
فذهبت إلى بيته ، فلم أجده ، بل وجدت أمه المسكينة ، وكانت شبه كفيفة ، فلم أشاء أن أخبرها ، وعرفت أنه يتردد على مقهى ، فذهبت للمقهى ولم أجده ، لكنهم أخبروني بأنه يتردد يومياً على المقهى وأحياناً يأتي في ساعة متأخرة من الليل ، فانتظرته من الساعة الرابعة عصراً حتى العاشرة ، وما أن عرف أني قادم من البطريركية حتى شتمني وتشاجر معي في القهوة ! وكادت تحدث كارثة لولا ستر ربنا ، واحتملته بطول اناة لأني رأيت (خير كبير) مختبيء خلف شرروه الظاهرة ، وأخيراً بدأ يلين معي ، وأغلقت القهوة فانتقلنا إلى كورنيش النيل حتى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وظهر الخير فيه عندما بكى ، وحرر (طلب عدول) مقدم لمديرية الأمن ليلغي طلب إسلامه
22– إعداد بعض حالات الارتداد العائدة ، للمعاونة في الخدمة !!!
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد ، بل تعداه أنه صار صديق لي ، بل وعرض علي القيام باعمال معاونة في الخدمة !!! فوافقت ، وصار هذا الشاب هو أول معاون لي في الخدمة من حالات العدول ، وكان ذلك بترتيب إلهي عجيب، لأن الاستعانة بهذه الحالات بعد التأكد من صدق توبتها ، ومناسبتها للخدمة المعاونة، له فوائد عظيمة ، ويمكن من خلالهم الوصول للعديد من الحالات التي لا أعرف شيئاً عنها، والأمر نفسه ينطبق على الجانحين جنائياً ، وقد جاءت النتائج مشجعة ، الأمر الذي فتح شهيتي لهذا النوع من الخدمة والذي كنت أسميه ( خدمة اللي منه فيه ) !!!
فعن طريق مسجل خطر واحد ، توصلت إلى خمسة مسجلين خطر !!! وعن طريق ثلاث شباب مرتدين عائدين تعرفت على ثمانية مرتدين ينوون الرجوع لكن بحاجة لتشجيع ، وعن طريق سيدة مرتدة عائدة ، تعرفت على ثلاثة مرتدات لديهن قبول طيب للعودة ، وهكذا ..
وهي عملية ليست سهلة لعدم خلوها من مخاطر الاختراق ، لذلك فكانت تتطلب ذكاء روحي وعقلي ورغم أنني انسان ( فهمه على قده) إلا إن الرب قد منحني ذكاء خارق في خدمة الحالات الخاصة ، ولم أتعرض لخداع من أي حالة إلا ثلاث مرات فقط ، أي أقل من 1 % من إجمالي عديد الحالات التي أتابعها ، ولم تكن حالات اختراق ، بل حالات نصب واحتيال ، وقد أدت قوة ودقة ملاحظاتي إلى الشك فيها ، وإعادة البحث والتقييم حتى اكتشفت حقيقتها ، وكان أبونا أنسطاسي يقول لي :
المفروض إن أنت بالذات محدش يقدر يضحك عليك !!!
23 – جل من لا يسهو !!!
لكن طبعاً جلَّ من لا يسهو ، وكثرة الأعمال تخلف ورؤها الأخطاء ، لكن المهم هو أن تكون اخطاؤنا محدودة ، ونخرج منها بأقل الخسائر الممكنة ، مثل هذا الرجل (الخارق الذكاء) والذي جاءني البطريركية ومعه خطاب توصية من أب كاهن يفيد أنه مرتد نازح من الصعيد ، ومتزوج من مسلمة ، ويريد الطلاق منها ، والرجوع للمسيح ، وكان الرجل فعلاً من الصعيد ، ومتزوج بالفعل من سيدة مسلمة تقيم في الصعيد ، ويريد الطلاق منها بالفعل ، لكن الصحيح أيضاً أنه مقيم في القاهرة منذ سنوات طويلة ، ولديه زوجة مسلمة أيضاً ، وله منها ستة من الأبناء !!
وجاءني الرجل بملابس متربة ، ويعتمر عمامة كبيرة ممزقة ، وله شوارب يقف عليها الصقر ..
ويتحدث بلهجة صعيدية متقنة ، وأبلغني أنه يريد أن يبدأ حياته من جديد ، ورفض أن يأخذ أي مساعدات مادية ، وقال أنه صعيدي دمه حار ويعمل في الفاعل ولا يمد يده للكنيسة بل يساعدها ! وبعد حصوله على طلاق من زوجته الثانية ، ألتحق بالعمل كخفير في أحد المخازن ، ثم تعرف على أرملة واستمال قلبها إليه ونصب عليها في بعض المبالغ ، وتعرف على زوجة خفير واستمال قلبها إليه ونصب عليها أيضاً ! وبدأت أشعر بشكوك نحوه ، فأوقفت اجراءات رجوعه ، وظللت اجمع المعلومات عنه ، حتى عرفت أنه يملك بيت في (أطراف القلج )، فباغته بالذهاب إليه ، وواجهته بكل أعرفه ووبخته على أعماله ، وهنا أظهر حقيقة وجهه القبيح ، فتصديت له ، ثم حذرت الجميع من التعامل معه ، وعاتبت الأب الذي أرسله لي بخطاب كنسي ، وأخذت درساً إضافياً في وجوب الاحتراس ، وعدم الانسياق وراء العواطف .
24– مجرم ولكن !!!
انهيت كل ما في يدي وقررت الذهاب للأسرة لتفقد أحوالها ، لكن جاءني خبر مثير من معاوني في خدمة الجانحين ، مفاده قيام معاون مباحث في أحد أقسام الشرطة بمساومة قبطي جانح ، ومسجل خطر على الامن العام من الفئة أ ( مقاومة سلطات ، إحداث تلفيات في ممتلكات عامة ، سرقة بالإكراه ، شروع في قتل ، إحداث عاهات مستديمة ) ، على اعتناق الإسلام مقابل اخراجه من آخر قضية حوكم فيها غيابياً ( لوجوده داخل المعتقل ) بالسجن لمدة عشر سنوات سجن ، لكن المسجل الخطر فجر مفاجأة من العيار الثقيل في وجه معاون المباحث حينما قال له: أسمع يا بك ، أنا فعلاً مجرم وحرامي وقتال قتلة ، لكن مش ممكن أبيع ربي (!!!) ، علشان لأن اللي يبيع ربه سهل عليه يبيع شرفه ، وانا راجل ، مش ......؟!!!
فاهتتمت جداً بهذا الموضوع ، وكان لابد من مقابلته لتقديم المساعدة القاونية له مكافأة من الكنيسة.
25– اول اجتماع روحي مع المسجلين خطر على سطح القسم !!!
كان (ت) منذ الإفراج عنه من المعتقل ، موضوع تحت المراقبة ، أي يتواجد في القسم من الغروب للشروق ، ونظراً لضيق غرفة الحجز ، قرر المأمور بناء اكشاك خشبية للمراقبين على سطح القسم ، وهو نفس الموقع الذي يبيت فيه أفراد قوة الحراسة النازحين من الأقاليم ، فقررت الذهاب إليه ولقائه على سطح قسم الشرطة ، غير مهتماً بخطورة مثل هذا الفعل الجسور ، وخصوصاً وأنا لا أحمل بطاقة شخصية !! وعندما التقيت به جلست معه جلسة روحية ، وكانت المفاجأة إنني وجدت ثلاثة أقباط آخرين !! مسجلين خطر وموضوعين تحت المراقبة مثله ، والأغرب أنه انضم إلينا جانحون مسلمون !!! فتحدثت عن محبة السيد المسيح للمنبوذين والخطاة ، فكان أول اجتماع روحي / تبشيري في تاريخ الكنيسة المعاصر يتم انعقاده على سطح قسم شرطة ، ولمجرمين مسجلين خطر على الأمن العام ، وشاع عني (الخادم الذي يحبني موت!) بأنني مجنون ومعقد نفسياً ، وأشكل خطورة شديدة على الكنيسة بسبب جراءتي ، وشخصيتي الاقتحامية ، وانني وسخت الكنيسة بحالاتي !!!!
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|