لماذا يحدث فى الوطن بالذات ان يستمر حكامه فى السلطة لعشرات وعشرات السنوات؟ ولا يتزحزحوا عنها الا بالاسباب الطبيعية؟ وأمامنا اسرائيل تغيير حكوماتها ورؤسها وأحزابها، حين تستدعى المصلحة العامة ذلك، ولماذا لم نسمع فىالوطن ان وزيرا او خفيرا قدم استقالته أو أنتحر، او ان وزيرا أو خفيرا قدم للمحاكمة، وأمامنا فى الدنيا رؤساء دول يقدمون للمحاكمة والمحاسبة؟!. لماذا فىالوطن بالذات يوجد مجتمع بيضحك على نفسه ويتخيل ان عنده مدارس وتعليم وأعلام يرشد وجامعة تفكر، ومصانع تنتج، وديمقراطية تمارس والحقيقة مره، بل اننىازعم ان الوطن أعجوبة الدنيا هو البلد الوحيد الذى يهدر سنويا 6 مليارات من الجنيهات فى الدروس الخصوصية والنتيجة صفرا كبيرا فى التعليم، والبلد الوحيد الذى تسقط فيه الأتوبيسات من فوق الكبارى ويقتل العشرات نتيجة الأهمال والتسيب، وأكاد ازعم ان عدد ضحايا الكوراث نتيجة الأهمال والتسيب وخراب الذمم من حوادث قطارات واتوبيسات وسيارات يفوق عدد قتلى الحروب التى تحدث حولنا، فحوادث السيارات فقط وصل ضحاياها إلى اكثر من ستة الآف قتيل سنويا. ولماذا فى الوطن بالذات لا تتم محاسبة التاكسىعلى العداد! بينما فى الدنيا هناك عداد يتم الدفع على اساسه؟! بل لماذا تسير سيارات النقل الثقيل على شمال الطريق؟! بينما فى الدنيا كلها تسير على يمين الطريق؟! لماذا فى الوطن بالذات تسير السيارات فى الشوارع بدون سائقين وبدون ارقام وبدون أنوار؟! لماذا فى الوطن بالذات تعطى رخصة القيادة لكل من هم ودب من الجهلاء والأميين والأجلاف تحت شعار أكل العيش، لماذا فى الوطن يقف عسكرى المرور ينظم المرور بيده الشمال، ويفتح يده اليمين للسائقين؟!
لماذا ينفرد الوطن بالذات بخصوصية موت الناس بالسقوط فى البالوعات؟! وبالضجة والأزعاج فى الشوارع، فالجميع يستعمل الميكروفونات فى المساجد، فى المدارس، مع الباعة الجائلون، فى المسارح، الجميع يزعقون بالصوت العالى والكلاكسات منتهى الفوضى، واصبح اسلوب الحوار بين الناس فى الشارع تبادل شتائم الاب والأم بالصوت العالى. هل شاهدت فى الوطن أم الدنيا دورة مياه عامة نظيفة فى اى هيئة حكومية تقدم للناس خدمة يومية؟!
فىالوطن لا يسير احد على الرصيف ولا يعبر احد الشارع من الأماكن المخصصة، وتستطيع ان ترمى اى شىء فى الشارع حتى ولوكانت كرامتك. والناس فى الوطن تحتفل بالأعياد الدينية بوضع الزينات والاضواء على المساجد والمنازل، وسط الزبالة والأوساخ التى تملاء الشوراع، ولا يفكر احد فى العمل على إزالتها، فتسطع الأضواء فوق الأوحال، وتزعق الميكرفونات بالآذان والأبتهالات الدينية وسط اكوام الزبالة التى تحيط بالمساجد نفسها! لماذا نلجأ إلى المحسوبية والواسطة والمجاملة والرشوة عندما ندخل اى هيئة حكومية لأمر من الأمور! لماذا فى الوطن بالذات عندما ندخل اقسام الشرطة، والمحاكم وهى رموز وقلاع حماية القانون نلجأ إلى كل الحيل حتى الرشاوى لأنهاء أعمالنا! لماذا تسعى اجهزة الاعلام الوطنية إلى السيطرة على العقول بالتعتيم والتمويه والتخدير بالتسلية بدلا من التوعية والتنوير.
لماذا فى الوطن بالذات كل شىء ممكن، وكل شىء جائز، والحياة سبهلله والحكام قبل الناس لا يحترمون القوانين، وكل واحد يفعل ما يريد، فممكن فى شارع الوطن ان تنام وتتبول وتأكل وتبيع وتشترى، وتتزوج وتخلف...، ممكن تفعل اى شىء، والحكام ايضا يفعلون ما يريدون يسدون الشوراع ويحولون المرور، ويسجنوا الناس فى الطرقات حين تمر تشريفة اى عظيم. لماذا فىالوطن بالذات تكون نتائج اى أنتخابات بالأجماع؟ لماذا فىالوطن تمتد الأجازات الرسمية وأجازات الأعياد طوال العام، وإذا نزلت فى اى شارع فى اى مدينة فى وقت يفترض فيه انه ذروة العمل، تجد الشوارع تفيض بالناس وقتها من حقك ان تتساءل هل هناك أجازة كل يوم؟! لماذا؟ ولماذا؟ولماذا فى الوطن بالذات كل كلام الحكام وطنية وكلام الآخرين تشكيك وخيانة. لماذا فى الوطن يعلن فيه دائما ان كل شىء تمام، بينما كل من يملك عينين يشاهد الفقر والجهل والمرض واضح وضوح الشمس فى شوارع المدن وازقة الريف وعلى وجوه الناس؟!، هل الحياة فى الوطن اصبحت نوعا من العبث، تقارير التنمية البشرية العالمية تقول بوضوح ان الوطن يتراجع إلى الوراء متحدية جميع الارقام والأنجازات الرسمية، يعنى هناك مسافة ضخمة متزايدة للغاية حتى نلحق بركب التقدم، هل الوطن صحيح هو أم الدنيا!؟ هل لديكم إجابة؟! هل يمكن للوطن ان يدخل القرن التاسع عشر، وليس الحادى والعشرين مع سيادة الاهمال واللامبالاه، وعدم الجدية، وعدم المساءلة، وضعف مبدا الثواب والعقاب، وتلوث الهواء وتلوث البيئة والتلوث الصوتى والفنى والفكرى والعلمى، وحوادث القتل الخطأ، وترويع المواطنين وغياب المسئولية وضياع الحقيقة، هل يمكن ان نضيىء شمعة فى الوطن؟! الناس فى الوطن خضعوا منذ الاف السنين وحتى الان لكل انواع الاستبداد والقهر السياسى والأجتماعى والاقتصادى والفكرى، وفقدوا القدرة على الفعل الحقيقى، واصيبوا بخراب داخلى نتج عنه كل السلوكيات السابقة، التى تستلزم مواجهة حقيقية بتفعيل واصلاح النظام السياسى والتعليمى. واخيرا لماذا هذة الصورة السوداء هل هى الحقيقة؟ او هناك احتمال ان اكون اصبت بالأكتئاب الشديد من الهم العام، وبدأت امارس الخرافة!! هل أحترفت اليأس؟ هل انتحر التفاؤل، هل هناك أمل؟!
|